هكذا هو حالنا في العيد
يحيى محمد العلفي
يحيى محمد العلفي –
❊ .. في أيامنا الأولى من هذا العمر القصير الفاني كان للأعياد الدينية والمناسبات الفرائحية مذاقات وألوان جميلة بديعة رغم بساطة الحياة وشحة الإمكانيات .. فصور العيد وأفراحه التي لاتزال في الذاكرة هي تلك الجماليات العفوية التي كنا نبتدعها ونصنع أفراحها من وجدان الطبيعة ومن إمكانيات البيئة المتوفرة لتحمل لنا ولأجيالنا نفحات العيد ونسماته الرائعة حيث كان العيد فرحة غامرة وبهيجة زاهية تملأ الوجود الذي كنا نعيش نسماته تحت سماء الوطن الحبيب دونما منغصات ولا فجائع أو حوادث مرورية ولا غيرها .. فالحياة كانت تلقائية والأفراح تنبع من القلب وتسر الخاطر وتملأ الدنيا بهجة وسرورا.
هكذا كنا نعيد .. ببساطة دون تكلف ولا مباهاة ولا مفاخرة .. نلبس الزنة المقلم والانقلان أو الأبيض المريكني والكوفية واليلق والقنطرة المزيطة إن وجدت مالم فالحذاء المصنوعة محليا من الجلد.. أما الجعالة والعسب فكان الزبيب والدخش والقلا (الفخوج) وبعض مصاميص النعناع والمليم فقط ثم تأتي وجبات العيد من اللحم وخاصة في العيد الكبير والعسل والسمن وخبز البر والهريش والسبايا والسوسي وبنت الصحن عند الميسورين .. مالم العصيد والفتة هي قوت عيد البسطاء .. وعسب العيد كان بزيارة الأرحام أو المكالف والأقارب بما تيسر من بعض العينات المتوفرة لدى الناس من لحم وكعك وبخور وغيره .. وكل ذلك من إنتاج محلي ومن خيرات البلاد.
أما عيد اليوم وفي عصرنا الراهن فلا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.. فبرغم توفر الإمكانيات وميسور الناس من المادة المالية .. إلا أن العيد أصبح نكبة وكارثة تصيب كافة شرائح المجتمع وسببا رئيسيا لإحداث شرخ وضعف في أحوال الضعفاء وذوي الدخل المحدود ومن المواطنين الذي يضطرون مرغمين إلى إنفاق كل ما بحوزتهم من المال لمجاراة ومناظرة غيرهم من الميسورين (كبار القوم) الذين يتباهون بما يلبسون وما يأكلون وما يركبون في العيد.
ليصبح العيد بمثل هذه الحال عيد هم وغم ومعاناة وشقاء ينغص حياة عائل الأسرة متعددة الأبناء زهيدة الدخل فلا يملك الغلبان سوى الخضوع للأمر الواقع ويتكبد الخسائر الباهظة .. تكاليف ونفقات لقمة العيش والضروريات ومما يتحمله من ديون على ذمة المعاش للأشهر القادمة أو يرهن بصيرة البيت أو بعض النفائس والمقتنيات إن وجدت.
وعلى هذا الأساس فلم يعد للعيد أي طعم ولا شم أو رائحة ويصبح الخروج منه ومن إجازته ومناسبته الملاذ الوحيد لبعض الضعفاء وللبحث عن رزق جديد يعوض به المعسرون ما التهمه العيد من نفقات مهولة كان يمكن أن تكفي لمصاريف شهر كامل.
وعلى هذا الأساس فإن عيد الفطر الذي نحن بصدده قد مر علينا والحمد لله بسلام وبخير رغم طول إجازته .. لكنه ذكر جموع المسلمين بقدوم عيد أكبر منه ويحتاج منا التأهب والاستعداد لاستقباله بما هو أكثر حفاوة وعدة وعتادا فهو عيد التضحية والفداء عيد الحج عرفة الذي أوجبه الله على المسلمين عامة لمن استطاع إليه سبيلا.
فهذان العيدين ولكل منهما طقوسه وعاداته وأفراحه يحتاجان من كافة أبناء الأمة الإسلامية ومن اليمنيين على وجه الخصوص النظر إليهما على أنهما مناسبة للتراحم والمودة والعطف والعودة إلى عاداتنا وتقاليدنا الأصيلة – حين كان للعيد فيهما فرائح ونفائس دونما معاناة ولا تحمل أعباء تثقل كاهل المعيدين وكما كنا نستقبل عيد الفطر على