…… والعيب فينا
جمال الظاهري
جمال الظاهري –
هكذا نحن العرب نزمجر حين يكون الصمت هو المطلوب نرفع الهامات على بعضنا حتى انه يخيل إليك أن منú أمامك لم يعرف كيف يحني رأسه أو يطأطئ ولو لأبيه وأمه نسرف في تقريع بعضنا حين يكونون على خطأ فإذا ما وصل الأمر إلينا تأخذنا العزة بالإثم.
بالفطرة نحن نعرف الخطأ ونمقت العيب ندعو للاستقامة والصلاح ونمارس العكس نرتكب في حق من نعيش معهم الحماقات وننشد منهم الانصياع لنا والتغاضي عن زلاتنا التي أصبحت ما نحن عليه أصلا لأن الزلة نادرة والاعتذار عنها من موجبات المسامحة.
نحن العرب أعرف الناس وأجرؤهم على الخصام وأنكرهم وأكثرهم تعففا من التسامح شتاؤنا قارس وأمطارنا عواصف ورعود وبرد ضعيفنا تسلية الاقوياء وقوينا قدوة الضعفاء من وقع منا دسناه ومن ارتفع أجللناه لا نبحث عن أصل الأشياء أو معدنها بقدر ما نسرف في ذم من غادرنا أو ضعف بيننا.
تاريخنا يكتظ بالحكمة والعبرة والقدوة الحسنة والمثل الانساني الذي نتناقله عند كل خطب في حين أن تعاملنا ابعد ما يكون عن التطبيق ديننا حديث الصغير والكبير وملهاة نلوك قيمه صباح مساء نطالب الغير بتمثله وننسى انفسنا نسوقه على أنه المنقذ للبشرية في حين أن افعالنا وتعاملنا مع بعضنا تنفر من هو على استعداد للاقتناع والدخول فيه.
نمقت الحماقة والكبر والمكابرة والدوس على ما هو حق لنا ونعتلي رقاب الأقربين إلينا إذا ما لاحت الفرصة لنا نزدري الفضاضة والتعالي بين الناس ونمارسها كأنها قوت يومي لابد لنا منه كي نشعر بأننا أحياء.
إننا نعيش فعلا ملهاة يومية لا ندري كنهها ولا طعمها ولا مذاقها إلى حين يأتي الدور علينا ونصبح في نفس الدائرة المفرغة التي تأخذ منا كل هذه القيمة الأنسانية ومعانيها التسامحية يأخذنا العجب حد التباهي بالفعل المذموم وتأخذنا (العنجهية) لارتكاب نفس الأخطاء التي أنكرناها على غيرنا فإذا ما أنفذنا قدرنا الذي صنعناه بأيدينا نبدأ في ذم ولعن الشيطان.
ننفذ الفعل ثم نسأل أنفسنا عن السبب والمسبب ونلقي باللائمة على بعضنا البعض نعد العدة ونذبح من يقع في أيدينا ثم نتساءل عن فعلنا هذا لماذا أقدمنا عليه ولماذا ارتكبناه¿!
حياتنا كلها ظلال باهتة أو انعكاس لما نزدريه من غيرنا ندعو للإخاء ونتنكر لمن أحسن إلينا نمد أيدينا ونلوي أعناقنا ونغمز على من أحسن الينا ظالمنا تاج على رؤوسنا ومحسننا غبي في أعيننا مسخنا القيمة الإنسانية لحياتنا التي نعيشها ولوينا اعناق القيم والأخلاق حتى صارت في نظر الكثير منا مدعاة للسخرية وسببا يحول بيننا وبين المجد الذي ننشده فحين تقدر من يستحق يغمزك الآخر بأنك منافق أو صاحب مصلحة حين تنصح من أخطأ في حق أخيه الأكبر أو لم يفسح المكان لمن هو أكبر منه تتهم بأنك خانع ذليل أو متبلد عديم الطموح.
ما هذه الحال التي وصلناها وكيف جاز لنا أن نكسر كل قيم الدين وكل أخلاقيات التعامل الإنساني وهل معنى هذا أن ديننا وتاريخنا وما تعلمناه وتربينا عليه كان ضحكا على الذقون أم أن الحال وصل حدا يلزمنا بالثورة على هذا الواقع لنعيد للحياة مذاقها وطعمها وريحتها.
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا