إصرار منقطع النظير رغم حيل الآباء والأمهات بالاكتفاء بصيام نصف يوم
تحقيق/ أسامة الغيثي –
الكثير من الأسر في محافظة صنعاء تخشى على اطفالها من تلك العزيمة الكبيرة والإصرار المنقطع النظير من قبل الأطفال الذين يحرصون على صيام شهر رمضان ورغم تفاعل الأهل معهم إلا انهم يخشون على فلذات اكبادهم من تعرضهم لأمراض نتيجة ذلك الإصرار على الصيام وهم لا يزالون صغار السن ولا تتحمل اجسادهم الضعيفة الصيام ومع هذا تجد بعض الأسر تتجاوب مع رغبات اطفالها في الصيام والبعض الآخر منها تتحايل على اطفالها ليصوموا نصف اليوم ..ملحق «رمضانيات» قام بإجراء تحقيق حول هذا الموضوع وكانت الحصيلة كالتالى:
هناك من الأسر من تقوم بدفع اطفالها للتنافس والتسابق على صيام يومهم الرمضاني فقد اعتاد بعض الآباء على بث روح المنافسة بين فلذات اكبادهم كما ان بعض أولياء الأمور لم يكتف بذلك فحسب حيث يقوم بتمكين طفله الصائم من الحصول على وجبته المفضلة عند الإفطار والبعض الآخر يقوم باصطحاب طفله الصائم في نزهة قصيرة بعد صلاة العصر.
شعور جميل..
اتذكر في طفولتي كان النوم يداعب جفن عيني وقت وجبة السحور إلا انني كنت مهتماٍ بتناول تلك الوجبة التي كان يجتمع حولها كافة افراد الأسرة كان شعوراٍ جميلاٍ لتلك اللمة التي لا تكون إلا في شهر رمضان وبالطبع يكون الإحساس اقوى وأكثر عند أذان المغرب والجميع يشكلون حلقة حول مائدة الإفطار ويرفعون اياديهم يدعون الخالق بتقبل صيامهم .
وكان في ايام شهر رمضان وقت الطفولة يتحايل علينا اباؤنا وأمهاتنا لكي نفطر وذلك اشفاقا منهما على صحتنا من ان لا نتحمل الصيام لكننا كنا نفكر في الشعور بأننا كالكبار ولهذا كنا نسعى حريصين على اتمام الصيام طالما وأننا قد تمكنا من تناول تلك الوجبة «السحور» التي كنا نذرف الدموع اذا ما قام اباؤنا وأمهاتنا بإيقاظنا وهكذا جاء الدور على اخوتي صغار السن الذين يحرصون على ان نيقظهم لتناول وجبة السحور.
مذاق خاص..
يقول فيصل عبدالرحمن – : عند الغروب يكتسب مذاق خاص لأنه يأتي بعد انتظار طويل سواء كان اطفالنا صائمين او مفطرين فإننا نراهم يتطلعون بشغف كبير لسماع اذان المغرب ويتجلى ذلك بحرصهم على ممارسة طقوس رمضان والإفطار من خلال رفع اياديهم الصغيرة لدعوة الله سبحانه وتعالى بتحقيق امانيهم وأحلامهم وان ينجحهم في دراستهم وفي ذات اللحظة تجدهم وقد استقر كل منهم في مكانه الذي اختاره حول مائدة الإفطار وبين يديهم اليمنى حبة من التمر يستعد لمضغها عند سماعه لأذان المغرب .
صراع داخلي..
يرى بدر احمد صالح- ان بعض الأطفال الذين يجدون صعوبة في مواصلة صيام يومهم الرمضاني وبعد صراع داخلي في كيانهم الصغير وبموجب مقترح يقدمه الأب أو الأم وقبولا لذلك الحل من قبل الأطفال الذين تغمرهم الفرحة بعد سماعهم للفتوى المقدمة من الوالدين يقومون بعد ان طال جوعهم بتناول الطعام في منتصف اليوم وهم مغمضون لعينيهم خشية ان يراهم رمضان وهم يفطرون وبهذا الحل لن يعتبرهم رمضان مفطرين وهكذا يعتبر اشفاقا من الوالدين على ابنائهم من الجوع وتشجيعا لهم لصيام اليوم التالي.
