مدرسة التغيير المجانية
خالد الصعفاني
خالد الصعفاني –
قالوا « تغيير « قالت الشعوب حاضر , وهبت حمى الربيع العربي بالشعار الذي لم يختلف معه إلا أصحاب المصالح وأرباب المنافع وعاشقو التسلطن والغارقون في زيف الديمومة أو قطاعات الشعوب التي رأت خطأ المقدمات وغرابة التوليف والتوقيت ولم يعجبهم أن يكونوا جزءا من « المحلل « الذي يتزوج لاشيء ..
ذهب رؤساء وتفككت أنظمة وخربت شعوب وتمزعت مجتمعات ليس منذ تاريخ «إنتاج» الربيع عام 2011 بل منذ ما قبل ذلك حين قرروا إزاحة الرئيس العراقي الشهيد صدام حسين وتقديم أمراء « حاضر مرحبا « بديلا لقوم من القادة المترهلين الذي وقف نمو أفكارهم وطموحهم عند الحدود الدنيا غير المرضية .. فجرى التغيير بطرق مختلفة وكان التغيير , وشعر البعض بالرضا في حين شعر البعض الآخر أن رياح التغيير جردته من عباءة المصلحة وظل الأغلب متربصين لمعرفة إثبات ايجابية أمر التغيير وثمرة التغيير كما فعل ذات يوم نيوتن وهو يهتدي إلى حقيقة الجاذبية ..
نتفق في كون التغيير ضرورة وسنة حياة ونعمة , ودوما ما نسترجع ونحن نقف في حضرة التغيير أن الماء الآسن لا يعطي إلا البيئة المناسبة لنمو الجراثيم وتغير «ريحة» ولون الماء بعد ذلك .. ومع حقيقة انه لا وجود للشخص المناسب لكل الأوقات , ولا صواب مع ذات الأفكار في كل الأحوال – وهو ما لم يفهمه القادة العرب إلا متأخرين جدا – إلا إن مدرسة التغيير تتطلب منا مراجعة أفكار هامة بخصوصها حتى تقود المعادلة إلى الخلطة السحرية المطلوبة من التغيير نفسه..
التغيير في حياة الشعوب أو في قيادتها ليس تغييرا ل»الصماطة « أو» الشرابات « , وليس تغييرا في لون السيارة عبر عملية سمكرة رنج .. هو ضرورة ونتاج تفاعل جمعي هادف لصناعة حياة أخرى أفضل واستبدال الأفكار والأطر والآليات القديمة برؤى وآفاق ووسائل أحدث وأصوب .. هو إرادة وعمل يبنيان المستقبل دون اجترار الماضي إلا لاستشعار الدروس واستخلاص العبر .. وهو بناء النفس من الداخل فرديا وجمعويا من أجل الإسهام في تحقيق إرادة وعمل التغيير ..
ولنا في شهر رمضان العبادة والمعنى والنشاط والجو العام والروحانية والقدرة , لنا معها جميعا فرصة سانحة لنجعل من رمضان محطة مجانية لعمل التغيير الحقيقي في حياتنا للأفضل إن على المستوى الشخصي أو على مستوى المجتمع والأمة جميعا .. ذلك ان رمضان يوفر ما لا يوفر غيره من مقومات وجو وروح وهذا في تصوري احد دروس هذا الشهر العظيم ..
غيروا النفس من الداخل وهو ما نص عليه القران وأكد عليه حتى لا تبقى المسألة قشور وديكور فيما الداخل مكدس بالفكر والأداء والقناعات القديمة وهذا يثبت او ينتفي بمرور عمر التغيير يوما بعد يوم ..
غيروا مستعدين بالأفكار البديلة لأن الهدم بلا رؤية أو سعي للبناء لا يعني إلا إفسادا للحاصل وتدميرا للقائم وهذا المجال كان سبب الاختلاف اليمني الكبير في مشهد الربيع اليمني ..
غيروا من اجل الأفكار السامقة والأحلام الطموحة للأمة جميعا التي ما كانت لتر النور في ظل حياة ما قبل التغيير واجعلوا تنفيذها الملاذ الآمن لمن كان التغيير من أجلهم ..
أخيرا :
.. غيرنا العجول لكننا لم نغير العقول وغيرنا الكلمة لكننا أبقينا على ذات المعنى ونفس المدلول ..
.. المشكلة انك قد تغير في كل شيء إلا في نفسك والنتيجة لاشيء و»كأنك يا بو زيد ما غزيت « ..
.. إذن .. لنعد إلى الشفاء الشامل في القرآن وهو يبشرنا بأن التغيير يأتي من الداخل من الذات من النفس , فان تغيرت فالباقي مسألة وقت وظروف , أما إذا لم تتغير فواقع الحال سيغير تصورنا على حضور التغيير من عدمه ..
khalidjet@gmail.com