معلمون صباحا وسائقو تاسي عصرا!!

إسمهان الشرجبي


إسمهان الشرجبي –
كانت آمال المعلمين معقودة على وزير التربية الجديد الذي خرج من رحم الثورة يعد واحدا من المعارضين أنه سيعمل على تطهير المؤسسات التعليمية من الفساد المتجذر والمتأصل فيها ويعد طوق النجاة لما تبقى للتعليم من كرامة إن كان له بقية كرامة وتبددت هذه الآمال إذ يبدو أن التعليم سيمر بمراحل عجاف أخرى نتيجة لعدم ردع تلاعب كل رئيس قسم أو مدير في المؤسسات التعليمية بمناطقها ومكاتبها المنتشرة في أنحاء الوطن تلاعبهم بمقدرات التعليم وميزانيته التي سخرت لسيارات وبيوت ومزارع الرؤوس الكبيرة في المؤسسات التعليمية ناهيك عن الأموال التي يحصدها هؤلاء باستغلالهم لمناصبهم الوظيفية.
هذا الفساد المالي والإداري الذي استشرى في مفاصل مؤسسات التربية أفرز بؤسا للمعلم وانحطاطا للتعليم وضياع المتعلم.
وفي خضم هذه الدوامة يواصل الكثير من المعلمين الشرفاء كفاحهم ضد الغرق في وحل الفساد والضياع في سراديبه ودهاليزه المظلمة ذلك الفساد الذي أهله وشرعه مدراء المكاتب والمناطق التعليمية الذين يأكلون باليدين وبنهم وشراهة شديدة كل مخصص للتعليم والمعلم وفوق ذلك يضرب الكثيرون منهم ضربات قاضية في ابتزاز أصحاب المعاملات من معلمين وطلاب عن طريق سماسرة من الموظفين في المناطق التعليمية أو مكاتب التربية ويسمع الكثيرين أن مديرة المدرسة (س) تطلب رسوما باهظة قياسا بالرسوم الحكومية ولا يتم مساءلتها أو مقاضاتها هذا الأمر يفرض سؤالا ملحا: لماذا تترك هذه المديرة وغيرها على هواها دون قيد أو شرط ودون مراقبة أو حساب¿ الإجابة التي تتسلل إلى الذهن أن ما تحصل عليه هو مناصفة فلا يغض الطرف إلا مستفيد وقانون المعلم الذي لا يعد أكثر من حبر على ورق نقابات التعليم التي تعددت وتلونت وتشكلت وأصبحت لا تخدم التعليم ولا المعلم لكنها تستميت في خدمة أيديولوجيات غير تربوية وحقوق المعلم التي تضيع دائما في زحمة السباق المحموم على افتراس وتقاسم مستحقاته.
خمسون ريالا
فهل يعقل أن يخصص للمعلم (المحلاحظ) في امتحانات الثانوية مائة وخمسون ريالا لليوم الواحد إنها إهانة مابعدها إهانة ولو غاب المعلم استقطع من راتبه ما لا يقل عن ألف ريال.
ولماذا يسكن القائمون على التعليم والمعلمين قصورا ويسكن المعلم جحورا بدلاتهم مئات الآلاف وبدلات المعلم لا تتجاوز مئات الريالات فالمعلم يظل يدور طوال الشهر في حلقة مفرغة يعمل يدور حول ساقيه ولا يصل إلى ما يسد رمقه ويكفي حاجته فإذا كان راتب المعلم 60 ألف ريال وإيجار بيته 35 ألف ريال كيف يستطيع هذا المعلم العيش بكرامة وأن يؤدي دوره في بناء العقول والشخصيات بعيدا عن شظف العيش وصعوبة الحياة لذا يلجأ معظم المعلمين للعمل في مجال آخر ولعل معظم المدرسين يعملون سائقي سيارات أو باصات فهنيئا لتعليم يعمل معلموه سائقي سيارات أو باصات ماشاء الله تقدم غير مسبوق وبراءة اختراع حصل عليها المعلم اليمني دون غيره من معلمي العالم.
محرومون من التدريب
والتدريب والتأهيل الذي تصرف له ميزانية خاصة أين المعلم منه معظم المعلمين في حالة إقصاء من التدريب والتأهيل لأن الوساطة ترجح كفة بعض من لهم سند قوي في مكاتب التربية ومناطقها ويظل معظم المعلمين متقوقعين على معلوماتهم القديمة البالية إذ أنهم في حالة إقصاء دائم من التأهيل.
ياحكومة الوفاق
التعليم ياسادة شريان الحياة من شأنه أن ينعش البلد كما حدث في اليابان دولة العلم من الدرجة الأولى إذ بالعلم أحرز اليابان تقدما في مجالات الطب والصناعة وغيرها. فشريان التعليم يوصل أوكسجين المعرفة على بقية مكونات الجسد. فلو تخيلتم أنه لايصل لوزارتي الداخلية والخارجية وهما دماغ الوطن فكيف سيكون هذا الدماغ الذي قطع عنه إمداد الأوكسجين (المعرفة) سبب الشريان (المعلم) الذي أهمل وتعطل عمله ولم يعد قادرا على ممارسة مهامه بضخ المعلومات” إذا هذا الدماغ سيكون معاقا عقليا وستضيع علاقات البلد مع الإقليم والعالم كما سينفلت الأمن وتغرق البلد في الفوضى واختراق القانون. لأجل ذلك نقول لحكومة الوفاق الوطني التي تتصرف باتفاق أوليس الأجدر والأنفع والأصلح للبلد أن يتفق الصالحون في حكومة الوفاق من كلا الفريقين على استئصال الفاسدين من الطرفين وإقصائهم من مفاصل الدولة ومواطن قوتها فالتربية أصبحت وأضحت وأمست وكرا وبؤرة للفساد وهي المفصل الذي إذا صلح صلح الوطن كله وإذا فسد فسد الوطن كله. فالتجربة التركية والماليزية أثبتت أن العلم يعلي بيوتا لا عماد لها ونهضة لا أساس لها وإن فساد التربية يهدم بيوت العز والشرف وتهاوي العراق والصومال بفساد التعليم وسيطرة أصحاب النفوس الدنيئة عليه وضياع الأخلاق التي تغرس بالتعليم السليم وإن لم يتنبه من بيده القرار في حكومة الوفاق سيصبح الوضع كما في العراق والصومال وسيهدم الم

قد يعجبك ايضا