راحة بال الوالدين..
ويقول هاني المحجري – :تشجيع الوالدين لأطفالهما الصغار على صيام شهر رمضان يتعدد وفقا للطرق التي توارثتها الأجيال تلو الأجيال وتتجدد تلك الوسائل طبقا لثقافة العائلة وتبتكر وفقا لمقتنيات العصر الحاضر فهناك الكثير من الأطفال مثلا من اعتاد على صيام رمضان حتى منتصف اليوم فإذا حان وقت اذان صلاة الظهر تناول الطفل افطاره وفي اليوم التالي يمسك الطفل عن الطعام من بعد منتصف النهار وحتى اذان المغرب وبهذا سيقوم رمضان بترقيع صيام الطفل وهذه وسيلة يقتنع بها الكثير من الاطفال وتؤدي الى راحة بال الوالدين اللذين يحرصون على تشجيع وتعويد اطفالهم على الصيام .
الاستمرار في الصيام..
ومن جهة أخرى قال نبيل جحاف: بأن ابنته بنت الثمان سنوات قامت بإخباره بأن الجوع يكاد ان يفتك بها وأنها لم تعد تستحمل على الاستمرار في صيام يومها الرمضاني تجلى له ذلك من خلال ملامح وجهها الذي تغير لونه ولتحفيزه لها قام بالاحتيال عليها وذلك عبر قيامه برفع صوته بالأذان الذي اقنع ابنته بأن بوسعها ان تفطر وبهكذا يكون قد درب ابنته على الصيام وجعلها تشعر بقيمة صيامها .
فرحة للصغار والكبار..
اما سلطان العمري – قال: اعتدت على ان احفز اخوتي في شهر رمضان على الصوم لأن هذا الشهر الكريم يعتبر فرحة للصغار والكبار فهو شهر رحمة ومغفرة ويجب علينا ان نعود اخواننا على الصوم فأنا اقوم بإخبارهم على ان يصوموا تدريجيا يعني في اليوم الأول يصوموا الى وقت الظهر وفي اليوم التالي يواصلون الصوم حتى المغرب فعندما اقوم بتحفيزهم وهم في سن مبكر حتى يعتادون على ذلك الأمر وفي العام القادم اعتقد انهم لن يجدوا صعوبة في صوم الشهر كاملا.
إصرار عجيب..
يقول سامي الغيثي: لو لم أقم بإيقاظ اخواني الصغار عند قيامنا بتناول وجبة السحور فإنهم يصيحون عليا ويغضبون ويسعون للصيام من دون سحور «عطوف» لهذا فإنني اخشى عليهم من ذلك الاصرار العجيب على الصيام فقد استطاعت اختي «خلود» ١١ سنة – صيام بعض الأيام الماضية وأما بالنسبة لأخي محمد ثمان سنوات – فإنه يقوم بالصيام يوماٍ ويوم يفطر وأما اخي الأصغر علي سبع سنوات- فإنه يقوم بالصيام بعض الأيام وبعض الأيام يصوم إلى منتصف النهار.
تشجيع وتحفيز..
هناك الكثير من الأبناء صغار السن من يسعى لصيام رمضان بشكل تدريجي حيث يحرص الآباء على تشجيع وتحفيز اطفالهم على التعود على الصيام فما ان يأتي العام القادم او الذي يليه إلا والطفل قد تمكن فعلا من صيام بعض ايام رمضان فالطفل «نسيم العمري» وشقيقته «أمل « استطاعا في رمضان الماضي صيام اغلب ايامه وفي هذه الأيام استمرا على الصيام رغم انهما لم يتجاوزا عقدهما الأول إلا انهما استطاعا صيام كافة الأيام الفائتة من هذا الشهر الكريم.
لاحظنا ذلك الحماس المتدفق من جسد الطفل لبيب المهدي – سبع سنوات – وحرصه الكبير على صيام يومه الرمضاني مع انه يفرغ اغلب طاقته في اللعب مع اصدقائه والذي يتطلب منه الصبر على الجوع بعد ان قام بإحراق كل الشحنات الحرارية في جسده اثناء لعبه.
