الواقع والأسطورة (25)
أحمد يحيى الديلمي
أحمد يحيى الديلمي –
الجامع والثورة
> بالعودة إلى أدبيات الثورة اليمنية 1948م سبتمبر 1962م يتضح الدور الكبير لثقافة مدارس العلم أو على الأصح »هجر العلم« ففيما ذكره شاعر اليمن الكبير الأستاذ المرحوم عبدالله البردوني في مذكرات المواطن عبدالله البردوني إفادة كافية عن هذا الدور فلقد أفاض في الحديث عن المدرسة الشمسية في ذمار ودورها في إذكاء روح الثورة حيث قال »من هذه المدرسة تشرب الشباب روح الثورة وتجذرت في أعماقه نزعة التغيير استنادا إلى القاعدة الفقهية الجريئة التي تفرد بها الإمام زيد بن علي بن الحسين مؤسس المذهب الزيدي لأنه أقر فكرة الخروج على الحاكم الظالم وجعلها أصل من أصول المذهب الاعتقادية على قاعدة فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر«.
ومن خلال محاضر محاكمة الشهيد عبدالله اللقية نلاحظ أنه استدل بالقاعدة أكثر من مرة فلقد رد على الرئيس السلال وكان رئيسا للمحكمة قائلا: خرجنا بأمر المذهب الزيدي ألم يأمرنا بالوقوف في وجه كل ظالم وطاغية أليس هذا مبدأ ثابتا في المذهب« مذهب الإمام ولعل كثرة استشهاد الرجل بأصول المذهب هي التي حمست العلامة أحمد محمد زبارة مفتي الجمهورية الأسبق على التعاطف والاستقالة من عضوية المحكمة فلقد استاء كثيرا من قرار المحكمة الذي قضى بأن يعاقب اللقية بعشرين جلدة كل صباح لإجباره على الاعتراف اعترض على القرار لأنه يخالف الشرع ويحاول انتزاع الاعتراف بالاكراه وعندما لم تأخذ المحكمة باعتراضه وأصرت على القرار قدم استقالته وقال كلمته الشهيرة »قولوا أن القرار من مولانا هذا تدخل سافر في شئون القضاء واملاء عليه من الخارج« والحق أن المفتي زبارة ذلك الشيخ الوقور والعالم الجليل كان ينزع إلى الإصلاح والتغيير ويرفض الظلم من نعومة أظفاره لا يخشى في الله لومة لائم إضافة إلى ما اتصف به من النزاهة والشرف إذ يكفي أن نشير إلى أنه شغل منصب المفتي أربعة عقود من الزمن ومات وهو يعيش في المنزل القديم الذي خلفه له والده لم يضع حجرا على حجر هذه العفة التقت مع مواقف الاعتدال والتسامح التي عرف بها وهذه هي صفات العالم الرباني الذي يحتاج إليه المسلمون في كل زمن.
المهم أن قاعدة الخروج على الحاكم الظالم أصبحت مبدأ كل ثائر كما قال المرحوم القاضي عبدالسلام صبرة لقد كانت أساس التفكير الحر وكانت آثارها جلية اعطت مشروعية دينية للثورات المتعاقبة.
وكان المرحوم المناضل عبدالسلام صبرة من أشد المتحمسين لبقاء الجامع الكبير منارة للعلم الوسطي والفكر المستنير وكان يحرص دائما على التذكير بكوكبة العلماء الذين تخرجوا من الجامع الكبير وعملوا فيه وكان لهم دور كبير في نشر العلم.
جامع الفليحي
> من موضوع الراتب نستحضر قصة ظريفة عن جامع الفليحي وهو من المساجد المشهورة بتدريس العلم وقد سكنت أنا في أحد منازله مع المرحوم الأخ أحمد محمد مفضل وكانت حلقات العلم فيه لا تنقطع بالذات بين صلاة المغرب والعشاء أو بعد صلاة الفجر وممن عرفت أنا من كبار العلماء في نفس الجامع المرحوم العلامة عبدالله السرحي الملقب بسيبويه اليمن والمرحوم العلامة القاضي محمد أحمد الجرافي والمرحوم العلامة أحمد محمد زبارة مفتي الجمهورية الأسبق والعلامة عبدالله كباس خطيب الجامع‮