المجتمعات العربية وعدم القبول بالآخر
صولان صالح الصولاني
صولان صالح الصولاني –
عندما قال أحد المواطنين مستغربا: ياجماعة حتى الرموز الوطنية في اوطاننا العربية لم تعد لها اية مكانة تذكر في أوساط المجتمعات وخاصة لدى الجيل الشبابي في عصرنا الراهن قاطعته بشدة ليس لأن استغرابه في غير محله ولكن لأني استندت في مقاطعتي تلك إلى سببين لا يهمني إن كانا وجيهين أو غير وجيهين السبب الأول يتمثل في إدماني اللاإرادي هذه الأيام على المقاطعة والتذمر الشديد والكيد السياسي أصبح اللغة المسيطرة على أغلب حواراتي ونقاشاتي الجانبية مع من حولي من الناس والسبب الثاني لأني أعرف الشخص انطوائيا حق المعرفة حتى في مشاهدته للتلفاز في منزله فهو يجعل من إحدى القنوات الإخبارية العربية مصدره الوحيد لاستقاء الأخبار ومعرفة ما يحدث في عالمنا العربي من أحداث مؤسفة ومؤلمة على مدار الساعة معتقدا في تلك القناة بأنها من تأتي بالنبأ اليقين على ما سواها من قنوات إخبارية لم يتطلب النظر إليها ومتابعتها عبر شاشة تلفازه ذي الـ12 بوصة سوى ضغطة رز للريموت مثلها في ذلك مثل قناته الإخبارية المفضلة تلك ولا يتوقف الأمر بالنسبة لصاحبنا المستغرب عند المتابعة الحصرية لقناة النبأ اليقين خاصة بل يتعدى ذلك إلى بناء رؤاه الشخصية إزاء القضايا والأحداث التي تشهدها أمته ومجتمعه العربي على أساس مبتور وحصري يرفض أي رأي أو موقف مغاير له ويعتبره فاقدا للشرعية ويعد صاحبه في نظره عدوا لدودا يستحق جهاده ومحوه من الوجود مستندا في ذلك إلى التقارير والأخبار والبراهين التي تبثها القناة.
والحال نفسه ينطبق على الكثيرين أمثال صاحبنا -طيب الذكر- الذين يعج بهم الشارع العربي من أقصاه إلى أقصاه وكأن قانون التشفير الذي تخضع له قنوات البث الفضائي أثناء النقل المباشر للمباريات الحصرية في عالم الرياضة هو نفسه القانون السائد والمسيطر على عقولنا وعقول شبابنا نحن العرب على ماسواه من قوانين ويطبق في ممالك وامبراطوريات عقولنا بانفراد حتى حجبت بنات أفكارنا ورؤانا وانحصرنا في زوايا مغلقة لانعرف للانفتاح والقبول بالآخر طريقا.
في دول العالم المتقدم عندما يسعى العلماء لاكتشاف علمي في أي مجال أو صنف من الأصناف يقومون بإجراء دراسة وتجربة على عينة من هذا الصنف ومن ثم اعتبار التجربة شاملة وكافية وقابلة للتطوير والاستخدام والانتقال بعد ذلك للاكتشاف والبحث في عينة أخرى وهكذا.. وفي عالمنا العربي عندما يسعى أبناء مجتمعاتنا وشبابنا للتفاعل مع القضايا الوطنية المصيرية لأوطانهم لأن السعي للاكتشاف والبحث العلمي بالنسبة لأوطاننا ومجتمعاتنا العربية هذه