الزكاة علاج للقضاء على الطاقات الإنتاجية العاطلة والمكنوزة

صنعاء/سبأ –

أجمع علماء الدين والاقتصاد أن الاكتناز يساهم بدرجة رئيسية في الركود الاقتصادي حيث يحول دون نشاط التداول النقدي الذي يعد ضروريا لإنعاش الحياة الاقتصادية في المجتمع موضحين أن حبس المال تعطيل لوظيفته في توسيع ميادين الإنتاج وتهيئة وسائل العمل للعاملين.
ويرون أن الزكاة هي العلاج الأمثل للقضاء على أية طاقات إنتاجية عاطلة أو مكنوزة لأن فريضة الزكاة تعتبر نفقةٍ وعبئٍا على رؤوس الأموال العاطلة بينما تنخفض هذه النفقة على رؤوس الأموال العاملة فيتم إخراج الفريضة الواجبة من عائد وأرباح هذه الأموال.
ويقول وكيل وزارة الأوقاف والإرشاد لقطاع الحج والعمرة الشيخ حسن عبدالله الشيخ “من خلال ما كتب عن الاقتصاد الإسلامي سواء من جهات إسلامية أو غير إسلامية نجد أنهم ينظرون إلى الاقتصاد الإسلامي بأنه المنقذ للبشرية جمعاء لأنه بعيد عن الطمع والجشع والأنانية والأثرة والاستئثار بالمال فالاقتصاد الإسلامي يحقق العدالة ويحقق التنمية ويركز على تشغيل الأيدي العاملة ويتيح مجالات عدة للاستثمار”.
وأضاف” الاقتصاد الإسلامي لا ينظر إلى الربح بدرجة رئيسية بقدر ما يسعى لتوسيع دائرة حركة المال ومن ثم تشغيل اليد العاطلة وتحفيز النمو الاقتصادي”. مشيرا إلى أن كثيرا من علماء الغرب يشيدون بالاقتصاد الإسلامي لانه يحقق العدالة الاجتماعية ولهذا بدأوا يفتحون ما يسمى بالنوافذ الإسلامية في البنوك الربوية بالتعامل الإسلامي.
ويبين أستاذ الاقتصاد الدكتور داوود عثمان أن للزكاة دوراٍ في تنمية موارد المجتمع وتحقيق النهضة الاقتصادية المرجوة طبقٍا لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء.
ويشير إلى أن أموال الزكاة إذا ما تم جمعها على مستوى قطاعات المجتمع في اليمن فإنها كفيلة بإحداث سيولة في المجتمع والإسهام في التنمية والرواج الاقتصادي.
وتعد الزكاة فريضة من فرائض الإسلام وأحد أركانه وأهمها بعد الشهادتين والصلاة كما تعد جزءاٍ رئيسيا من النظام الاقتصادي الإسلامي الذي يهدف بشكل اساسي إلى تحقيق التنمية الشاملة حيث تؤكد دراسات اقتصادية حديثة أن للزكاة تأثيراٍ على الاستثمارات وتحريك العملية الإنتاجية نحو النمو والازدهار كما تساعد على الاستقرار الاقتصادي من خلال البيئة الاجتماعية التي توجدها.
وأثبتت الدراسات الاقتصادية والأبحاث العلمية الحديثة أن للزكاة دوراٍ هاماٍ ومساهمة فاعلة في معالجة الكثير من المشاكل الاقتصادية في دول العالم الإسلامي.
يقول الدكتور خالد الطروالي: الزكاة تمثل ولا شك إحدى خاصيات الطرح الإسلامي الاقتصادي وأعمدته الأساسية وعلاقة الزكاة بالأزمات الاقتصادية عامة والأزمة الحالية خاصة تبرز أولا من خلال البعد الأخلاقي لكسب المال والتصرف فيه ثم البعد الاجتماعي في تقارب الطبقات وتعاونها وفي البعد الاقتصادي عبر الأخذ بيد المعوزين في مسار تنموي صاعد”.
وأضاف” لا تقف الزكاة عند باب الصدقة “الثابتة” ولكنها تدخل باب المسار التنموي المتحرك عبر إعانة المحتاجين على تنشئة موارد رزق ثابته.. ولذلك فإذا حدثت أزمات في ظل تطبيق اقتصادي إسلامي فإن معالجتها ستكون سريعة وسيكون لمؤسسة الزكاة الضلع الأكبر في تجاوزها.
وتؤكد الدراسات الاقتصادية أنه كما أن للزكاة دوراٍ في التنمية الاقتصادية والاجتماعية فإنها تعمل على تحفيز الاستثمارات.
وتشير إلى الدور التوجيهي والتعديلي للزكاة في الجانب الاقتصادي وأن من أهم اهتمامات السلطات الاقتصادية كيف يمكنها التدخل عن طريق آليات معينة لتصحيح الاختلالات وتوجيه الاقتصاد والزكاة تعتبر آلية توجيهية.
