مشاهد يومية: لا يزال الذهب في الأعماق…
عبدالرحمن بجاش
عبدالرحمن بجاش
عبدالرحمن بجاش
{ ستة أيام بالتمام والكمال ظللت طريح السعال وكل مشتقاته ولم أتخلص من السعال تحديدا حتى اللحظة لكنني اشتقت إليكم وإلى دكاني وأدركت كم هو الفراغ قاتل إلى درجة لا تستطيع معه أن تتخيل نفسك بدون عمل لأنك ببساطة سوف تجن تخيلوا الناس الذين يعانون البطالة!! ومقابلهم أولئك الذين يقضون أوقاتهم فارغين لا ينتجون يأكلون وينامون ويعملون على إقناعك بكل السبل أن الحياة هي هكذا بل يجب أن تكون كذلك لا يحسون ولا يشعرون أن هناك منú تعب من أجلهم وهم أتوا – فقط – لكي يعبثوا!!
أن تجبرك هزيمة جسدك أمام غول البرد على أن تتمدد أياما على الفراش فهي فرصة أيضا – لمن يريد – للتأمل ولعملية فرز ضرورية تبدأ بالسؤال الأول : هل لا تزال الدنيا بخير¿ فتكتشف أنها لا تزال كذلك تخضع الذهب والمعدن الآخر الرديء لتفرز هذا عن ذاك فتكتشف – أيضا – أن الذهب لا يزال يسكن الأعماق ولا بأس من بعض الشوائب لكنها ليست القاعدة فمن خلال السؤال عنك في لحظة أنت – كإنسان – بحاجة إلى منú يسأل ترى كثيرين وكثيرين جدا يسألون ابتداء من الزملاء الأعزاء إلى الأصدقاء بواسطة المكالمات الرسائل الفيس بوك فتسكن نفسك الراحة إلى أننا لا نزال بخير خاصة حين تكون متأكدا أن كل الذين سألوا وقلقوا إما قراء أعزاء ربطتك بهم الكلمة أو زملاء أعزاء ربطتك بهم زمالة العمل وصداقة إنسانية تكبر كل لحظة أو أصدقاء توثقت بينك وبينهم روابط وعرى عبر السنوات.
حين تكون على الفراش تتزاحم في المخيلة مشاهد كثيرة أشخاص كثر أفكار كثيرة متضاربة متداخلة كل ذلك يحسسك أنك موجود.
أجدني في كل زاوية وبألف عمق أو غير الذي عايشته أكتشف نفسي من جديد فأجد أن في أعماقي منú لا يزال يسكن ويصرخ «اخرجني» أكتشف أن العمل اليومي «القاهر» يأخذ مني أجمل زهرات عمري أكتشف أن في الأعماق منú ينادي : «اعتقني».
أفكار كثيرة تتزاحم وأحسب – أيضا – أنني أتجدد وحين أعود إلى الدوامة اليومية أتخشب من جديد.
أثرت في نفسي كلمات هذا المبدع الذي حبس نفسه طويلا مع سابق الإصرار والترصد شهاب المقرمي الذي ثار على نفسه وخرج من دوامة «الإخراج» ليبدع القائمة الشهابية في عمل إبداعي متميز وأحسبه سيواصل وإن كان على حساب لقمة العيش!! ماذا نعمل الإبداع في هذه البلاد كأنه نقمة على صاحبه!!
نكتشف مع المرض أننا نندمج حتى ننسى أنفسنا في الوقت الذي ينهب غöلة جهدنا غيرنا!! أنا في المجمل هنا أتحدث عن المبدعين وهم كثر قدموا ولا يزالون عصارة عمرهم ويلاقون النكران فقد استعمر المشهد منú هم بالأساس خارجه!! وإن بدوا لبعض الوقت أنهم في داخله.
برغم أن لا أحد يطلب المرض أو يتمنى أن يطرح جسده على فراشه لكن صدقوني إن للأمر حكمة فيكفي أنك تنزل من عليائك أولا إلى دنيا البشر – هذا إذا كنت تحس – وإن تكبرت أو تجبرت فعلى الأقل تعود إلى حالة الضعف البشري لتتذكر الضعفاء والطيبين والمحتاجين ومنú لا يصلون إلى اللقمة إلا بشق الأنفس للمرض حكمة بالتأكيد ولن أنسى رجل الأعمال الكبير ذاك الذي امتحنه رب العباد بمرض عضال قال صاحبي رجل الأعمال الآخر : لقد زرته كانت الأجهزة من حوله وتصل إلى جسده من نقاط كثيرة وبجانبه ورقة وقلم يخاطب بهما زائريه وكتب لي : أدفع كل ما معي مقابل صحتي قال صاحبي : دمعت عيناي وأدركت قيمة الصحة ونعمة المرض في أنها تعيدنا إلى النقطة الأولى ذلك صحيح فكما أن كل شيء سببه رب العباد لحكمة فالمرض من بعض جوانبها امتحان للصبر امتحان لإنسانية الإنسان رسالة الأهم أنك يا إنسان مهما حاولت أن تخرق الأرض وتطاول الجبال إنسان في الأخير وعليك أن تعلم ذلك منú يفهم¿ منú يتعظ¿ خاصة هؤلاء الذين يحاولون شق الأرض بأقدامهم لا يرون أن أحذيتهم قد تمزقت من كثر الضرب عليها مهما كابروا ففي أعماقهم يسكن كل الضعف.
هي مسألة فلسفية – إöذا – وخذ على ذلك مثلا فالذي يصاب بمرض عضال أو بالأمراض السيارة ففي حالة المرض الذي يمتحنك طويلا عليك إذا كنت شجاعا أن تفهمه تصادقه تصاحبه وتتواضع فستجد نفسك منتصرا في الأخير.
والنماذج كثيرة لبشر انتصروا على الإعاقات على أمراضهم التي بدت لبعض الوقت أنها ستقهرهم لكنهم قهروها وآخرون لأنهم ظلوا طوال الوقت يظنون أنهم أقوى من كل شيء ضعفوا هانوا لم يستطيعوا أن يتحملوا فانهزموا لأنهم في أعماقهم من الأساس ضعفاء وإن حاولوا الظهور بمظهر القوي هم يهربون ويتخفون وراء قناع الغرور أو الشك أو الضعف – أيضا – فبعضهم يجيد استغلال ضعفه لكنهم ينكشفون حين يخجلون من أن يظهروا على الآخرين إذا مرضوا فتراهم يطلبون ممن حولهم