دموع العم باسندوه 

ناجي عبدالله الحرازي



ناجي عبدالله الحرازي

أثارت دموع الأخ الأستاذ أو العم محمد سالم باسندوه رئيس مجلس وزراء حكومة الوفاق (الإنقاذ)  التي ذرفها وهو يدعو أعضاء مجلس نوابنا الموقر لإقرار قانون الحصانه للرئيس علي عبدالله صالح ولمعاونيه  ردود أفعال متباينة .

 بعضها أدرك أن الرجل الذي يعي جيدا حقيقة أوضاع اليمن والمآزق المالي والإداري والتنموي الذي نعيشه كما يعي ثقافة اليمنيين الذين إعتادوا على عدم قبول التنازل بسهولة عن ما يعتقدون أنه حق مكتسب لهم   لم يتمكن من حبس دموعه وهو يدعو إلى منح الرئيس علي عبدالله صالح خصمه العنيد (الذي جمعتهما ذات يوم علاقة ودية  قبل أن تفرق بينهما السياسة ) الحصانة والعفو عنه رغم كل ما تسبب فيه من الام ومعاناة له شخصيا وللكثير من السياسيين اليمنيين ولشباب ساحات التغيير المتحمسين  الذين حركهم ربيع العرب ومازالوا غير قادرين على إستيعاب فكرة الحصانة والعفو .. باسندوه إختار التغلب على موقفه الشخصي من الرئيس و تحمل عناء الحصانة والعفو بشجاعة لكنه لم يتمكن من حبس دموعه وبالتالي فقد قدر البعض مشاعره الإنسانية ولم يروا في دموعه ما يعيب أو ما يؤثر على هيبته كرئيس للحكومة

لكن هناك من رأى أن فقدان باسندوة سيطرته على دموعه لايؤهله لتحمل مسئوليات حكومة الوفاق (الإنقاذ) الجسام وما يصاحبها من تحديات خطيرة قد لايتمكن من مواجهتها وقد لا تنفعه دموعه في حلها وإعتبروا دموعه نقطة ضعف لاتحتملها المرحلة التي تتطلب الصبر والجلد وتحمل الصعاب إذا ماكان لهذا البلد أن يتجاوز محنة الأشهر الماضية وتداعياتها المؤلمة

ومهما إتفقنا مع هذا الرأي أو ذاك أو إختلفنا معه الا أن المؤكد أن  باسندوه  – الذي عرفناه على الدوام صادقا في مشاعره – قدم لنا من موقعه الأخير  وخلال تلك جلسة مجلس نواب التاريخية تلك  نموذجا مختلفا من رجالات اليمن وخاصة السياسيين والوجهاء والأعيان   الذين إعتادوا  أو إعتدنا منهم على عدم التعبير عن مشاعرهم الحقيقية حتى خلال أشد الأوقات صعوبة .. بإستثناء ذلك الموقف الصعب الذي تعرض له الأستاذ حسن محمد مكي أبان الأزمة العاصفة التي مرت بها اليمن عقب إعادة تحقيق الوحدة اليمنية والتي أدت إلى حرب صيف عام 1994 البغيضة عندما تعرض لمحاولة إغتيال بغيضة راح ضحيتها مرافقوه وتابعناه وهو يفصح عن مشاعره ويطلق العنان لدموعه أمام آلة التصوير .

في كشفه عن مشاعره الحقيقية أمام عدسات المصورين وأمام ذلك الحشد الهائل ممن حضروا أو تابعوا جلسة مجلس النواب (وشتان بينها وبين تلك الجلسة التي إنعقدت يوم 17 يوليو من عام 1978 عندما أنتخب الحضور في نفس القاعه الرائد علي عبدالله صالح رئيسا للجمهورية ) يقدم لنا باسندوة نموذجا للسياسي اليمني الذي لايخشى في قول الحق لومة لائم ولا يشعر بأن عليه كبت مشاعره وتصنع الرضى والسعادة وهو في حقيقة الأمر ممتعض ويشعر بالكآبة ..

قدم لنا باسندوه  نموذجا لشفافية نحن في أمس الحاجة اليها بعدما إفتقدناها طويلا   ونحن نتعامل من رجالاتنا الأشاوس وولاة أمرنا الذين عودونا خلال العقود الماضية إدعاء أنهم في كامل لياقتهم وأناقتهم وإستعدادهم النفسي والمعنوي لأداء واجباتهم ومواجهة الصعاب  بينما هم  في الحقيقة يشعرون بالقلق إذا لم يكن بالخوف ولا يعلمون إذا كانوا سينجحون في مهامهم أو إلى أين ستقذف بهم أقدارهم¿

تلك المشاعر الإنسانية التي عبر عنها باسندوة جاءت منسجمة مع طرحه وطرح زملائه في حكومة الوفاق ( أو الإنقاذ) أنهم ليسوا سوى فدائيين قبلوا التحدي وتحمل المسئولية وهم يحملون رؤؤسهم بين أكفهم .. ليس بالمعنى المادي المألوف وإنما معنويا .

وكما قال باسندوه ومايزال يردد في أحاديثه الخاصة والمعلنه ومنها حديثه للمغتربين اليمنيين خلال جولته الخليجية الأخيرة التي رافقه فيها عدد من أعضاء حكومته فإن فشله وزملائه  في إخراج اليمن من الأزمة سيعني الحكم عليهم بالإعدام المعنوي وبالرمي في مزبلة التاريخ..

فهل ستؤتي دموع باسندوه ثمارها ويتمكن هو وأعضاء حكومته من إنقاذ البلاد والعباد وإقناع الشباب المطالبين بالتغيير بأن رياح ” ربيع العرب ” هبت بالفعل على اليمن وأحدثت التغيير المطلوب   أم أنهم سيعجزون أو بمعنى أدق سفشلون ولن يتنسى لهم إصلاح ما أفسدته الحكومات السابقة وبالتالي سنجد من يقول أن لاشئ قد تغير رغم كل التضحيات التي قدمها دعاة التغيير خلال الأشهر الماضية وعندئذ لن تنفع العم باسندوه وأعضاء حكومته  دموعهم ولن تنقذهم من غضب اليمنيين¿¿¿

 
 

قد يعجبك ايضا