بين رغبتين
معين النجري
معين النجري –
من المساحة التي تقع بين (أدري) و(لا أدري) ينبع القلق والخوف والتوجس بعد أن جعلتنا الأحداث التي عاشها اليمن خلال الفترة الماضية نبات على احتمال ونصحو على عشرة ثم لا يكون واحدا منها.
ومع هذا ما تزال رغبتي المعرفة والجهل تتقاذفنا بين لحظة وأخرى رغما عنا وذلك بدافع الوصول إلى مربع الاستقرار والأمان.
فأحيانا أتمنى لو أنني مجرد راعي أغنام في جبال القفر النائية حيث لا كهرباء ولا فضائيات ولا صحف ولا أخبار يخرج هو وأغنامه كل صباح إلى الجبال والوديان ليس له من هموم الدنيا وأطماعها إلا كيف يشبع تلك البطون بالمرعى ويعود سالما إلى قريته يكرر ذلك يوميا وعند كل مساء يضع جنبه على فراشه وينام قرير العين بانتظار يوم جديد ورزق جديد لا يتأثر باستقرار النظام ولا تحالفات الأحزاب ولا مسيرات الشباب.
وأتمنى في أوقات أخرى لو أنني أعمل مديرا لمكتب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وسكرتيرا لأحزاب اللقاء المشترك وحزب المؤتمر الشعبي العام. والناطق الرسمي باسم جماعة الحوثي وناشط مهم في جميع مكونات الحراك الجنوبي والرجل المقرب من ناصر الوحيشي.
كل ذلك – فقط – لأكون على اطلاع دائم على حقيقة ما يراد لهذا البلد وكيف تفكر هذه القوى وأقف على مصداقية كل طرف في تعامله مع غيره.
قد لن أغير في سير الأحداث حتى لو حاولت الدفع بها بالاتجاه الإيجابي ولكن – على الأقل – سأنقذ نفسي من تخمينات و(تشعيبات) ومعارك وسائل الإعلام المحلية وحتى العربية التي قل صدقها وكثر كذبها في واقع بلا ضبط ولا ضوابط ولا من يقول للحسن أحسنت ولا للمسيء أسأت.
واقع إعلامي أبتلي بتبعية مقرفة كل إلى ربه دافع المال فأصبحت الحقيقة والمعلومة الصحيحة آخر ما يفكر بها القائمون على الصحف والمواقع الإخبارية والفضائيات بل وربما يتجاهلونها حتى لو كانت في متناولهم إلا إذا كانت تخدم طرف معين أو تنال من الخصم.
فمنذ حل ما يسمى الربيع العربي ضيفا على ديارنا ووسائل الإعلام المحلية ومراسلي وسائل الإعلام الخارجي يجنحوا في خدمة أطراف معينة أما مصلحة الوطن والمواطن فتغيب تماما عن أجندتهم وأنشطتهم اليومية ولا أحد يستطيع أن يقول بغير ذلك فالأحداث التي عاشها اليمن وما زالت مليئة بالشواهد التي يصعب إنكارها.
والمضحك والمبكي أن بعض وسائل الإعلام ماتزال تكرر مغالطاتها بنفس الطريقة وعلى ذات النسق حتى كفر بها المتلقي وفقدت مصداقيتها تماما عند أشياعها قبل خصومها.
إن الدور الذي قام به الجهاز الإعلامي للأطراف المتصارعة ضاعف من الأزمة النفسية والمعنوية والاجتماعية التي عاشها – وما يزال – المواطن اليمني ما دفعه إلى اتخاذ موقف سلبي ضد الإعلام وسنحتاج إلى وقت طويل لنستعيد ثقته هذا إذا أصلحت وسائل الإعلام حال