أبناء يتخلون عن آبائهم طوال أيام السنة ويكتفون بزيارتهم في شهر رمضان

تحقيقنجلاء علي الشيباني


تحقيق/نجلاء علي الشيباني –
رأي دين: عقوق الوالدين وعدم البر بهما من الكبائر
منذ أن خلق الطفل والآباء والأمهات يعدون الأيام والسنين في انتظار اليوم الذي يأتي فيه الأبناء ليحلوا محلهم.. ويرعوهم بعد أن وضع الزمن إشارة من وهن وضعف ومرض على أجسامهم وأصبحوا عاجزين عن تدبير أمورهم الحياتية ويحتاجون للرعاية والاهتمام من قبل الأبناء.. ليس في شهر رمضان المبارك فحسب وإنما بقية أيام السنة.. فالشيخوخة مرحلة عمرية متميزة بخصائصها ومتفردة بمشاكلها تتشعب فيها معاناة المسنين بدنيا وأسريا ونفسيا واجتماعيا..!
تجاوزت الثمانين من العمر لا تتمكن من السير ولا أحد يقودها سوى بعض أبناء الحي.. قالت بمرارة بدموع غزيرة: لقد جرحت كثيرا وبكيت حتى فقد بصري من معاملة أبنائي التي لا يتحملها بشر لدي خمس بنات لكن أزواجهن رفضوا إقامتي معهن أصبحت عبئا عليهم بعدما عاملوني بقسوة بالرغم من بذلي لكل شيء في سبيلهن وأفنيت عمري وشبابي في تربيتهن ورعايتهن بعد وفاة والدهن حتى وصلن إلى مراحل دراسية متقدمة فمنهن المعلمة والموظفة في بنك وأخرى ممرضة والرابعة والخامسة ربات منزل.. وفي النهاية تخلين عني وكأنني شيء عديم الجدوى أو عديم الفائدة ولم تلتفت أي منهن لتوسلاتي ودموعي.. كنت أتصور وحتى هذه اللحظة أن قلوب بناتي سترق ويأتين بحثا عني.. ليس في شهر رمضان وبزيارات مختصرة وإحضار أشياء لا قيمة لها بدون وجود أحدهن بجانبي.. لكن دون جدوى.. وعن مكان إقامتها أجابت وصوتها يتقطع ألما أنا في منزل صغير تركه لي زوجي وأهل الخير يتصدقون لي ببعض الطعام والشراب في الأيام العادية وشهر رمضان فقد عوضني خالقي بجيران طيبين فإن الله تعالى لا يترك أحدا هذا ما حدثتنا به أم أيمان المرأة التي فقدت بصرها حزنا من قسوة بناتها.
خديجة التي عمرها التسعين عاما رفض أبناؤها إيواءها فالبنات لا يسمح لهن أزواجهن ببقاء أمهن والأولاد ترفض زوجاتهم تحملها كونها امرأة عجوزا وتشكل عبئا عدص دليهم فقرروا أن يستأجروا لها مكانا بسيطا في نفس الحي وإحضار خادمة يمكنها أن تراعي العجوز إلى أن يحل المساء وبعدها تهتم العجوز بنفسها ليلا وأما بناتها وأولادها فيكتفون بزيارتها أيام العطل وشهر رمضان المبارك.. قبلت بالوضع.. وردت خديجة مبتسمة أن الله لا ينسى عباده لا في شهر رمضان ولا في الأيام العادية وهي لا تريد من الدنيا غير لقمة تسد بها جوعها وتجد أبناءها حولها حتى يحين أمر الله الموعود.
القصص المأساوية كثيرة فهناك رجل مسن يسكن في حي مسيك يقول بمرارة: أتمنى أن تكون أيام السنة وأشهرها كلها رمضان ففي هذا الشهر أبنائي يأتون لزيارتي ويقضون معنا بعضا من الوقت خلاف بقية الأيام الذي لا نراهم فيه لا يطمئنون علينا وكأنهم لا يعرفوننا أنا ووالدتهم والحمد لله على كل حال.
إحساس مدمر
أن إحساس الشخص المسن بأنه منبوذ وغير مرغوب به إحساس بشع وخطير يدمر نفسيته في وقت هو أحوج ما يكون لأن يعيش في دفئ الأسرة بين الأبناء والأحفاد ويندمج معهم وينقل لهم خبرته ويتألم لألمهم ويفرح لفرحهم.. وتزداد حاجته إلى هذا الجو العائلي كلما تقدم في السن هذه ما أكده الدكتور معمر الفهد إخصائي طب نفسي ويضيف: الجو العائلي في هذا التوقيت أقوى من أي دواء.. وإشراكه في الأمور العائلية والأقارب والأصدقاء والعائلة يخرجه بدرجة كبيرة من مشاكله وهمومه لينطلق إلى عالم أكبر كما أن العناية الصحية سواء الاهتمام بغذاء المسن أو إعطائه الدواء أو تنظيف ثيابه.. كل هذا لا يمكن أن يتم على الصورة المطلوبة إلا في الجو الأسري.
يواصل الدكتور معمر حديثه قائلا: أن أخطر ما يتعرض له المسن تلك الضغوط التي يفرضها المجتمع من خلال عقوق الأبناء وما يصاحبه من شعور بالوحدة وفقدان الثقة بالنفس وعدم وجود هدف في الحياة وحزن عميق بعدم تقدير جهودهم وأحزانهم على شبابهم الذي قضوه في تربية أبناء عجزوا عن رعايتهم أثناء كبرهم وعجزهم وحاجتهم.
ويدعو الدكتور الفهد إلى رعاية كبار السن واضعين في حسابنا مرحلة الشيخوخة كما يجب رعاية الصحة النفسية والاهتمام بحل مشكلات الشيخ أولا بأول وإشباع حاجاته النفسية ويجب أن لا يقضي العجوز ما بقي من حياته في الفراش دون أن يرعاه أحد من أبنائه والعمل على دمج المسنين في مجتمعهم الصغير في الأسرة أو المجتمع المحلي والاستفادة من خبراتهم وتجاربهم مما يرفع من معنوياتهم..
للذكر فقط
وفي الجانب الاجتماعي يرى الدكتور علي عبدالهادي أستاذ علم الاجتماع جامعة صنعاء أن الأم والأب يريدان لابنتهما أن تعيش في مسكن خاص بها ولا يحضانها على حسن مصاحبة حماها وحماتها عمها وعمتها إلى جانب طغيان النمط المادي كل هذا ساهم في وجود النزعة الأنانية التي تجعل كل إنسان لا يفكر إلا في نفسه وهو ما ساهم في إيجاد هذه المشكلة المخجلة فهل هذا هو جزاء من أفنى

قد يعجبك ايضا