حقوق المرأة السياسية.. فصام بين الخطاب والفعل

كتب/ المحرر –
اليسارية والقومية (الحماسة في اللوائح) والدينية (الصوت أهم) والمؤتمر (ليس بأفضل حالا)

رغم أن عمرنا الديمقراطي اليوم صار اثنين وعشرين عاما إلا أن أحزابنا الموقرة لا تزال في حلقة التجارب والمحاولات وفي مربع الكلام في شأن تمكين المرأة سياسيا.. تدافع الأحزاب عن نفسها دائما فتؤكد كل على اجتيازها مراحل في هذا التمكين بينما واقع الحال يؤكد غير ذلك والأرقام الموثقة لحضور المرأة في المؤسسة التشريعية وحتى في المجالس المحلية تظهر حقيقة هذا المذهب.. يؤكد المفكر السياسي الدكتور فؤاد الصلاحي على تحسن وضع المرأة اليمنية في الشكل العام من حيث تطوير بعض التشريعات والقوانين وتزايد الحماس لقضاياها في الخطاب الرسمي والحزبي لكن واقع الحال هو أن المرأة لا تزال ترزح تحت ضغوط اجتماعية واقتصادية وسياسية عديدة ولا تزال القوى الحزبية تتعامل مع المرأة بشكل انتهازي ووفق منطق براجماتي يحصر المرأة في صوتها أثناء الانتخابات ولعل أكثر الأحزاب حشدا لأصوات النساء حزب الإصلاح والمؤتمر الشعبي -حسب الدكتور الصلاحي.. ومن جانبها تؤكد الناشطة السياسية المعروفة سامية الأغبري “على عدم جدية الأحزاب في ترشيح النساء واستغلالهم إياها كصوت فقط”.. وتضيف “أظن أن أخطر ما تواجهه المرأة استغلال الدين ضدها والتفسير الخاطئ بقصد أو بدون قصد للكتاب والسنة ما يؤدي إلى إقصائها باسم الشرع وهو تحدُ يتطلب تثقيف نفسها ومعرفة كل حقوقها”.
ما سبق يؤشر إليه ربما هذا التذبذب الذي تبدو عليه الأحزاب وهي الفاعل الأساسي لتفاصيل الحياة السياسية فمع ما تبديه من إيجابية في خطابها السياسي تجاه المرأة وحق التمكين إلا أن المفهوم ظل لديها بعيداٍ عن التطبيق ليظل الخطاب التأييدي لحق المرأة مجرد توجه نظري لا تواكبه ممارسة حقيقية على أرض الواقع.. وبالعودة إلى ما قدمته أحزاب الساحة لهذا المفهوم الذي اعتبره الدكتور الصلاحي المدخل المطلوب اعتماده لتعزيز الدور السياسي للمرأة.. نجد شواهد على حالة الفصام هذه بين القول والفعل فعلى مستوى وصول المرأة نلحظ انخفاض عدد النساء المرشحات في الانتخابات البرلمانية من (42) عام 93م إلى (21) عام 97م إلى (11) عام 2003م وصلت منهن إلى عضوية البرلمان امرأتان فقط في الدورة الانتخابية 93م وتلا ذلك في دورة 97م وامرأة واحدة عام 2003م.
ولم تأت انتخابات المجالس المحلية بحال أفضل ففي 2001م ترشحت (124) امرأة فاز منهن بالعضوية (38) امرأة ما يمثل 1% من مقاعد الرجال وفي انتخابات 2006م ترشحت (27) امرأة من إجمالي 1600 مرشح لعضوية مجالس المحافظات و(122) امرأة لمجالس المديريات من إجمالي 1900 مرشح وفازت (7) نساء بمقاعد في مجالس المحافظات فيما فازت (28) مرشحة بمقاعد على مستوى المديريات.. وفي موازاة ذلك شهد السجل الانتخابي تصاعدا لنسبة النساء المقيدات إلى إجمالي المقيدين من 18% في انتخابات 93م إلى 42% في انتخابات 2006م.
يؤكد الناشط المدني الباحث نبيل عبدالحفيظ ماجد بأن هناك فجوة واسعة “بين الرؤى النظرية للأحزاب والواقع العملي لمشاركة المرأة”.
