حملة التحصين ضد شلل الأطفال… احترازية تعزز المناعة


إعداد/ د. محمد أحمد الدبعي –
المسؤولية مثابرة وعزم وحسن في الأداء والتدبير فإذا أحسنا رعاية أبنائنا وتمثلنا مسؤوليتنا في تربيتهم جيداٍ والحفاظ عليهم سنحصد – دون شك – ثمرات العزة والسؤدد وخلاف ذلك الخيبة والخذلان!
فهل سأل كل والد نفسه أي مسلك يسلك¿ وأي دور يؤديه في الحياة تجاه أبنائه ليفيض عليهم بالخير حاضراٍ ومستقبلاٍ¿
لعل الإجابة نستشفها بوضوح إذا ما وقف المرء وقفات فاحصة مع نفسه يحاسب ويقيم من خلالها أعماله وموقعه في منظمومة رعاية الأولاد.
لاشك أن من يعير أطفاله الاهتمام الجيد ولا يأبه بتنشئتهم التنشئة الحسنة ثم لايحافظ عليهم أو لا يدفع عنهم الضرر – طالما كان أقدر على تجنبيهم إياه – أمور لا تليق بمسلم سوي متمسك بهدي الإسلام وتعاليمه القويمة وإنما مفرط بالأمانة في حقهم مستهتر .. متهاون بمسؤولية تقلدها على عاتقه أمام الله سبحانه وتعالى.
لقد يسر الله للعلم فأمكن له التوصل عبر التجارب العلمية والمعملية المحكمة إلى لقاحات تقي من أمراض مدمرة للصحة وقاتلة فيما سيستعصي علاجها أو يستحيل تماماٍ وهو ما تحقق – أيضاٍ – لمرض شلل الأطفال الذي بات يتهاوى صموده وانتشاره حول العالم أمام جرعات اللقاح المتوالية التي يتلقاها الأطفال دون الخامسة خلال حملات التحصين إلى جانب ما تلقوه أو ما يتلقونه خلال عامهم الأول حتى عام ونصف من العمر من جرعات التحصين الروتيني ومن بينها – ضمن منظومة تحصين متكاملة – جرعات اللقاح المضاد لمرض شلل الأطفال بما يعزز ويقوي مناعتهم ضد هذا المرض الوخيم.
فكلما زادت جرعات التحصين ضد شلل الأطفال كان هذا أفضل لصحة الطفل ويضف المزيد من مقومات الوقاية العالية ضد المرض إلى رصيده المناعي..
وها نحن نستشرف تنفيذ حملة وطنية للتحصين ضد شلل الأطفال بعد أن انقضت أشهراٍ قليلة على تنفيذ جولات تحصين كان آخرها ضمن حملة التحصين ضد مرضي الحصبة وشلل الأطفال في مطلع شهر أبريل الفائت بينما موعد الحملة الوطنية ضد شلل الأطفال التي نحن بصددها في الفترة من «11-31 يونيو 2102م» أي على مدى ثلاثة أيام متتالية من منزل إلى منزل في جميع محافظات الجمهورية إلى جانب أن المرافق الصحية وفرق متنقلة خلالها ستقوم بمهام مكملة لتحصين الأطفال ضد داء الشلل وكل ما هو مطلوب من الآباء والأمهات حينها أن يحرصوا على تطعيم فلذات أكبادهم دون سن الخامسة بلا استثناء مهما قلت أو كثرت الجرعات التي تلقوها في السابق فهم بحاجة إلى جرعة إضافة وقد دعت إليها الحاجة لتكون سنداٍ لصحتهم يمد مناعتهم الجسدية بأسباب الوقاية والحماية على السواء.
ومخطئ من ينقاد وراء الأقاويل المشوهة للتحصين ويصغي للشائعات فيصدها أيا كان ما قيل أو يقال من تشويه للقاحات فلا أساس له من الصحة فالعلم يرفضها تماماٍ وكذلك العقل والدين الإسلامي الحنيف. كما أن للأدلة الشرعية ما يؤكد ضرورة وحتمية طلب الشفاء ودرء الأمراض أو منعها عن الجسم نختار منها ما قاله الصادق المصدوق/ نبي الهداية محمد «صلى الله عليه وآله وسلم»: تداووا فإن الله ما جعل من داء إلا وجعل له دواء.
وقوله «صلى الله عليه وآله وسلم»: لاضرر ولا ضرار.
