15,8مليار دولار تلفة فاتورة دعم المشتقات النفطية خلال عشر سنوات


الثورة/عبدالله الخولاني –
كشف خبير التخطيط والسياسات التنموية بوزارة التخطيط والتعاون الدولي أن فاتورة الدعم الفعلي للمشتقات النفطية بلغت حوالي 3.1 تريليون ريال خلال العشر السنوات الماضية ما يعادل 15.8 مليار دولار.
وأضاف أنه رغم أهمية الإصلاحات التي تقوم عليها برامج صندوق النقد الدولي إلا أنه يؤخذ عليها التأجيل والتباطؤ وعدم تنفيذها كحزمة مكتملة وكذلك أنها ركزت في المقام الأول على خفض عجز الموازنة دون مراعاه كافية للبعد الاجتماعي والتنموي. فهي مثلاٍ تشترط رفع الدعومات ولكنها لا تشترط بنفس القوة مجالات تخصيص مبلغ الوفر للمجالات الاجتماعية والتنموية كما أن الفجوة بين الموازنة وأولويات التنمية في اتساع.
مؤكدا أن ما يقدم للجنة العليا للموازنة يمثل في الواقع موازنة إدارية لتسيير الأمور لا يراعي الأبعاد الاجتماعية والتنموية بالقدر الكافي وإنما تعكس النفقات الجارية الحتمية إضافة إلى النفقات الإضافية المترتبة على التوجيهات العليا لرئاسية ومجلس الوزراء والتي لا تراعي في الغالب توجهات وأولويات خطط وبرامج التنمية ومستوى الموارد المتاحة. واستناداٍ لذلك لا شك أن التخطيط والبرمجة المالية وظيفة شبه منعدمة خاصة في ظل محدودية الموارد المتاحة.
وأشار في دراسته الموسومة بالسياسات المالية الى أنه تعودت الجهات الحكومية على المبالغة في مطالباتها المالية بعض النظر عن حاجتها الحقيقية لعلمها المسبق بأن وزارة المالية ستقوم بتخفيض المبالغ المطلوبة. ويتم التوافق في الأخير بين الجهتين على تثبيت موازنة السنة السابقة مع زيادة بعض البنود تحت تأثير معطيات الواقع والاحراجات وقوة نفوذ المراكز الداعمة للمستفيدين. وفي ظل غياب معايير واضحة وعادلة لتوزيع الموارد وتخصيص الانفاق العام فإنه يتم إفراغ الموازنة من محتواها كأداة تنموية هادفة لتعزيز النمو الاقتصادي والحد من البطالة والتخفيف من الفقر وتحقيق الاستقرار الاقتصادي. كما يولد الشعور بالظلم والإحباط.
واصفا دور مجلس الوزراء في إعداد الموازنة بالضيق جداٍ لصالح وزارة المالية حيث يواجه تنفيذ الموازنة العامة بعض التحديات ذات العلاقة بضعف القدرات البشرية كما أن غالبية وحدات الإنفاق على مستوى الجمهورية تمارس نظمها المالية والمحاسبية يدوياٍ. وهذا يؤخر تسليم تقارير تنفيذ الموازنة في حدود 9-10 أسابيع عن الموعد المحدد لتسليم التقارير. ويستدعي ذلك التسريع بتوسيع نطاق استخدام نظام المعلومات المالية والمحاسبية الآلي ليشمل مختلف الوزارات والمحافظات.
وبحسب البطلي فإن وجود فجوة كبيرة بين الاعتمادات والنفقات يخل بمصداقية وشفافية الموازنة العامة الموازنة والحسابات الختامية حيث ظلت إجمالي النفقات الفعلية للموازنة العامة للدولة أكبر مما تم اعتماده في الموازنة الأصلية المقرة من قبل مجلس النواب. حيث بلغ الفارق بين المعتمد والفعلي نسبة 20% 44% و 20% للأعوام 2004 2005 م 2006م على التوالي. وانخفض ذلك الفارق إلى نسبة 8% عام 2007م وإلى 6% عام 2009م. ويعود ذلك إلى الاعتمادات الإضافية والتي استخدمت خارج إطار أهدافها المحددة في الدستور فبدلاٍ عن أن تكون في أضيق الحدود فإنها تستخدم لتبرير الإنفاق خارج الموازنة. فضلاٍ عن أنه يتم المناقلة بين بنود الإنفاق العام وهذا يضعف من مصداقية وشفافية الموازنة.
