الأمن والاستقرار أساس الوفاق والحوار

علي عباس الأشموري

علي عباس الأشموري –
إذا كنا قد نجحنا في العبور بسفينة الوطن مما يمكن أن نسميه مجازا الضفة الأولى من المرحلة الأولى إلى ضفتها الثانية من الممكن أن نسميها مجازا المرحله الثانية .. التي يبلغ مداها حولان كاملان بحسب الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية والتي تمثل بحق مرحلة فاصلة في تاريخ اليمن الحديث لأن نجاحنا في تخطي هذه المهمة يعد بمثابة إثبات وجود يتطلب منا جميعا تشمير السواعد ومضاعفة الجهود.. كما يتطلب في الوقت ذاته إعادة رص الصفوف وارتقاء كافة شركاء العمل السياسي بأنفسهم فوق مستوى الجراحات النازفة التى أحدثتها الخلافات على مدى سنوات إن ما حققه اليمنيون بكافة أطيافهم السياسية من نجاح باهر في الانتخابات الرئاسية يوم 12/فبراير الماضي يعد بمثابة الخطوة الأولى على سلم التغيير البناء وأنه كان على جميع شركاء الوفاق السياسي السير بخطوات توافقية أخرى من أهمها توحيد نهج الخطاب الإعلامي الرسمي والحزبي الذي يجمع ولا يفرق والذي يدعو إلى التسامح والإخاء والمحبة وكذا التعاون مع اللجنة العسكرية العليا في رفع المظاهر المسلحة والمتارس وإزالة كل المظاهر السلبية التي خلفتها الأزمة كتعبير عن حسن النوايا والمضي قدما على طريق الوفاق والاتفاق البناء.
ولكن وبمجرد تشكيل حكومة الوفاق الوطني وانتخاب رئيس الجمهورية واستلام السلطة حتى عادت تلك الأطراف للاختلاف قبل الاتفاق فلم يكد المشترك يصدق أنه قد وصل السلطة حتى بدأ يتعامل مع الواقع الجديد بمنطق التسلط والثورية والتهديد والوعيد.
وفهم إعلامه وأعلن إن هذه الاتفاقية هي أول أهداف الثورة وأن الثورة ماضية لاستكمال بقيه أهدافها .. ونسي أن ماتم هو اتفاق سياسي وليس حسما ثوريا وتعامل الطرف الآخر بواقع أنه مازال الحزب الحاكم ونسي أن المرحلة توافقية.
ما يجب أن ندركه جميعا وتتعلمه تلك الأطراف من أن المبادرة الخليجية اتفاق لا مناص منه وأن آليتها التنفيذية المزمنة أصبحت أمرا واقعا وبرنامجا تنفيذيا مؤيدا بقرار دولي ورقابة إقليمية ودولية لا يعفى أي طرف من التزاماته كما أن المماحكات السياسية والتصعيد الإعلامي وتحويل مسار الاتفاق إلى اختلاف وإشعال ثورات المؤسسات واستنهاض الحس الثوري و«الحزبي» في صفوف القوات المسلحة وتحويل الشوارع إلى ساحات للعرض العسكري والتقطع الأمني … لن يغير في الأمر سوى توتر سياسي وعسكري وشوارعي يزيد من معاناة المواطن ويفقد ثقته في حكومته وأحزابه وبالتالي تفقد هذه الأطراف ثقة المجتمع الدولي.
إن إخفاق اليمنيين في إخراج بلادهم من هذه الأزمة إلى بر الأمان واستغلال تنظيم القاعدة الإرهابي للانفلات الأمني وتوسعها أفقيا وإقدامها على مهاجمة الوحدات العسكريه واستيلائها على الأسلحة قد يدعو مجلس الأمن إلى اتخاذ على الوطن باعتبار أن هذه الأحزاب قد جرت الوطن إلى حالة الفشل السياسي والانهيار العسكري. ولعل القلق الذي أبداه رئيس مجلس الأمن في جلسة الخميس 92/ مارس الوزير البريطاني لدى الأمم المتحدة مارك لايل غرانت في بيان للمجلس يقول أن الهيئة الأممية قلقة بشأن تدهور مستوى التعاون بين الاطراف. السياسية الفاعلة في اليمن وما يشكله ذلك من مخاطر على عملية الانتقال السلمي للسلطة .. ودعا السفير البريطاني جميع الاطراف في اليمن إلى أن تظل ملتزمة بالانتقال السياسي والنظام الدستوري والقيام بدور بناء في هذه العملية كما أعرب البيان عن قلقه البالغ إزاء الهجمات الارهابية الكثيفة التي يشهدها اليمن والتي يشنها تنظيم القاعدة الإرهابي .. معربا عن تأييده لجهود الحكومة من أجل مكافحة الارهاب والامتثال لكل الالتزامات بموجب القانون الدولي.
لذا فإن الانفلات الأمني وانتشار الهجمات لتنظيم القاعدة وتقاعس أطراف العملية السياسية عن الوفاء بالتزاماتها هي أهم العراقيل التي تواجه تنفيذ المبادرة الخليجية..
إن الأمن ضد الخوف والأمانة ضد الخيانة والأمن يعني السكينة والطمأنينة على مستوى الفرد والمجتمع من خلال الإجراءات التي تتخذ للحفاظ على النظام في الدولة وتأمين الشعب والمنشآت الحيوية والمصالح الأساسية ومواجهة الأحداث التي تسبب الاضطراب والفوضى ولذلك فالأمن يتحقق بمجرد حماية أمن الإنسان بالحفاظ على حياته فحسب بل إنه يحتاج للأمن على عقيدته وعلى هويته الفكرية وعلى اقتصاده وعلى غذائه والشعوب تحتاج إلى حماية منها الخارجي والقومي.. ويعد الأمن مرتكزا لكل جهد تنموي وهدفا أساسيا لكل المجتمعات ويعد حاجة إنسانية جوهرية مثل الهواء والماء والغذاء بل إنه يتقدم أحيانا على الغذاء كما في دعاء سيدنا إبراهيم عليه السلام «وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذ البلد آمنا وارزق أهله من الثمرات».
وقد اكدت تجارب الامم والشعوب مثلما اكد التاريخ على أنه لا إبداع ولا تطور ولا حوار ولا سلام ولا علاقات حميمة وحسن جوار ولا سياحة ولا استثمار دون أمن واستقرار… لهذا فإن الأمن يعتبر من أهم أ

قد يعجبك ايضا