بالتالي ما من شائعة مشوهة للتحصين إلا محض افتراء جائز غرضه النيل من حاضر ومستقبل فلذات الأكباد وتدمير عافيتهم بترك أجسادهم منالاٍ للإعاقة والعجز.
فلا أحقية – البتة – لأحد رفض التحصين وقد أنعم الله به على أولادنا ليقيهم ويلات الإصابة ووخامتها ومهما ضؤل أو قل الحارمين أطفالهم من التحصين فبمواقفهم السلبية هذه وإعراضهم عن تطعيم أطفالهم يضعون عراقيل وصعوبات في طريق الجهود الرامية إلى منع فيروس شلل الأطفال من الدخول والتسلل إلى البلاد مجدداٍ مشكلين دروب شائكة أمام تأمين الصحة والسلامة للأجيال تضعف مساعي الحفاظ بقوة على نقاء وصفاء بيئتنا من دنس فيروس الشلل البشع.
كيف لا¿ وهم يتيحون بتهاونهم الفرصة لاحتضانه وسبل التمكين له في الانتشار إذا ما تهيأت الظروف للفيروس وواتت.
لابد أن يكون الجميع آباء وأمهات وأسر وجماعات لابد أن يكونوا مستشعرين للمسؤولية التي تقع على عاتقهم فيحرصوا على تلقي أطفالهم الذين لم تيجاوزوا العام والنصف من العمر جرعات التحصين الروتيني كاملة مع الالتزام بمواعيدها المدونة في كرت التطعيم إلى جانب الحرص على تطعيم من هم دون سن الحامسة خلال الحملة الوطنية للتحصين ضد شلل الأطفال المقرر تنفيذها في الفترة من «11-31 يونيو 2102م».
فواقع الحال يفرض أن نهتم بالجانبين معاٍ.. بالتحصين الروتيني وبحملة التحصين هذه بصرف النظر عما إذا كان الطفل تحصن مراراٍ في السابق أم لا.
إيضاٍ لاداعي للخوف من تطعيم الطفل المريض بأي من الأمراض الشائعة مثل الإسهال الطفيف أو نزلة البرد أو الحصبة أو الحمى العادية.
ويجب في حال إن كان الطفل يعاني من الإسهال خلال الحملة – ولو كان متزايداٍ – ألا يحرم من التطعيم ثم يعاود تحصينه مرة أخرى بعد توقف الإسهال مباشرة تعويضاٍ له عن الجرعة السابقة التي ربما يستفيد منها ومن أجل ضمان فاعلية الجرعة الجديدة وأدائها لدورها الوقائي. فاللقاح هنا يوفر حماية لسائر الأطفال دون سن الخامسة بصرف النظر عن الإصابة بأي من الأمراض الطفيفة الشائعة.
وفي حال ظهور أعراض سلبية على الطفل المحصن فليست بسبب اللقاح بل على الأرجح نتيجة مرض غير متوقع لا علاقة له بالتحصين.
وأعود لأؤكد ضرورة حصول جميع الأطفال دون سن الخامسة على جرعات متكررة من اللقاح الفموي من خلال التحصين الروتيني وعند الحملات ليكتسب مناعة كاملة ضد الفيروس المسبب للشلل لا أن يترك أيا منهم دون تطعيم فتتبدد بذلك الجهود الرامية إلى وقايتهم من هذا المرض وتذهب أدراج الرياح.
إن أسوأ ما تواجهه فرق التطعيم في الميدان من صعوبات تعيق كثيراٍ خط سيرها – وذلك أثناء قيامها بتحصين الأطفال خلال الحملات – مايبديه قلة من الناس من مخاوف – لا أساس لها – من اللقاح فقد يلجأ البعض إلى الكذب أو التضليل أو يعمد إلى إخفاء أطفاله قائلاٍ: ليس لدينا أطفال أو يماطل فيعطي الموعد تلو الموعد..
وهذا – في واقع الأمر – يسبب إرباكاٍ لفريق التحصين يؤخره عن تأديته لعمله على النحو المطلوب وبدل أن يسير المطعمون في خط سير معين .. يضطرون – بسبب هذا الإرباك – إلى التأخر أو تعديل خط السير.
