التطرف الإعلامي ..!!
عبدالله حزام
عبدالله حزام
عبدالله حزام
< مضت شهور وأيام لانتنفس فيها إلا الإثارة في الإعلام ..الذي تحملنا منه ما لم نستطع عليه صبرا..حتى سئمنا تلك الحروب الكلامية والعناوين المنفوخة التي جعلتنا نخوض الحياة بطريقة المصارعة الحرة ..!!
فيا أهل بيت الصحافة – ائتوني – بكل صحفي عليم كي يقول لنا أين الصحافة الجادة..¿ بعد أن أصبحت صحافتنا الورقية والالكترونية تتكاثر ككائنات مهمتها سحب الاوكسيجين النظيف والإبقاء على غازات الدفيئة التي تثقب حتى الأوزون ..!
قلة قليلة من الصحف والمواقع تحترم أخلاقيات المهنة وتحترم عقل القارئ الذي وصل إلى حالة من الكفر البواح بتلك الوسائل التي بدلا من أن تأتيه بالحقيقة تقصف عمره بأخبار كاذبة وإشاعات مشوöشة (بضم الميم وكسر الواو) ترفع معدلات السكر والضغط وتأتي بالجلطة.
وتخيلوا ما الذي سيحدث لبني آدم مفزوع بمرض أم الأولاد أو عزيز عليه متجه إلى مستشفى في شارع الــ60فيسمع خبرا من تلك الأخبار التي لا ترحم صغيرا ولا كبيرا والمنفوخة العناوين يقول :دبابات ومدرعات تقطع الستين إثر مواجهات بين جيش ومسلحين مجهولين..وقد حدث مثل هذا الأسبوع الماضي وطلع الخبر على فشوش!!.
فوق ذلك ترمينا تلك الصحف والمواقع بأخبار التكفير والتكفير الآخر وملاعنات السياسة علاوة على سيل جرار من أخبار أنصار الشريعة والاغتصابات وهروب سلمى مع سليم وأخبار الثقافة الجنسية وحمل نانسي وطلاق هيفاء وزواج بكيزه…!! (مع إن نفسي ياجماعة أسمع خبرا واحدا عن أنصار القانون)..بالذمة هل هذا معقول¿!
أخبار من تلك وكأنها مشتاقة تسعى إلى مشتاق لنجد أنفسنا أمام مواجهة مع تطرف إعلامي متحفز للأسوأ يسير جنبا إلى جنب مع التطرف الديني والسياسي..الذي أهل لنا عددا كبيرا من المجرمين والإرهابيين مروا على قائمة الأمراض النفسية التي كانت الرافد الأول لحقل الجريمة..
بصراحة ..لازلت حيران لأني لم أفهم بعد ما الذي تريده ما يسمى بالصحافة المستقلة أو الخاصة التي يفترض أنها” لا تنتمي إلى أي اتجاه سياسي معين أو تتبنى ايدولوجية بعينها ,ولا تعبر عن أحد الأحزاب السياسية “!!من وراء الإثارة..¿
هل تريد أن تذهب بوعي الرأي العام إلى زوايا حادة بعيدة عن هموم الناس ..والعمل بمبدأ”عموم البلوى “..¿ بدلا من أن تقف هذه الصحافة على مسافة واحدة من الجميع ..وتتقي الله في القارئ لأنها في الغالب صحافة خبر..والخبر هو الذي يجلب المعاناة للناس عندما يكون كاذبا أو يقصد الإساءة لكرامة الناس وخصوصياتهم..
هذا نوع من صنوف السلطة الرابعة.. التي أصبحت أقوى بكثير من السلطات الثلاث الأصلية .. حتى أن بعض وسائل هذه السلطة تبدو وكأنها شركات عابرة للقارات..وليس من حل إلا إيجاد سلطة خامسة تحد من هيمنتها وتحمي مصالح المواطنين وعقولهم..!لكن من سيحمي¿!!
شخصيا لا أملك – إلا – أن أضم صوتي إلى صوت أستاذنا عبدالرحمن بجاش في نقاشنا حول هذا الموضوع قبل أيام وأطالب بإعلاء قيمة المصلحة الوطنية العليا واحترام عقل القارئ اللذين يضرب بهما عرض الحائط في بعض الصحف والمواقع الالكترونية جراء غياب قانون ناظم للإعلام بشكل عام ..قانون يتيح الحصول على المعلومة ..لكن يحاسب من ينتهك كرامة الناس ويسطح وعيهم ..ويفتش في خصوصياتهم..ويثير أمراض المناطقية والطائفية!
وهنا سأطرح نقطتين الأولى من نصيب بيت الصحفيين نقابتنا المصونة التي قدمت في مؤتمرها العام الرابع ميثاق الشرف الصحفي المحفوظ في سطور معدöيهö فقط ..لتبقى المهنة بلا أمانة ولا خلق حسن ولا حتى احترام للذات الإلهية ولا للمهنة من أصله مع أن الكثير من بلاد خلق الله لا يخرج غسيل الصحفيين فيها إلى حبال الرأي العام ..لأن النقابة تنظف نفسها بنفسها وتتخذ الإجراءات المناسبة تجاه المخالف بما في ذلك إيقافه ..!
ما أطرحه لا يصادر حق المتضرر في أن يلجأ إلى القضاء لإنصافه من تشهير طاله لأن القضاء ملاذ الجميع والطريق الممهد لدولة مدنية تقوم على المواطنة المتساوية وإلا لما بنى أفلاطون مدينته الفاضلة على القضاء العادل..
أما النقطة الثانية فمن نصيب وزير الإعلام الدكتور علي العمراني ..الذي أهمس في أذنه بتعريف مونتيسكيو للحرية بأنها “الحق في فعل كل ما تبيحه القوانين”.. ونحن بلا قانون بعد أن انتقل إلى جوار صنوه ميثاق الشرف وبقي مجرد مشروع تتقاذفه الأيدي كلقيط تحت مبرر أن إقراره سيشطر الأسرة الصحفية إلى فريقين وهكذا أصحبت مهنة لإعلام بلا قانون والآن نريده ولو حتى على قاعدة إلحاق أخف الضرر بالجمهور لمجابهة خطر التطرف الإعلامي وكخطوة أولى يمكن البدء من عصفور اليد «الإعلام الرسمي» الذي ينبغي أن نفهم نحن أهل بيته أن حريتنا محدودة باحترام الآخرين وأن كل ما هو حق يجب إظهاره بالدليل القاطع وأعتقد أن ذلك ليس بعسير على معالي الوزير العمراني الذي نسمع منه اليوم بشائر الخير..هذا ما