ويبرز ذلك الأثر التوجيهي للزكاة في متغيرين اقتصاديين هما الاستثمار وتوطين المشاريع. ويؤخذ تأثير الزكاة على الاستثمار عدة أبعاد أهمها القيام بدور تخصيص الموارد بين الاستهلاك الترفيهي والاستثمار إذ نجد أن بعض الأفراد يقومون باقتناء أدوات الزينة والرفاه من المعادن الثمينة وهذا يعتبر اقتصاديا تجميدا وتعطيلا للأموال واكتنازٍا غير مباشر لها فعمل الإسلام مثلما ترى بعض المذاهب الفقهية على فرض الزكاة على مثل هذه المقتنيات إذا كانت ذهبا أو فضة وعليه فإن الأفراد لا يستطيعون على المدى الطويل تحمل الإخراج المستمر للزكاة عنها وهي مجمدة لا تدر أي عائد وهو ما يدفعهم في الأخير إلى إخراجها إلى مجال الاستثمار حتى تحقق عائدا مجزيا يكفي على الأقل لتسديد نفقات الزكاة.
كما أن بإمكان الزكاة القيام مقام تكلفة رأس المال بحيث يصبح معدا لها وسيلة للمفاضلة بين المشاريع من خلال عوائدها مقارنة بسعر الزكاة فيكون المشروع مقبولا إذا كان عائده أكبر من سعر الزكاة وبقدر ما يكون المشروع أكبر من حيث العائد يكون أفضل للاختيار.
أما دورها في توطين المشاريع فهي لا تؤثر على توطين المشاريع من خلال التأثير على المعدل أو السعر وإنما تتدخل بطريقة توجيهية أخرى وهي التحكم في حصيلة الزكاة بحيث لا يسمح لها بالخروج من مكان تحصيلها إلى مكان آخر إلا إذا تم استنفاد جميع فرص التوطين واكتفاء الأصناف الثمانية كفاية تامة حين ذلك يجوز نقلها إلى الأبعد مع مراعاة الأقرب وهذا بهدف جعل الأفراد يراقبون بأنفسهم سبل صرف زكواتهم حتى يروا بأم أعينهم نتائج مساهماتهم.
كما أن الزكاة من ناحية أخرى تدفع إلى توطين المشاريع الزراعية في المناطق النائية والصعبة من خلال تخفيف معدل الزكاة بالنصف عنه في المناطق الأخرى ذات العيون والأمطار.
ويقول وكيل وزار الأوقاف والإرشاد لقطاع الحج والعمرة “استثمار الزكاة معناه انه بعد أن تسد الحاجة الضرورية للفقير تستثمر وتنمى حتى يكون لها ريع يعود ثماره على الأصناف التي ذكرها الله عزوجل في قوله” إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم”.
ويضيف” استثمار الزكاة ينبع من خلال نظرة واقعية أن المال يجب أن يتحرك ويدور ويكون له اسهام في مجال التنمية الاقتصادية بحيث يكون مردود تشغيل الزكاة على أيدي عاطلة كثيرة وعلى التنمية الاقتصادية وعلى الفقراء وذوي الاحتياجات حينما يكون توزيعها قائما على أساس خطط وبرامج تحدد طبيعة التعامل مع هذه الفريضة.
إلى ذلك أكد رئيس جمعية علماء اليمن فرع عدن رئيس قسم الفتاوي بمكتب الأوقاف الشيخ صادق محمد العيدروس وجوب تسليم الزكاة للدولة باعتبارها الجهة المخولة بتصريفها.
وأوضح الشيخ العيدروس أن الدين الاسلامي يحث على التعاون والتكافل بين أفراد المجتمع وان الدولة عبر مؤسساتها تتكفل برعاية المستحقين من خلال مصارف الزكاة وصرف مواردها مبينا أن دفع الاغنياء لزكاة أموالهم للدولة بمثابة الاطمئنان على انها ستصرف في مصارفها الشرعية المحددة.
وقال:” إن للزكاة في الاسلام منزلة ومكانة عظيمة لحل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية لدى المجتمع” مشيرا إلى أن الدين الاسلامي هو دين التكافل الاجتماعي جاء ليكرم الانسان ولهذا خاطب الله عز وجل الجماعة المؤمنة لا الفرد المؤمن بقوله:” يا أيها الذين آمنوا “.
وبين أن الزكاة ركن من ركان الاسلام الخمسة قال صلى الله عليه وآله وسلم” بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع عليه سبيلا ” لافتا إلى أن الزكاة تعني البركة والنماء والطهارة والاصلاح و تطهير المتصدق من الذنوب قال تعالى “خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم “. ولفت الشيخ العيدروس إلى مصارف الزكاة الثمانية التي ذكرها الله في كتابه ” انما الصدقات للفقراء والمساكين, والعاملين عليها, والمؤلفة قلوبهم ,وفي الرقاب ,والغارمين ,وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله “. وقال:” إن للزكاة فضل وفوائد منها أنها تحل مشكلة البطالة والتسول والتشرد والفقر مسترشدا بقوله الله تعالى ” وفي اموالهم حق للسائل والمحروم ” .. مبينا أن الزكاة طهرة المجتمع من الحسد والبغضاء وزيادة المودة والتكافل بين أفراد المجتمع.

قد يعجبك ايضا