يتثير مثل هذا الواقع السؤال حول ما يعيق الأحزاب والتنظيمات السياسية من إحالة شعاراتها إلى فعل واقع.. وبالنظر إلى الأنظمة الداخلية والبرامج السياسية للأحزاب الممثلة في البرلمان نجد ما يمكن اعتباره ردا وتفسيرا للتساؤل السابق من تباين واضح بين تضمين الحقوق لدى البعض وانتفائها لدى آخرين حيث نقرأ في المادة (12) من النظام الداخلي للمؤتمر الشعبي نصت على أن (العضوية حق لكل يمني ويمنية).. كما أكد برنامجه السياسي على إن (النساء شقائق الرجال والتمايز بين الجنسين لا يصلح للتفاضل ولا يبرز عدم المشاركة الفاعلة للمرأة في الحياة العامة) ولا يشير البرنامج السياسي للتجمع اليمني للإصلاح إلى حقوق سياسية للمرأة فيما تبين المادة (6) من نظامه الأساسي بأنه (يقبل في عضوية الإصلاح كل يمني ويمنية بشكل عام).. ويؤكد الحزب الاشتراكي اليمني في المادتين (109) من النظام الداخلي على أن (الحزب يشجع المرأة اليمنية على الانخراط في الحياة العامة ويدعمها في مطالبها الأساسية ويساعدها في نيل المزيد من المكاسب الحقوقية والشرعية والدستورية وأن الحزب يولي الشباب والمرأة أهمية خاصة في نشاطه السياسي والتنظيمي) ويكاد يكون “الاشتراكي” الأكثر انفتاحا في هذا الجانب.. أما “التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري” فإن المادتين (76) من نظامه الداخلي تشيران إلى أن عضوية التنظيم اختيارية لكل مواطن يمني وفقا للنظام وينص النظام على إنشاء (اتحاد النساء الوحدوي) وتحضر المرأة في برنامجه السياسي ولكن من حيث الاهتمام بالمرأة اجتماعيا والتأكيد على حقوقها التي كفلها الإسلام.. بينما حزب البعث – قطر اليمن ينص نظامه في المادة السابعة على أن (لكل مواطن أو مواطنة داخل اليمن أو في المهجر الحق في طلب الانتماء للحزب) كما تفيد الفقرة الخامسة من باب الأسس والثوابت من برنامجه السياسي بـ (إن حق المرأة في التمتع بحقوق المواطنة كاملة غير منقوصة حق مكفول لها للاستفادة من إسهاماتها ودورها الفاعل والمؤثر في بناء المجتمع وتنمية النشء وتربيته).
أما في تجربة الدفع العملي لوصول المرأة إلى الهيئة البرلمانية نجد أن عضوتي مجلس النواب في انتخابات عام 1993م كانتا عن الحزب الاشتراكي.. وفي انتخابات 1997م كانتا عن المؤتمر الشعبي العام.. بل إن المؤتمر أيضا وهو اكبر الأحزاب اليمنية والحزب الحاكم سابقا لم يرشح في انتخابات أبريل 2003م التشريعية غير امرأة واحدة مقابل ترشيحه لـ 296 مرشحاٍ من الذكور.
الأحزاب الدينية أيضا كان واضحاٍ أن الفكر الأيديولوجي قد أعمل تأثيره لجهة التعامل مع وصول المرأة إلى مراكز القرار حتى في إطار هيئات الحزب ذاته.. فإلى جانب ما سبق بشأن الإصلاح الذي ظلت المرأة بالنسبة له -حسب مراقبين- رقماٍ كبيراٍ للاقتراع لصالح المرشح الإصلاحي.. هناك حزب “الحق” وهو من الأحزاب الدينية في اليمن “بالنظر إلى قائمة ترشيحاته للانتخابات في دوراتها الثلاث (1993م 1997م 2003م) نجد أنها كانت خالية من أي مرشحة أنثى الأمر الذي يمكن معه الاستنتاج بأنه يقصد بالحق السياسي للمرأة حق الاقتراع تماماٍ كما هو الحال بالنسبة للإصلاح” حسب الدكتور عادل الشرجبي الذي تتبع أيضا الخطاب السياسي لقادة الحزب الديني حزب “اتحاد القوى الشعبية” منذ عام 1990م.. وخلص بقوله “أنه خطاب يتسم بالتسامح تجاه المرأة ومع ذلك فإن الأطر القيادية للحزب تخلو من أي تمثيل نسائي”.

قد يعجبك ايضا