الصدقة مرجوعة
هــائل الصرمـــي
هــائل الصرمـــي –
أنفاسك معدودة فلا تضيعها بالغفلة
كل نفس في لوح أقدارهö وقديم أزلهö
الإيمان بالقدر خيره وشره من الله تعالى , جوهر عقيدة المسلم ولب تدينه ومعينه وزاده الذي يدرك به حقائق الأشياء وهو الطمأنينة التي ترافقه فيعش آمنا مطمئنا مرددا لقوله تعالى:{قل لن يصöيبنا إöلا ما كتب الله لنا هو موúلانا وعلى اللهö فلúيتوكلö الúمؤúمöنون } (51) سورة التوبة ومنه تتفجر معاني العبودية فمن توكل واستعان بالله وإخلاص القول العمل له وتحرر من عبودية غيره, فهو لايخشى ولا يرجو سواه . فقد حقق التوحيد واستقام على الجادة , وأجنحة الحكمة الثانية والعشرون ترفرف بهذا المعنى وتزفه في ثوب أدبي قشيب فتقول: « ما مöن نفس تبديه إلا وله قدر يمضيه » .
ما أعظم هذه الحكمة التي تمتد مع قدر الله الواسع ليس على سبيل الاستقصاء ولكن تمتد مع الأنفاس ناهيك عن الحركات والسكنات مصورة حركة الإنسان الوجود وفق مشيئة الله المكتوبه في لوحه الأزلي والإستغراق في تأمل تصريف الموجودات يؤدي إلى تعظيم موجدها. وهومقصود القرآن.
إن لكل مخلوق عدد من الأنفاس ومن الحركات ومن الكلام أو الأصوات وعدد محدود من الأرزاق والأعمال كل ذلك يعلمه الله الذي دبر وأحكم وجعل لكل شيء قدرا .
إن ما نراه نحن حركة طبيعية أو شيئا عابرا إنما هو قدر مرسوم لحكمة يعلمها الذي قدر كل شيء فكل حركات الوجود العابرة الصغيرة والكبيرة -المخطط لها التي ضبطت بالإرادة والاختيار أوالتي لم تضبط ( التي نحسبها عشوائية في نظرنا) كلها مرسومة معدودة خلقها الله وقدرها لحكمة قد يـعلم للإنسان بها إن كانت في إطار أردته وعلمه وقد لا يـعلم .. يعلمها علام الغيوب قال تعالى : ] وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البرö والبحر وماتسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين [ الأنعام ( 59 ) وقال تعالى : (إليه يرد علم الساعة وما تخرج من ثمرات من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ويوم يناديهم أين شركائي قالوا آذناك ما منا من شهيد ) فصلت ( 47 )
لا يوجد شيء – على الإطلاق ـ صدفة أو عبثا مهما صغر شأنه أو مهما بدا للناظرين أنه لا هدف له ولا غاية أو أنها حركة تلقائية .. كلا .. لافرق بين الكبير والصغير من الأقدر في ميزان الحق , فمن خلق المجرة بنظام محكم خلق الذرة الصغيرة مع اختلافها في الدور الوظيفي لها لذلك نقول عند مشاهدتنا لمخلوقاته :(ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ) آل عمران (191).
ولنعلم ويعلم كل عبد بأن أنفاسه محدودة معدودة خلقها الله لغاية , ينبغي أن تصرف هذه الأنفاس في هذه الغاية التي خلقت لها فلا يصرفها في غير مرضاة الله .
فعلى المسلم أن يكون حريصا على وقته وعمره بحيث يستغل كل لحظة فكل نفس محسوب عليه فلا داعي للتفريط وتضييع الأوقات والجهود فيما لا طائل منه أو فيما لا ينفع . وكفى بهذه عبرة وعظة ..
أليس الموت قضاء وقدرا مرسوما محدودا لا يتقدم ولا يتأخر ¿! فهل يموت إنسان قبل أن يستوفي رزقه وتنفذ أعداد أنفاسه ¿!
إذن للوصول إلى هذا القدر الحتمي لابد من أقدار كثيرة يمضيها الله على هذا الإنسان ليتحقق بها ذلك القدر النهائي المرسوم .هذا الفهم يعمق في القلب الإيمان فلا اضطراب للنفس البشرية مع هذه الحقيقة ولا قلق .فالأمور إلى غايتها تسير فالآجال والأرزاق بيد مدبر الكون ومصرفه فلا خوف من المجهول ولا خشية من المعلوم. أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه.
تذكرني الدقائق والثـــواني بـأحوال الرجوع لمن بــراني
وأني مثل لبسي النـوم ليــلا سألتبس الممات إذا دعـانـي
عليم بالغيوب وليس تخــفى على الله الســـرائر و الأماني
وإني لست أرجو سوى رضاه إذا عرضت علــى الله الثواني