إلهانيات

ليلي إلهان


ليلي إلهان –
» لخفجة » نسوان ..
في صباح الأربعاء التاسع والعشرين من شعبان الماضي , تلقيت دعوة حضور كريمة من أحدى صديقاتي الرائعات , معها تلقيت أحاسيس دافئة , ومليئة بالحنان والبهاء . كنت في مزاج جيد في ذلك الصباح , وكانت معنوياتي في أحسن حالتها , وكانت ابتسامتي زهرية , وخطواتي سعيدة .
كنت أسمع عن هذا اليوم , لكنني لم أعشه من قبل , لكن هذه المرة سوف أقوم بالتجربة الشقية , سوف التحق بنفسي الهاربة من الملل , سوف التحق بمراسم التحضير للفطور الهادئ , سوف أدس أصابعي بين تلك الصحون والملاعق بحميمية كبيرة وشيقة , سوف أعيش الفرحة , وأبعثر نفسي لها كعاشقة صغيرة .
لم أكن أدري بأن الوقت المسكين سوف يعيش معي لحظات حرجة في ذلك الصباح , الصباح المظلوم معهن في » الحش » والتطفل على شئون الحالمين بالسعادة والطمأنينة . الصباح الذي سمع مثلي عن » فلانة وعلانة »
وعلى طول الآنسة » ل » وبدانة المطلقة » ج » ولم أكن أدري أنا , والصباح , والوقت , بأننا في الحسبة أيضا وقد جاء دورنا ومحاسبتنا على اللبس , والتأخير , وأيضا الهدوء . لقد تمت محاسبتنا جميعا نحن الثلاثة على أخطاء وأفعال لم نقترفها , لقد تمت محاسبتنا كل باسمه وصفته . وقد تمت محاسبتي أنا أولا على لون حذائي الوردي بأنه يجذب أنظار زملائي, وعلى ابتسامتي الزهرية , والوقت تمت محاسبته على هروبه وخوفه منهن , والصباح على هدوئه من فوضى أفواههن . لذا كنت أسمع العتاب كله , وأدس صوتي في حلقي مخفية بذلك غضبي الشديد منهن . وعندما دقت ساعة الظهيرة وقارب الوقت على الانتهاء , اختفت كل واحدة منهن تحت عيوبها وفرت .
* » اللخفجة« هي ثرثرة النساء في المناسبات المختلفة .

أنا على قد حالي
أحاول كل ليلة أن أمتلك هدوء المساء . أحاول أن أعيش لحظات سعيدة مفعمة بعبق المكان والذكريات . أحاول بكل ما أملك كي أؤمن حالتي تلك بروعة الهواء.
أحاول أن لا أسمع ذبذبات أصوات جاءتني من فضاء آخر .
ربما لأنني أحاول ذلك ..
لماذا أسمع إزعاج المنبه لي .. ¿ ولماذا أسمع صرخات أطفال الصومال بالقرب مني .. ¿
ولماذا أشم » الزقني » أنا وحدي دون غيري , ولبان السيدة » زعفران » وهو يعكر صفو المكان ¿.
لماذا أصبحت » الصافية » الزافية » دون أي بند أو قرار جمهوري لتغيير أسماء حارات صنعاء .. ¿
هكذا كل مساء أحاول فك غضبي دون رقابة من جيراني المحترمين جدا .
لكنني أجد نفسي وقد أصبحت أنا المكان , أنا اللبان , وأنا الفوضى , وأنا السيدة زعفران , وأنا كارثة الساعة .

» طماش « ..
أولاد الحارة متعبون جدا من أنفسهم .
متعبون من تكرار اللعبة ذاتها . متعبون من أفراحهم الجديدة , التي لا تتوافق مع أفكارهم البريئة .الأولاد لا يعرفون كيف يتم تأسيس حزب رعاية الطفولة , أو حزب العواطف الطليقة من وجه الحرمان والعذابات المتكررة والخيبات المتواصلة ¿.
الأولاد لا يعرفون ما هي فائدة اختيار ألعابهم . وما هي الآلام التي سوفيلقونها منها .
أن » الطماش« الذي يطالب الآن بالعفو من الأولاد الجرحى والمصابين .. يطالب العفو من مشاكله الدائمة , ربما كي تغفر له .
يطالب العفو من عصافير الدنيا التي فرت من جنونه المستمر وحرائقه .. يطالب العفو من أحاسيس فقدت ونبضها .
يطالب بخروجه من البلاد كأي لاجئ سياسي , لأنه دمر ,وجرح وأعتدى على الكثيرين ..!!

قد يعجبك ايضا