تأملات .. سر تطور كوريا الجنوبية 

محمد عبدالماجد العريقي


محمد عبدالماجد العريقي

محمد العريقي
البشر يتعلمون ويستفيدون من تجارب بعضهم البعض, ولذلك نحن اليوم بأمس الحاجة إلى أن نتمعن ونأخذ من خبرات الآخرين, خاصة  ما يتعلق في مسألة بناء الإنسان.
ومن يدعي الحب والولاء للوطن, عليه أن يحمل شعلة التنوير ويسهم بمكافحة الجهل والتخلف بكل ما يمكنه من ذلك, كما فعلت الشعوب الناهضة .
وهنا أنقل لكم خلاصة ما قرأته من مقالة مطولة نشرت بصحيفة الأهرام المصرية بتاريخ 22من نوفمبر 2010 بعنوان ( لماذا تفوقت كوريا الجنوبية ) للكاتب والأكاديمي عصام رفعت.
المقالة شدتني كثيرا رغم أن الكاتب حاول من خلالها أن يستثير همم المجتمع المصري, غير أن المقال يمكن أن يوجهه لكل المجتمعات العربية ومنها على وجه الخصوص اليمن وأتمنى أن يتمعن به كل فرد في مجتمعنا .
ستعرفون أن نهضة وتقدم كوريا الجنوبية, ليست مسألة إمكانيات وثروات وفلوس, وإنما بالدرجة الأولى بناء الإنسان من خلال التعليم .
الأستاذ عصام رفعت استعرض حالة احد الطلاب الكوريين الجنوبيين الذي جاء إلى مصر يحضر رسالة الدكتوراه  ( دراسة مقارنة عن التنمية الصناعية في كوريا الجنوبية ومصر بين عامي 1952- 1975) وقد خلص في الدراسة إلى أن الاقتصاد المصري في تلك الفترة يساوي عشرين مرة الاقتصاد الكوري الجنوبي .
ولكن ماذا حدث بعد ذلك¿  وهذا هو السر الذي أصبح ليس سرا .. انه التعليم والتدريب  الذي فتحت بهما كوريا الجنوبية أبواب التطور والتقدم والنهوض الشامل.
عمدت كوريا الجنوبية إلى نظام تعليمي غربي صارم, وتدريب الفرد على خمس حرف معا, وبإجادة عالية, والعمل داخل منظومة إدارية حازمة تشبه النظم المعمول بها في الجيوش .
تصوروا كانت كوريا الجنوبية تصنف كواحدة من أفقر ثلاث دول في آسيا في منتصف القرن الماضي, أما اليوم فهي  العاشرة بين أغنى دول العالم .
رغم أن كوريا الجنوبية مواردها محدودة, وذات كثافة سكانية عالية, لكنها لم تستسلم لليأس  ولم تنتظر ما سيأتي إليها من الآخرين, وإنما أيقنت أن المدخل الحقيقي للنجاح  يأتي عبر طريق التعليم .
واستثمرت في الموارد البشرية, باعتبارها أهم عنصر من عناصر الاستثمار, فحققت بفضل هذه الرؤية الاستراتيجية العميقة نجاحا هائلا, ويشارك في العملية التعليمية ثلث السكان, والتعليم هو المؤسسة الأولى, ومسؤولية كل أفراد المجتمع, لا تنفرد بها المدرسة أو الجامعة, الكل مشارك فيها باعتبارها واجبا وطنيا, وتشارك المؤسسات العامة والشركات الخاصة, والقطاعات الإعلامية في تحمل هذه المسؤولية, وهناك وزارة واحدة للتعليم العام والتعليم الجامعي تسمى  وزارة التربية وتنمية الموارد  البشرية التي تربط التعليم بالاستثمار في الإنسان وسوق العمل وفق جودة في البيئة التعليمية والبنى التحتية, وهناك برنامج تدريبي خاص للمعلمين أثناء الإجازات واختيار للمعلم قبل التدريس, وفي العطل تفتح المدارس للأنشطة الإضافية مثل الرياضة والموسيقى, ولكل مؤسسة تعليمية ولكل مدرسة ولكل فصل أهداف محددة تسعى إلى تحقيقه .
ولكل طالب ابتداء من الصف الثاني الابتدائي حصة رسمية للنقاش والحوار, والدراسة من الثامنة صباحا حتى الرابعة بعد الظهر, ويتولى الطلاب مسؤولية نظافة المدرسة عدا الحمامات .
إذا ما وقفنا أمام هذه التجربة بكل مسؤولية ومصداقية سنجد أن الكثير من النقاط يمكن عملها  هنا, لكن بالأفعال وليس بالندوات والمؤتمرات والأقوال المكررة .
 

قد يعجبك ايضا