(متفيد) بالفطرة
معين النجري

معين النجري –
هل اليمني كائن متخلف وجبان ومتفيد بالفطرة أم أن هذه الصفات ليست حكرا على أبو يمن ويمكن أن نعتبرها سمة تميز العربي ¿ ..ربما
لكن الثورة /الأزمة التي عاشها اليمن خلال العام الماضي ومازال كشفت لنا صورا وشخصيات كنا نعتقد أننا قد تجاوزناها بعامل النهضة التقنية العالمية التي جعلتنا نعايش المجتمعات الأخرى واكتشفنا عمق الهوة التي تفصل بيننا وبينهم في طرق التفكير وآداب التعامل مع محيطنا وكيف نمارس الحياة باعتبارنا كائنات متطورة تستطيع أن تفكر قبل أن تتخذ القرار.
لقد نجحت الأزمة/ الثورة في كسر قدسية الرجل الأول في أي مؤسسة أو وزارة ومكنت الموظف البسيط من رفع صوته في وجه أكبر رأس في مرفق العمل ومطالبته جهارا نهارا بحقوقه. ونجحت أيضا في تقييد المسئولين ولم يعد بإمكان أحد أن يتخذ إجراءات تعسفية ضد الموظف الغلبان, ليس لأن القانون حضر فجأة وفرض سيطرته على القائد والمقود ولكن لأن بإمكان هذا الغلبان أن يجمع حوله عددا من زملائه الغلابة _وما أكثرهم_ ويزف (أكبر رأس) في الوزارة أو المؤسسة إلى الشارع تحت شعار (ارحل) و (يسقط الفساد).
وما أسهل تصوير الزفة لتكون بعد دقائق على شبكة الانترنت وشاشات الفضائيات وتصبح الفضيحة بجلاجل.
هذا الجانب الجيد من نتائج الثورة/الأزمة رغم أن هناك من يستغل مثل هذه الأجواء والشحن الثوري الذي امتلأ به الجميع اليوم لتصفية حسابات شخصية مع أشخاص قدر لهم أن يجلسوا في هذه الفترة الحساسة على كرسي المسئولية .
أما الجانب البشع جدا أو الفضائحي لنتائج أحداث الربيع العربي بنسخته اليمنية فيتمثل في تنمية الروح الانتقامية العمياء عند المواطن الذي يتحول في لحظات من رجل ثوري أو صاحب حق إلى مخرب ونهاب ومتفيد … إلى نيرون جديد, غير أن نيرون كان يدرك ما يقوم به أما أصحابنا فيخربون و ينهبون مؤسساتهم ووزاراتهم ويهدونها على رؤوسهم ورؤوس زملائهم بجهالة وغباء منقطع النظير. وتكتمل فصول الحماقة عندما تجدهم يتحدثون بانتشاء المنتصر عما قاموا به من تدمير وتخريب لمقرات أعمالهم ولقمة عيش أبنائهم معتقدين أنهم بفعلتهم هذه قد هزموا رئيسهم في العمل والحقوا به خسائر فادحة, في حين قد يكون هو الرابح الوحيد من كل هذا العبث .
تكررت هكذا كوارث في عدد من المرافق الحكومية وتم تلافي وقوعها في مرافق أخرى.
وحين تحاول أن تذكر أحدهم بأن هذه أملاك عامة وإننا أول من سيكتوي بنار فعلته يأتيك الرد(نحرق أبوها على الكل).
يقول ذلك تحت تأثير الشحن الثوري أو مرارة الظلم الذي يتجرعه في مقر عمله سواء من قبل القيادة العليا في العمل أو القيادات الوسطية . لكنك قد تجده بعد الكارثة مهموما وفزعا ومرعوبا مما ينتظره في قادم الأيام بعد أن تزول عنه الحمى الثورية ويزول معها مصدر رزقه أو يلحقه الكثير من الضرر الذي سيتجرع نتائجه هذا الموظف لا غيره.