فرص لتجديد إحساسنا بالكل واستعادة قيم الإخاء

تحقيق وديع العبسي


تحقيق/ وديع العبسي –
مناسبات يتغير فيها سلوكنا لفترة محدودة.. لماذا لا يستمر¿!
يقسو المسلمون غالبا على أنفسهم والخشية أن ينطبق القول على عامتهم بهذا الخنوع المنفلت والضعف بلا فائدة لنوازع النفس.
خلال ثلاثين يوما عشنا أجواء روحانية مفعمة باللحظات الدينية.. وصار قدومه فرصة مواتية لتجديد إحساسنا بالكل واستعادة قيم الإخاء والتسامي على كل الصغائر التي عادة النفس هي من تدفع الاهتمام بها.
قسوة لا مبرر لها وترقى إلى مستوى الفساد في الأخلاق.. فحين نظل على ذات الخلافات التي استقبلنا بها المناسبة وعجزنا عن تحقيق التغيير والانتصار لمعاني الأخوة فإننا لا نكون قد امتثلنا هذه الدلالات العظيمة التي يعنيها شهر رمضان وما يصح أن نتمثل به في هذه المناسبة.
واقعنا.. مستقبلنا.. مستقبل أجيالنا بحاجة أيضا إلى استعادة الأفراد للثقة في ما بينهم.. الإبقاء على النسيج الاجتماعي الذي يجعل من جمعنا نسيجا واحدا.. هدفه واحد هو إشاعة قيم المحبة والتآخي بعد أن اهتز كل ذلك بسبب الأحداث العنيفة التي عشناها ولا نزال منذ بداية العام الماضي.
دائما نقول الكثير في هذه المناسبة ولا نمتثل من قيمها إلا بالقيم التي تدعو إليه.. نقول إنها فرصة لإزالة كل شوائب النفس التي تبقى معها العلاقات متوترة تحتكم إلى منطق السيطرة بأدوات القوة المتاحة من أجل تحقيق الانتصار.
لا يحاول مثل هؤلاء حتى أن يتأملوا في معنى أن يأتي عيد بعد مناسبة دينية كمناسبة شهر رمضان الذي يتبعه عيد الفطر بكل ما تحمله المناسبتان من قيم ودلالات.
مكافأة المسلم
عيد الفطر يبدو كمكافأة المسلم ليس فقط بالتزامه الامتناع عن المأكل والمشرب والجنس خلال أيام رمضان وإنما أيضا بمجاهدته نفسه على امتثال كل الأخلاقيات التي تميز المسلم عن الآخرين ومنها الاتصال بالآخرين وإحراق أسباب الخلاف والعمل معهم على خلق أسباب الاتفاق والتوافق.. المؤسف أن ما نلحظه لا يقودنا إلى الارتياح بتحقق ذلك وإنما الحاصل في أحسن الأحوال إن المختلفين اجتهدوا في تجميد نزقهم تجاه بعض ليشحذوا همة القطيعة وابتكار أساليب جديدة في تأزيم علاقاتهم بالآخرين ما بعد العيد حتى وإن وصم سلوكهم بالعدائي.
يؤكد علماء النفس “إن الإنسان المسالم المتسامح يتمتع بصحة نفسية عالية ولديه قدرة متفوقة في التقييم ويدرك مدى سلوكه وانعكاسه على الآخرين”.. وفي كتاب (الروح) لابن القيم ورد “الملك قرين النفس المطمئنة والشيطان قرين النفس الأمارة”.
وترى دراسات بأن سلوك اللا عنف هو سلوك التكيف والتوافق النفسي والاجتماعي الأمثل في كل المواقف حتى إن آثار هذا السلوك تظهر في:
– الجودة المرتفعة مع الاستقرار الدائم في العلاقات مع الآخرين.
– الجودة المرتفعة مع الاستقرار الدائم مع النفس – الذات.
– الجودة المرتفعة مع الأسرة والأبناء.
– الجودة المرتفعة والرضا عن الذات بالمعتقد والإيمان بالله وبالقدر المحتوم.
– الأداءات المنخفضة في التفكير في إيذاء الآخر أو إيقاع الضرر به مهما كانت الأسباب الداعية إلى ذلك لأي كائن بشري مهما كان جنسه أو دينه أو انتماؤه أو اتجاهه أو معتقده.
قيم جديدة
إن سعي الواقع إلى تهيئة أسباب التحول إلى الحياة المدنية وتحقيق تغير إيجابي في السلوك وفي جملة قيم الحياة يكاد يكون رغبة لا غير فلا يعاضدها عمل ولا تستثير الجدية لتحقيقها هذه المناسبة الدينية العظيمة.
الدراسات تؤكد أن القرآن “جاء لنسف القيم والمبادئ التي قامت عليها حياة الجاهلية و جاء بقيم جديدة وعندما جاء بقيم جديدة صنع حضارة جديدة”.. وبالتالي فإن ” أعظم تغيير وأكبر تغيير هو التغيير الذي يحدث في المبادئ والقيم لأنه يحكم كل التغيرات الأخرى ويبنى على هذا تغييرات في السلوك وفي أساليب الإدارة وغيره”.
تجاهل الاجتهاد في هذا الجانب في اتجاه إشاعة قيمة السمو بالذات عن تلك المظاهر التي تتسم بها العلاقات المتشنجة والتي تعجز عن الاستفادة من الفرص المساعدة على التغيير كفرصة شهر رمضان المبارك والعيدين (الفطر والأضحى) يكاد يصل بنا حدا من الإحباط خصوصا مع الابتعاد عن التعاليم الدينية حد نسيانها أحيانا -إن لم يكن في الأمر مبالغة-.. ولا يبدو في الأمر عيب تبني أفكار تساعد الواقع على استعادة ذاته المشبعة بتلك القيم والمبادئ الإسلامية السامية والسير بهذه الأفكار بطريقة عملية لتكون بمثابة المضادات لهجمة المظاهر المادية في زمن المتغيرات الذي نعيش والتي أثرت سلبا في منظومة القيم لصالح الذات والأنا لتتراجع معه مساحات الود في علاقات الناس البينة.
إعادة اعتبار
يقول زيد عبدالمولى الأخصائي الاجتماعي في مركز “حياة”: في المجتمع الغربي: حين تراجعت الكثير من القيم وأثر ذلك على أخلاقيات الناس نشطت العديد من ا

قد يعجبك ايضا