لافتا إلى أن هنالك قصوراٍ في مستوى شمول وتغطية الموازنة العامة فنفقات الصناديق لا تزال خارج نطاق الموازنة العامة. وتصل نسبة الإنفاق خارج الموازنة إلى حوالي 12% وفقاٍ لتقرير اللجنة المشكلة لدراسة الأموال الواقعة خارج الموازنة كما أن هنالك كثيراٍ من موارد المانحين غير مضمنة في الموازنة. ويعتبر من المفيد دمج كل تلك النفقات والموارد في إطار الموازنة العامة.
وكشف البطلي أن الإنفاق العام يعاني من اختلال هيكلي يزداد سوءاٍ سنة بعد أخرى ويتجلى ذلك في حدوث زيادات متوالية في نسبة النفقات الجارية والتي استحوذت في المتوسط على 80.6% من إجمالي النفقات العامة وصافي الإقراض خلال الفترة 2006-2010م. ويأتي ذلك على حساب النفقات الرأسمالية والاستثمارية. وتمثل فاتورة الأجور والمرتبات ودعم المشتقات النفطية أكثر من نصف النفقات الجارية وفي المقابل أتسمت نفقات الصيانة والتشغيل بالتدني الشديد.
وأضاف: ورغم كبر نسبة النفقات العامة الموجهة لصالح قوة العمل من الموظفين في أجهزة الدولة المدنية والأمنية والعسكرية فإن المشكلة تكمن في ضعف كفاءة وإنتاجية تلك النفقات. ويؤكد ذلك المشاهدات الواقعية التي تشير إلى تدني معدل إنتاجية العامل في مؤسسات الدولة ومن ثم مستوى الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين. ويعود ذلك لأسباب كثيرة منها التضخم والازدواج الوظيفي في المؤسسات الرسمية التي تستوعب أكثر من مليون شخص. حيث تفيد إحدى الدراسات بأن أكثر من 20% من قوة العمل لا تعمل فعلياٍ وهم إما متهربون أو بدون وظائف محددة. وبجانب ذلك فإن أكثر من 15% من العاملين مسجلين في أكثر من مرفق عام أي في ازدواج وظيفي. ناهيك عن وجود ازدواج وظيفي مع القطاع الخاص. ويأتي ذلك على حساب فئة أخرى من قوة العمل في المجتمع التي تعيش مأساة البطالة في حين يتمتع البعض بأكثر من فرصة عمل حكومية غير منتجة.
وبينت الدراسة أنه وفي صدمة جديدة للموازنة جاءت استجابتاٍ لمطالب الشباب المشروعة في توفير فرص العمل ولتحسين الاستقرار السياسي والاجتماعي اعتمدت الحكومة حوالي 81 ألف درجة وظيفية. ومنها 60 ألف درجة وظيفية مدنية ضمن موازنة عام 2012م مما سيرفع فاتورة الأجور والمرتبات المرتفعة بحوالي 25 مليار ريال . إضافة إلى تحمل تكاليف التجهيزات المطلوبة لاستيعابهم. ومع أهمية هذا الإجراء في تحسين المستوى المعيشي لكثير من الأسر إلا أنه يتوقع انضمام معظم الموظفين الجدد لطابور البطالة المقنعة وهذا ليس في صالح الإنتاجية الكلية للاقتصاد الوطني وإنما مزيد من إهدار الموارد المادية والبشرية في آن واحد وهذه الخسارة الكبرى. وبالتالي كان من الأفضل أن تقوم الدولة بواجبها في ظل اقتصاد السوق الاجتماعي وذلك بتوفير الحماية الاجتماعية اللازمة ضد البطالة مع تهيئة البيئة المواتية لنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص .

قد يعجبك ايضا