فعلا.. الواقع اليمني “مختلف”..!
عبدالله الصعفاني
مقالة
عبدالله الصعفاني
عبدالله الصعفاني
الحروب الكلامية على أشدها وللحروب الكلامية ما يرافقها من حروب دموية لا ترى فائزا بنزيفها..
> ولقد نجحت شبكات التواصل الاجتماعي الاليكتروني في مسألتين الأولى القيام بدور عود الثقاب والثانية توحيد لحظة التزاوج بين زمان ومكان إطلاق ما يسمى ثورات التغيير أو الإسقاط أو الإصلاحات وكل بلد وخصوصيته من حيث عمقه المدني أو القبلي وما بينهما من الشبكات والتفاصيل..
> وعندما قال الرئيس التونسي زين العابدين علي “فهمتكو” ثم غادر إلى جدة وناور الرئيس المصري حسني مبارك ثم غادر إلى شرم الشيخ ارتفع إيقاع نقاش ما بعد «مصر ليست تونس» ودخلت ليبيا واليمن على الخط وبالفعل أكد الثلث الزمني الممتد من يناير وحتى أبريل من العام الجاري أن على الخارطة العربية من الخصائص والفروق ما يفرض أن يختار كل شعب ما يناسبه من وسائل التغيير انطلاقا من إدراك أن الرغبة الأكيدة في ثورات التغيير لا تعني الاستنساخ وإنما الاستلهام واتخاذ المسار الذي يناسب كل بلد متطلع لإحداث التغيير.
> في البحرين مثلا تدخلت قوات درع الجزيرة ووصلت الرسالة قوية في الخليج «القضية غير» ويجب استدعاء الاجتماع المنطلق من حكمة (ما أمسى عند جارك أصبح في دارك) ولا مجال للشطط الثوري خليجيا حتى لو غضبت ايران وانزعج حسن نصر الله.
> ولا يحتاج معمر القذافي للتأكيد من جديد أن ليبيا ليست الجارتين تونس ومصر بصرف النظر عن كوني مثل معظمكم لم أفهم كيف أن النظرية الثالثة والزحف الأخضر يتجسدان الآن في زحف أحمر وزحف مضاد في مساحات جغرافية هائلة لا ترى فيها إلا تخريبا في المدن وأرتالا معطلة من العربات وأشلاء الإخوة.. يبدو أن الزحف في ليبيا تأخر أربعة عقود ليأخذ هذه الصورة الغريبة في كل شيء حتى في رفض النيران الصديقة للاعتذار.
> وقبل أن أختم ببلدي اليمن فإن سوريا تبدو مختلفة ليس في خلفيات المواجهة والتماس مع إسرائيل وعمق المقاومة اللبنانية وحالة الشراكة والاستقطاب الممتدة من دمشق إلى طهران وإنما في شكل الاستعانة على قضاء بعض الحاجات بالكتمان حيث يبدو الإعلام الفضائي المتأبط شرا عاجزا في مهمة العبث بقلوب وأعصاب السوريين.. وهو ما يمثل الصورة المختلفة لما يجري في اليمن من تسابق القنوات المحلية والعربية على اظهار مشاهد تفرض على الأباء أن يحولوا بينها وبين أطفالهم..
> وفي المقارنة بين مصر وتونس من جانب واليمن من جانب آخر سنجد الاختلاف في كل شيء الأمر الذي يفرض على كل غافل ألا يأخذه العناد فيعلن التصميم على استنساخ ما حدث في الثورتين التونسية والمصرية وبطريقة «صورة طبق الأصل».
> في تونس انتحر بو عزيزي فكان الشعب التونسي في حالة من الاحتقان تسمح بأن يخرج الجميع فلم يجد بن علي غير الرحيل بليل.
وفي مصر امتلأ ميدان التحرير فامتلأت الشوارع المطلة عليه.. وامتلأت القاهرة والجيزة لتمتلئ كل ربوع مصر بصرخة حتمية الرحيل.. وفي دوائر الحكم بدت المؤسسة العسكرية في موقع الصدمة من اجتماع الشعب حول الثورة فكان ما كان ويكون.
> أما في اليمن فإن فقه الواقع وطبيعة العمق الاجتماعي والقبلي والطبيعة التي يدير بها الرئيس علي عبدالله صالح علاقاته واستناده على سلسلة من الإنجازات التي لا ينكرها حتى خصومه جعل المراقبين المنصفين أمام حالة مختلفة حيث حدد فيها معظم الشارع مواقف ايجابية من مبادرات الرئيس حول إعلان عدم التمديد أو التوريث وإعلان الاتجاه إلى النظام البرلماني والقائمة النسبية والأقاليم فضلا عن استعداده للتعاطي مع فكرة المغادرة لمنصب الرئاسة بطريقة سلسة لا تسمح بانهيار تفرزه القضية الجنوبية والحوثية ومظاهر القافزين على أحلام الشباب وتربص القوى التقليدية والصدمة المحتملة للقوى المستنيرة فضلا عن الخطاب المستفز لقيادات أحزاب اللقاء المشترك ومخاوف ما يسمى بالثورة بل الثورات المضادة التي لم يسلم منها حتى المجتمع المصري كما حدث من أحداث في استاد القاهرة وميدان التحرير ما يذكر بموقعة الجمل الشهيرة.
> ولا يمكن إغفال زيادة أعداد المؤيدين للرئيس علي عبدالله صالح الذين يمثلون عمقا قبليا وعسكريا يجعل من تغليب لغة الحوار لدى الجميع دليلا نظريا وعمليا لخارطة طريق لا تسمح باستمرار انقسام الشارع وإنما تعمل على إحداث ثورة تغيير سلمية وانتقال سلس وتداول حضاري للسلطة في إطار دستور جديد نافذ ومحترم ومؤسسة عسكرية موحدة تدافع عن الوطن والشعب وتنأى بنفسها عن أي تخندق خارج القيم الوطنية والدستورية..