مدينتا الليل والنهار!!

عبدالرحمن بجاش


 - ذات صباح قبل سنين كلفت بالذهاب إلى الصديق المهندس أحمد عبدالعزيز - كان يومها وكيلا لوزارة البلديات - لإجراء مقابلة حول شؤون وشجون التخطيط ظل الرجل
عبدالرحمن بجاش –

ذات صباح قبل سنين كلفت بالذهاب إلى الصديق المهندس أحمد عبدالعزيز – كان يومها وكيلا لوزارة البلديات – لإجراء مقابلة حول شؤون وشجون التخطيط ظل الرجل يشرح ويشرح وأنا أستمع ودعته نشرت المقابلة استدعاني قابلني ضاحكا : تصدق بعدما خرجت قلت : «آذا مو عمل» بلهجة الأعروق – كنت أسمع ولا أكتب – فظل ينتظر النتيجة كان الذهن لا يزال فضاء رحبا وإلى اللحظة كلما يلقاني يمتدحني وأنا أحترمه : لقد كتبت أنت كل ما قلته أنا!!
ما لا يزال في الذاكرة ما شكا لي منه بمرارة : كنا نضع المخططات فنفاجأ بحواري وقد وجدت بقدرة قادر نعرف ذلك من المواطنين الذين يأتون للمطالبة بخدمات وذكر لي اسم حارة النور يومها قال : عندما عدت إلى الخارطة وجدتها مكان حديقة!! من يومها ترك أحمد البلدية وتحولت صنعاء من يومها إلى العبث الذي نراه!!
لو صعدت إلى إدارة جامعة العلوم والتكنولوجيا وجلت بنظرك يمينا وشمالا سترى عجب العجاب المسمى اختصارا «مدينة الليل» التي توالدت كما تتوالد الأرانب بيوتا صغيرة لن أسهب في شرحها فكلنا نراها ونمتع أنفسنا بمنظرها يوميا!! ولا يزال التوالد مستمرا وقد وصل إلى الجبال التي تعلو الشارع الدائري الذي نحر جبل عصر من الوريد إلى الوريد.
الآن نحن أو صنعاء أو سكان كوكب المريخ نستقبل جميعا مواليد مدينة النهار هذه التي تطل بوجهها الجميل من عرض الجبل الذي تتربع على سقفه مدينة الريان التي تطل من حولها فوهات المدافع بدلا عن أشجار وورود!! هؤلاء الذين حول لهم القادة من لبنة أو لبنة ونصف وكل واحد وشطارته من حقهم أن يحصلوا على السكن لكن ليس بأسلوب المراضاة والكسب الشخصي بل بتخطيط أراضي الدولة التي نهبت ولا تزال وتبنى لهم مساكن فهم جنود من حقهم على الدولة أن تؤمن حياة أطفالهم لكن – للأسف الشديد – هناك في شمالها وفي جنوبها منú يحولهم إلى مجرد «نهابة» في نظر الناس الذين تنتهك أعينهم بالمنظر الصادم لمدينتي الليل والنهار اللتين تحتاجان إلى خدمات وخدمات من كهرباء إلى أسفلت إلى «مجاري» وتخيل كيف ستصل إليهم فإذا كنا في بيت بوس ونحن على الأرض المنبسطة نسكب مخلفاتنا في حفر فكيف سيتصرفون هم¿
مدينتا الليل والنهار انعكاس للعشوائية التي جعلت قادة عسكريين يتحولون إلى مدراء بلدية وأصحاب أسواق!! وآثار ما اعتبروه كسبا لجنودهم سنعاني منها إلى يوم القيامة!! وقريبا أبشروا بمدن السحور والفجر والصبح والضحى وقبل الظهر وبعده لذلك نقول يا رب اشهد على هذا العبث الذي ينهب حياتنا ويا رب السماوات والأرض شلنا أو شلهم.

قد يعجبك ايضا