عملتنا غير مقبولة حتى على أرضنا
أ.د. عزيز ثابت سعيد
أ.د. عزيز ثابت سعيد –
قد يتفاجأ القارئ الكريم من عنوان هذه المقالة وقد يراه خادعا على غرار «وداعا للصلع» أو «كيف ينقص وزنك إلى النصف في أسبوع دون أن تخفف من أكلك» … إلخ لكن الأمر ليس كذلك بل العنوان صحيح وهاكم كيف عرفت عملتنا على حقيقتها. عقدت العزم على الذهاب للعمرة قبل رمضان بأيام قلائل كانت وقتئذ تأشيرات العمرة من السفارة السعودية محضورة على اليمنيين إلى أجل غيرمسمى أوصدت الأبواب عل الجميع إلا طبعا علية القوم أو مايسمون بالـ VIPs ونحن والغالبية الساحقة من هذا الشعب لسنا من أولئك. على كل حسمت أمري وقررت السفر إلى الامارات بعد أن أرسلت إلى صديق صورة جوازي ليقدم لي طلب تأشيرة عمرة من أحد مكاتب الحج والعمرة وفعلا تم ذلك بسلاسه بالغة لأن لدي إقامة في الامارات نظرا لعملي في جامعة الشارقة المميزة التي تشرفت بالعمل فيها مايقرب من عشر سنوات من ربيع عمري الاكاديمي وفي رحابها رأى النور نصف أولادي . والشارقة وحاكمها وجامعتها ونظامها قصة طويلة وشيقة تستحق مني ومن غيري الذين عملوا فيها الكتابة عنها وعن تفردها إدارة وتعاملا وأسلوب حياة.
أعود إلى قصة عملتنا المبجلة كما هو الحال في السفر تراكمت بعض الامور حالت دون تحويلنا ريالات يمنية أثناء النهار الذي سبق السفر فحاولت عمل ذلك ليلا إلا أن الصرف تعذر رغم المرورعلى ثلاث محلات صرافة فقلت لا بأس نصرف في الصباح فمحلات الصرافة في صنعاء أصبحت أكثرمن «البقالات» لكن للأسف لم نجد صرافين فاتحين في الطريق إلى المطار فالسفركان يوم جمعة فقلت لا ضيرعلني أجد صرافا في المطار ولكن للأسف رغم وجود محل صرافة وحيد ويتيم لم يكن مفتوحا ايضا وتخيلوا محل صرافة وحيدا في مطار دولي و»مغلق»!
عل كل قلت لا بأس نحن لن نحتاج إلى مبالغ كبيرة نحتاج فقط إلى وجبة على الطائرة فطيران العربية لا يقدم وجبات ولا حتى مشاريب ومن أراد وجبة أو مشروبا فعليه أن يدفع وهذا طبيعي لأن اسعار تذاكرها اقتصادية وتنبه إلى ذلك مسبقا.
دخلنا الطائرة وماهي الا ساعة حتى مرت عربة الطعام فطلبت لي ولأهلي فرحبت المضيفة بابتسامة لكن سرعان ما الغت ابتسامتها واوقفت الطعام في يدها حين رأتني قد أخرجت رزمة من فئة الألف الريال وبادرتني قائلة: «لا نقبل العملة اليمنية يا سيدي» فقلت مستغربا: « لا تقبلون ماذا¿» لم يا رعاك الله لا تقبلين الريال اليمني¿ أنتم أقلعتم من الدولة التي اصدرت هذه العملة وتأتون اليها في رحلات يومية تقريبا – فقالت آسفة وأردفت «إن كان لديك ريالا سعوديا أو أي عملة أخرى فأهلا وسهلا» فقلت وماهي العملات غير المقبولة¿ قالت اليمنية والسودانية ماعدا ذلك فمقبولة. فكرت: «ماعدا اليمنية والسودانية ما هذا الهوان¿» قلت لن أسكت عن هذا لكن لا بأس هل ممكن أدفع ببطاقة إئتمان فقالت لا قلت إذا «نذرت للرحمن صوما حتى نصل الشارقة» وطبعا لم يكن بجانبنا قبيلي أصيل يحلف بالحرام والطلاق أنه سيدفع الحساب بل اكتفى كل من كان بجانبنا بهز رأسه استنكارا لرفض العملة اليمنية وتابع قضم ما لذ من «السندويتشات» التي ابتاعها.
وصلنا الشارقة والآن أنا بحاجة إلى مبلغ للتاكسي الذي سيوصلني إلى مقر إقامتي- قلت سأصرف في المطار وفعلا وصلت عند أول صراف فقال أنا لا أصرف ريالات يمنية لكن (أنت في روح سيدا في نفرات يسرف يمني فلوس). أصدرت زفرات وتابعت المسير حتى أصل إلى «النفرات» الذي سيصرف لي الريالات وفعلا وصلت إلى ذلك المنقذ فرحب وقال الدرهم بـ 90 ريالا فقلت يا أخ الهنود — وكان الرجل هنديا — الدرهم اليوم في صنعاء بـ 58 ريال فلم تأخذ مني قرابة الضعف¿ فرد قائلا: « أنا مافي معلوم أنت في يسرف والا لا ) قلت لا سأصرف عند غيرك وما أكثر الصرافين هنا. أشهرت رزمة الريالات من فئة الألف في يدي بعد أن أشرت جوازي وسألت الاول والثاني والثالث وكلهم لها منكرون! ولأن الصراف الأول الذي قبل الصرف لكن ب 90 ريالا للدرهم محله قبل صالة تأشيرالجوازات لدخول الدولة وأنا قد أشرت وأصبحت في صالة الأمتعة فلم يكن بوسعي العودة إليه. حينها لم يكن أمامي حيلة الا الاتصال بصديق فكرت أن أتصل مستخدما تلفوني الذي فيه شريحة الإمارات ولكن لم يكن فيه رصيد ورغم توفر البطاقات في المطار إلا أنني لم أستطع شراء بطاقة لعدم توفر دراهم. قلت في نفسي ماهذا الهوان¿ لقد استحكمت الحلقا