
عبدالقادر الشيباني –
الإذاعة كوسيلة رائدة من الوسائل الإعلامية الأولى أثرت في أول عهدها على مستويات عديدة وأعطت من المعارف والعلوم والأفكار¡ وهي الوسيلة الأولى التي ناقشت الكتاب وساعدت في تشكيل الآراء من مختلف الفئات والطبقات الاجتماعية كما أنها أثرت في عواطف المستمعين من الناحية الفسيولوجية لكن وسائل الإعلام الحديثة التي تطورت ونافستها باقتدار وطغيان ماذا أعطت¿¿ أعطت ثقافة استهلاكية تهيمن عليها القوى المتكبرة التي تسيطر في مجملها عليها وتساندها للأسف الشديد بعض الحكومات العربية مع أن عروبة اليوم في (تب التب وغضب الرب)¡ وسائل الإعلام الحديثة جعلت الإذاعة المسموعة في معزل وصحيح أنها الوسائل الحديثة متطورة في التجارة والربح والإثارة والإغراء فأول وآخر معطياتها مخاطبة الغرائز والنوازع النفسية وتحريك الشهوات الباطنية.
حكايتي مع الإذاعة كمستمع 1956-1962م
من أواساط خمسينيات القرن المنصرم واظبت على سماع برامج محددة من أشهر الإذاعات العربية المسموعة¡ حينها كنت في حقل الدراسة في جدة¡ من إذاعة القسم العربي في لندن نستمع وهي في قمة ازدهارها مع كبار الإذاعيين العرب والمخرجين والمسرحيين ومن أبرز برامج لندن العربية في تلك الفترة (مع العالم) (ندوة المستمعين) (مع فنان) (دكان الحاج علي) (السياسة بين السائل والمجيب)¡ وبرامج شيقة باللغة الانجليزية من مقدميها الإذاعي الفلسطيني الشهير حسن الكرمي صاحب البرنامج الأدبي (قول على قول) ومن أعلام الإذاعة أيامها في القسم العربي من لندن إلى جانب حسن الكرمي منير شماء وليلى ظنوس وأيوب صديق ومديحة المدفعي¡ وغيرهم كثير وانضم إلى القسم العربي من اليمن منور الحازمي الإذاعي المعروف في إذاعة عدن.
أما إذاعة القاهرة وصوت العرب فأكثر مستمعيها من المحيط إلى الخليج في الخمسينيات والستينيات القرن الماضي أيام عصر المذياع الذهبي.
أعلام الإذاعيين في صوت العرب والقاهرة لعل أشهرهم أيام مصر عبدالناصر الإذاعي الأول جلال معوض الذي عمل لعشرين عاما وهو من الأصوات الإذاعية الجهيرة بدأت شهرته كمذيع الثورة المصرية 1952م وظل مرافقا للزعيم جمال عبدالناصر في إقامته وأسفاره حتى يوم الوداع الأخير يوم خرجت مصر عن كبرة أبيها لوداع ناصر العروبة إلى مثواه الأخير عام 1970م أدمعت العيون في التشييع وأثناء سماع صوت جلال معوض وهو يردد بصوت حزين “لن نقول وداعا يا جمال ولكن إلى اللقاء بك في كل مكان فيا أيتها الجنة استقبلي اليوم جمال¡ فجمال قادم إليك”.
ومن أعلام الإذاعيين المشهورين بأصواتهم الجهيرة وثقافتهم الواسعة من صوت العرب والقاهرة إلى جانب جلال معوض أحمد فراج الذي استمر إلى وقت قريب مع برنامجه الديني “نور على نور”وحسني الحديدي وسعد غزال وأمين بسوني وكذا مأمون أبو شوشة والمعلق السياسي أحمد سعيد ومحمد عروق وفايز قنديل وأحمد حمزة وهو من أقدر قراء النشرات الإخبارية هؤلاء وغيرهم من الإذاعيات ومديرات الحوارات عواطف البدري وآمال فهمي وهمت مصطفى وغيرهن.
أما الإذاعة في سوريا فضمت عددا من المشاهير الإعلاميين في ستينيات القرن الماضي لعل في مقدمتهم كمال خياط وعادل تفاحة وفاطمة خزندر وغيرهم كثير.