المستشفيات في مواجهة تهمة إحراق ملفات المرضى

تحقيقصقر الصنيدي


تحقيق/صقر الصنيدي –
مستشفى خاص: نحفظ حتى ملفات الموتى.

وضع الباحثون خطتهم العلمية بين فترة زمنية تبدأ قبل عشرة أعوام وحتى الآن وأثناء العمل فاجأهم مالم يتوقعونه لا وجود لملفات المرضى المراد دراستهم ويمكن الاكتفاء بعامين مضت فقط- وبسهولة قيل لهم أنه تم إحراق ملفات المرضى ولم يعد هناك أي معلومات عنها.
كانت هذه المعلومة مخيفة لمن يسمعها أول مرة ومحرجة لممثل المستشفى الموجود أثناء مناقشته ابحاث طلاب قسم طب المجتمع جامعة صنعاء وقد تمكن من الاختفاء فجأة هربا من الإجابة عن سؤال لماذا تحرقون ملفات مرضاكم في كلية الطب¿ قال الباحثون الذين أجروا بحثا مفصلا وحصلوا على شهادات التخرج هذا العام أنهم لم يكونوا مصدقين وقبلها غير متوقعين أن لا يعثروا على ملفات مرضى للقيام بتحليلها والخروج وبالنتائج وقد اختاروا أهم مستشفى عام في اليمن وهو مستشفى الثورة الذي يحسب له إنجاح معظم ابحاث الطلاب والمساهمة معهم في الخروج بنتائج أولية للعديد من الأمراض لكنه هذه المرة يواجه تهمة الإحراق للملفات مستخدما النار كلما زادت أعدادها.
تركنا الباحثين الذين اكتفوا بما توافر لديهم من سنوات وغادرنا كلية طب جامعة صنعاء في اتجاه مستشفى الثورة وبعد تطوع أحدهم بايصالنا إلى المبنى الذي يوجد في إحدى ادوارة الأرشيف الطبي ظهرت لنا نافذة في الدور الرابع من مبنى مكون من ستة طوابق حديثة وتتزاحم الأوراق والملفات على تلك النافذة وكأنها تتنافس على من يخرج أولا هكذا يبدو المنظر من الأسفل.
يقول أحد مرافقي المرضى إنه في طريقه إلى الارشيف لطلب نسخة من ملف المريض ولديه ثقة أنه سيجده غير مصدق احتمالية أن يكون تعرض للحريق وقد كان محقا فقد عاد حاملا له في اتجاه الطبيب المختص – مثل هذه الملفات لا يمكن حرقها وتعرف بالملفات الفاعلة أي التي تتحرك نتيجة طلب الأطباء لها هذا ما يؤكد عليه المشرف على الأرشيف محمد العزيزي والذي لم تمر فترة طويلة منذ تسلمه العمل هنا وهو متخصص بالاحصاء.
حين تمت ممازحة مرافق المريض الباحث عن الملف بالذي يفكر فيه حال إحراق الملف الذي يريده رد مبتسما سأحرق لهم الأرشيف لا يمكنه القيام بذلك وليس لديه أي حق بالتفكير برد فعل سلبي لأن المستشفى قد أدى ما عليه “نقوم بنشر إعلان في الصحف إلى المرضى الذين مضت أكثر من خمس سنوات على ملفاتهم إن كانوا يحتاجونها وأن المستشفى غير مسؤول عن توفيرها فيما بعد.
يقول العزيزي “هذا قانوني جدا الإعلان المتكرر يصل إلى كل من لديه ملف واقف في الأرشيف.
ومفسرا للمعنى يقول إن واقف تعني أن تمر فترة زمنية طويلة دون أن يطلبه الطبيب فيصبح بحكم المعلومات القديمة التي لا يحتاج أحد إليها.
تعتقد الجهة الطبية أن الإعلان في الصحيفة يصل إلى كل من لديهم ملف طبي وهو اعتقد لا تربطه صلة بالواقع فهناك كثيرون يأتون فيما بعد ويبحثون على ملف أكلته النار وعند سؤالهم أين كانوا ولم يقرأوا الصحيفة يردون أنهم مشغولون أو أنهم كانوا في القرية.
الأكثر تضررا
لدينا الآن متضرر مباشر وهو المريض الذي يفقد ملفه الطبي إلى الأبد ويضطر لإعادة كل شيء قام به لكن الدكتور حسن حرمل “طبيب عام” يقول إن الفحوصات ونتائجها التي تمر عليها أكثر من ستة أشهر تصبح قديمة ولا بد من إعادة إجراؤها فقد يكون هناك تطور إلى الأحسن أو الأسوأ وللإثبات يورد مثلا: بعض السفارات التي تشترط لدخول أراضي بلدانها بعض الفحوصات تطلب أن تكون حديثة ولم يمر عليها أكثر من ستة أشهر وهو أمر علمي بحت ففي حالة فحص الكبد قد يكون أصيب خلال الفترة التي أعقبت الفحص ولا بد من إجراء جديد للتأكد.
الدكتور أمين الكمالي المعروف في عالم الجراحة لا يمكنه أن يبدأ في أي إجراء طبي إلا بعد تكوين ملف طبي متكامل ويرسل المريض لعمل فحوصات لكل شيء تقريبا ويجمع كل ذلك في ملف خاص وفي كل مرة يطلب مراجعة الملف قبل اتخاذ أي قرار وتحفظ الملفات لديه الكترونيا وورقيا يقول: الملف من أساسيات العلاج فمن خلاله يمكن تتبع الحالة المرضية وهل حدث تدهور أو استقرار أو تحسن وبدونه يضطر الطبيب للبدء من جديد.
هناك أيضا متضرر غير المريض وهو السياسة الصحية للبلد فمن دون ملفات طبية ومسوحات ميدانية لا يمكن تحديد الأولويات الصحية ويبقى دور وزارة الصحة للطوارئ فقط كلما حدث وباء وانتشر تتدخل للمواجهة وكأنها وزارة إدارة كوارث فقط وليس وضع مخططات ورسم سياسات.
حين علم رئيس قسم طب المجتمع جامعة صنعاء الدكتور أحمد الحداد أن هناك إحراقا ظهر عليه القلق ذلك لأن طب المجتمع إحدى المؤسسات التي يمكن الاعتماد عليها في دراسة صحة المجتمع وتحديد الأولويات وقال إن هذه مشكلة ستواجه الأبحاث على المدى القريب والبعيد وتكبر كلما مر وقت أطول.
غرفة لا تكفي
في الواقع يمكن رؤية الكم الهائ

قد يعجبك ايضا