عن العنب والدولة المدنية والشيــــخ الأحمــــر

عباس السيد


 - في عام 2007 أعلنت وزارة التعليم العالي عن مسابقة لتصميم شعار لجامعة عمران  وأوردت ضمن الشروط  أن يتضمن الشعار أبرز المعالم الحضارية في المنطقة الجغرافية المحيطة بالجامعة   وقد كان
عباس السيد –

في عام 2007 أعلنت وزارة التعليم العالي عن مسابقة لتصميم شعار لجامعة عمران وأوردت ضمن الشروط أن يتضمن الشعار أبرز المعالم الحضارية في المنطقة الجغرافية المحيطة بالجامعة   وقد كان

بمقدور أي مصمم أن يدرك ببساطة أن الشرط يلمöح إلى « جسر شهارة « .
وباعتباري أحد المشاركين في المسابقة اخترت ورقة العنب كأساس للشعار وجعلتها جزءا من علم الجمهورية .
كان هدفي من الشعار إيصال رسالتين الأولى : لفت نظر الجهات الرسمية والأهلية إلى  أهمية العنب والمخاطر التي تهدده من خلال الزحف المستمر لشجرة القات في المنطقة المحصورة بين صنعاء وصعدة

والثانية : تكريس مبدأ الولاء للدولة وخصوصا في تلك المناطق وقد ذكرت ذلك صراحة  في وجهة  النظر المرفقة بالشعار .
وقد حاولت من خلال الشعار أن أقحم التعليم والعالي وجامعة عمران لتبني العنب كقضية وطنية وهذا ما كنت سأفاخر به لو أنني فزت بالمسابقة أما الجائزة المالية فهي عادة ما تكون زهيدة جدا في بلادنا وأحيانا

لا تساوي قيمة الإعلان المنشور للمسابقة .
لم تعلن نتيجة المسابقة وبدت كما لو أنها مقلب جديد وقع فيه المشاركون وما أكثر المقالب التي شربناها من قبل ومن بعد .
بعد سنوات عرفت أن الجامعة اتخذت « جسر شهارة « شعارا لها وعرفت أيضا أن الشعار الذي صممته قد تعرض للقرصنة والتشويه واعتمد كشعار لوزارة التعليم العالي وهي الجهة التي أعلنت المسابقة « يعني

مثل الذي راح يخطب لابنه وشل الحريوة له «.
لم أكترث كثيرا بالمصير الذي آل إليه الشعار بقدر ألمي وحزني من المصير الذي يهدد عنب اليمن وخوفي من أن يلقى نفس مصير  « بن اليمن «  فقد تنتهي زراعة العنب خلال سنوات قليلة ويتحول  إلى مجرد

عصائر ومساحيق « بودرة «  في عبوات ورقية  أو بلاستيكية مجهولة المنشأ باسم «  عنب الكبوس «.
قبل أيام برز العنب كقضية وطنية من جديد وذلك من خلال شعار آخر احتوى على نفس العناصر والرموز والألوان وحمل نفس الرسائل الوطنية التي ضمنتها شعار الجامعة وهي قضية العنب والولاء للدولة

المثير أيضا أن الشعار الجديد جاء من نفس المناطق ومن خلال أحد رموزها وهو الشيخ حسين الأحمر الذي تبنى ما بات يعرف باسم  « التكتل الوطني للدولة المدنية « الذي تم إشهاره أوائل يونيو الجاري وقد

كان شعار التكتل عبارة عن قبضة يد تمسك بثلاث أوراق عنب مصبوغة بألوان العلم الوطني وكانت هذه المصادفة  بمثابة رد الاعتبار للتجاهل والقرصنة والتشويه الذي تعرض لها الشعار الذي اقترحته لجامعة

عمران وإن بطريقة غير مباشرة .
الأكثر إثارة في الموضوع أن الشعار الجديد والذي تقدم  به الشيخ حسين يواجه منذ لحظة إشهاره نفس العقد والمعوقات التي واجهت شعار جامعة عمران وربما ينتهي به المطاف إلى نفس المصير.
وعد ابن عمران وشقيق شيخ قبيلة حاشد بترك بندقيته وخنجره وعصاه ولوح بأوراق العنب المصبوغة بألوان العلم ومع ذلك قوبلت مبادرته بالسخرية والاستهجان من قبل الكثير من المحسوبين على الصحافة

والسياسة والثقافة .
وضعوا له العديد من الشروط الغريبة .. طالبه البعض بإثبات حسن نواياه وأوشك آخرون أن يطالبوه بشهادة حسن سيرة وسلوك وكأن الدولة المدنية في نظرهم عبارة عن حزب سياسي قائم بذاته أو نقابة مهنية

لا تقبل في عضويتها إلا من تنطبق عليه الشروط .
الشيخ حسين الأحمر أو الشيخ محمد الشايف أو الشيخ ربيش بن كعلان ليسوا ملائكة أو معصومين لهم أخطاؤهم وسلبياتهم وسجل تاريخي غير ناصع ولهم أيضا طموحاتهم السياسية ولكل حساباته

وتكتيكاته .
 وعندما يجد أي منهم أن القبيلة لم تعد الإطار الأمثل لتحقيق طموحاته ـ وهذا أمر بديهي بالنظر إلى المتغيرات السياسية التي تشهدها اليمن والعالم ـ فمن الطبيعي أن يبحث عن إطار آخر كالدولة المدنية وقد يعمل

آخر للمحافظة على بقاء الأوضاع كما هي وهكذا..
فهل يعي أولئك الذي شككوا بنوايا الشيخ الأحمر حجم التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الدراماتيكية التي شهدتها قبيلة حاشد بشكل خاص خلال العقدين الأخيرين ¿ . ثم ما هي الدولة المدنية ¿ أليست في

الأساس عبارة عن دستور وقوانين يتوافق عليها الجميع لتكون هي المرجع لتقييم سلوكنا وأفعالنا ¿
إذا لماذا نرفض فلانا أو

قد يعجبك ايضا