هوامش حزúنية

جميل مفرöح

 - *  حزينة مشبعة بالألم أيامنا, وإنú بدتú على غير ذلك.. يدقöق الحزن في تفاصيلها مليا حتى يتماهى معها تماما, ثم لا يستطيع إلا أن يعلن عن تواجدöهö وحضورöهö الدائمين في ملامحöها المتضاربة..
جميل مفرöح –

* حزينة مشبعة بالألم أيامنا, وإنú بدتú على غير ذلك.. يدقöق الحزن في تفاصيلها مليا حتى يتماهى معها تماما, ثم لا يستطيع إلا أن يعلن عن تواجدöهö وحضورöهö الدائمين في ملامحöها المتضاربة.. حزينة أيامنا منذ كلö لحظة وحتى كلö وهلة, حد أنها تتلكأ وتتلعثم كلما حاولت أن تتغنى بغيرö الحزن, وتتلاشى وتنهار كلما غفل عنها الألم رمشة عين أو أدنى من ذلك في الحسبان.. حزينة لأننا نحاول أن ندافع عنها حزنها المكتوب على صفائحö جبينöها كخاتمö نبوة, ويشدها الحزن, من أقصاها إلى أقصانا حين ندعي سوى الحزنö مظهرا لهيئتها ولهيئتنا ولهيئةö الوجودö من حولنا, وحين نزعم أن كلينا في غايةö الغöنى عنö الحزنö, وأن الألم من فوائضö حوائجöنا..
* حزينة أيامنا الجديدة كما لم نعهدú حزن الأيامö قبلها, مشغولة بحزننا ومشغولون بحزنها, وكأن لا وجود بلا حزن ولا موجود سوى الحزن.. امرأة عجوز أيامنا, قضتú جل عمرöها في انتظارö شيء لم يكن سوى الحزنö, اتكأتú على الأملö كثيرا, فلم يكنú منه إلا أنú أخذها منا وأخذنا منها في غفوات لذيذة تشبه الغيبوباتö الواثرة, يلي كلا منها غمرات موغلة من الافتقادö وهبات عاصفة من الانتحاب.. امرأة مسöنة فاتتها كل القطاراتö التي تنتظر, وهي ما تزال في ذاتö المحطةö المقفرةö تنتظر بدايتها الموعودة.. امرأة كانتö الشيخوخة أولى الحقائقö التي استطاعتú أن تحكم عليها قبضتها, وكان عنفوان الصöبا واليفاعة والطفولة آخر الأشياءö التي أدركتú أنها لم تعبرú منها أو تمر عليها طوال هذا الطريق الموحöش..
* حزينة أيامنا.. وكأنها لم تخلقú إلا ليتزوجها الحزúن ويلقي بها على قارعةö الأسى, شاهدا أولا على حزنöها.. قطعة عتيقة أضافها الحزúن إلى خرائبهö المؤثثةö بنا, فاعتدنا وإياها بعضنا, تداخلتú أجزاؤنا حتى غدونا جسدا واحدا ينهك تفاصيله الحزن, وقلبا جامدا كمرآة قديمة, كلما حاصره السأم تشظى وتناثر ليتكاثر الحزن على وجوهö شظاياه.. حزينة هذه الأيام, وكأن الحزن قدرها منذ الأزل, حتى أنها أصبحتú تجترح لنفسöها في تفاصيلö الحزúنö ما يشبه السعادة بكلö هذا الحزúن!!
* استسلمتú للحزúنö أيامنا, فسلمتú أقدارنا إليه ليتصرف فيها كيف يشاء, وسلمتúه إلينا, حين كبرنا, مشفوعا بوصاياها ووصاياتها به, وكأنه ميراث ثمين لا يمكن أو لا يجوز التفريط فيه, فغدونا نلفöعه همنا واهتمامنا ونتفقده بين اللفتةö والأخرى, ونحميهö من أية عوامل أو انفعالات قد تعرöيهö أو تتلفه أو تقلöل من ثمنöهö وأهميتöهö لحاضرö ومستقبلö وجودöنا المثخنö بالحزúنö.. تركة, صöرنا لا نتحمل الاستغناء عنها, أو العيش على هامشöها, لأنها وجدتú مجبولة على اعتيادنا واستساغة مذاقöنا وإنú كان مرا.. هكذا وجدنا أنفسنا نبني للحزúنö محرابا واسعا أنيقا في بهوö حياتنا العابرة, وفي كلö منطلقاتö ومفارقö ومنحنياتö ونهاياتö طرقöنا, ليظل هاجسا وحرزا وتعويذة أبدية لكلö تفاصيلöنا المطموسةö به..
* يااااه.. كم تعودنا على الحزúنö واستطيبنا كؤوسه التي لا تفتأ تهشöم قلوبنا وتندلق على جدرانöنا!! كم أصبحنا لا نطيق أماسينا بعيدا عن طرقات وقرصاتö عقاربöهö الساعاتيةö, ولا نتقبل صباحاتنا دون أن تهطل دöيمه المحمولة إلينا كهدايا وحوافز لقاء جلدöنا واستمرارöنا في منجمö الحياةö, الذي مöنú جنباتöهö وسقوفöهö تتساقط المخاوف آناء اللحظةö.. يااااه.. كم هو الحزúن مكتظ بنا وكأن لا هدف له في الوجودö سوانا.. وكم نحن في أمسö الحاجةö إلى أن يغفل عنا, وإن برهة, لنفاخر بأنفسöنا أمام أجيالöنا المقبلةö وندعي أننا أخذناه مرة على غفلة منه.. كم نحن محتاجون بل ومستحقون لأنú ننال وإن إجازة سنوية بعيدا عنúه نراجع فيها كم أخذ مöنا وكم أبقى لنا ولسواه مöنú وجودöنا المهمل.

قد يعجبك ايضا