بالتالي على جميع الآباء والأمهات من موقع مسؤوليتهم تجاه أطفالهم تفهم المرحلة الراهنة والوضع الذي تعيشه البلاد وما استجد فيها من تعقيدات على الواقع فهناك الكثير من الأسر النازحة من صعدة وأبين وأرحب إلى محافظات ومناطق أخرى حيث يعيش الكثير منها في ظروف سيئة ما يجعل من اليسير انتشار أي مرض أو وباء – إيا كان – متى ظهر ليأخذ بالانتشار متجاوزاٍ تلك الحدود ليبلغ محافظات أخرى ويتعاظم الخطر على الأطفال وخصوصاٍ من هم دون سن الخامسة بسبب ضعف مناعتهم المكتسبة أضف إلى ذلك ما يمكن توقعه من إمكانية تسلل فيروس شلل الأطفال ووفوده بضراوة إلى اليمن أو إلى الدول المجاورة طالما أن بلدان موبوءة بالمرض – حتى مع بعدها الجغرافي عن اليمن- فأفواج المسافرين من وإلى تلك البلدان يمكنهم إعادة انتشار المرض في البلدان التي سبق وأن تخلصت من هذا المرض ليعاود الانتشار مجدداٍ في تلك البلدان ومنه ينتقل إلى اليمن الخالية حتى الآن وبحمد الله من هذا المرض الضاري وذلك على غرار الهجمة الشرسة للفيروس التي واجهتها اليمن نهاية 4002م ومطلع العام 5002م.
ولأن التحصين الروتيني بما فيه من جرعات تمنح الوقاية للأطفال ضد فيروس الشلل فلا تكفي في الظروف الوبائية الضارية لجعل البلاد بمنأى ومأمن من دخول المرض وتسلله إلى أراضيها مرة أخرى لذا اقتضت الظروف إقامة حملة تحصين وطنية احترازية للتحصين ضد شلل الأطفال من منزل إلى منزل شاملة جميع محافظات الجمهورية خلال الفترة من «11- 31 يونيو 2102م» وتستهدف بالتطعيم جميع الأطفال دون سن الخامسة.
فمن فاته أو لم يفته الحصول على جرعات التحصين الروتيني كاملة أو مجتزئة وكذاك جرعات التطعيم خلال حملات التحصين ضد شلل الأطفال السابقة إلى جانب المواليد حديثاٍ الذين لم يحصلوا مسبقاٍ على جرعات تقيهم هذا المرض الضاري بل وكل طفل – على السواء- على طول البلاد وعرضها مادام لم يتجاوز بعد سن الخامسة إيا كان في الريف أو الحضر.. لزم على والديهم أو أهاليهم اغتنام الفرصة بالتوجه بهم جميعاٍ إلى أقرب مركز أو وحدة صحية أو مستشفى يقدم خدمات التطعيم أو أي مرفق أو مكان تتواجد فيه فرق التطعيم خلال فترة تنفيذ حملة التحصين الحالية أو البقاء في انتظار قدوم فرق التحصين المتنقلة من منزل إلى منزل خلال الحملة وذلك لأن حملة التحصين تعتمد – أيضاٍ على استراتيجية التطعيم من منزل إلى منزل مثل سابقاتها من حملات شلل الأطفال وتجوب خلالها فرق التحصين كل مكان لتطرق كل باب من أجل تحصين الأطفال دون الخامسة من العمر ضد داء الشلل..
إذن الخيارات أمام الآباء والأمهات متنوعة لطلب هذه الخدمة الصحية المثلى ومنها مواقع التحصين المختلفة بالمرافق الصحية المختلفة إذا شاءوا التوجه بأطفالهم المستهدفين في الحملة إليها لتحصينهم مثل المشافي المقدمة خدمة التطعيم ومرافق التطعيم المختلفة. كما لن تتوقف خلال الحملة عن تأدية التحصين الروتيني المعتاد.
نأمل من الجميع التعاون مع مقدمي خدمة التحصين وتسهيل مهام العاملين منهم في الميدان وعدم الإبطاء عليهم أوتأخيرهم عند طرقهم الأبواب خلال تنقلهم من منزل إلى منزل. وعلى أولياء الأمور الوثوق بالقائمين على التحصين ومن يقدمون الخدمة… من أنهم يسعون لأجل صحة وسلامة الأطفال كحرص آبائهم وأمهاتهم عليهم وأن يرفضوا كل الشائعات والأقوال المنددة بالتحصين كونها مجرد إدعاءات زائفة وأكاذيب.
ولا أحسب كثيراٍ ممن يصدقونها إلا قد غلب عليهم الظن بألا أهمية وألا ضرورة لتحصين أطفالهم لحصولهم على جرعات كثيرة منه مسبقاٍ.
وعليهم تصحيح هذا الخطأ طالما والفرص لاتزال مهيأة والتحصين مستمراٍ. إذ أن من الجيد جداٍ أن يكون الطفل قد حصل مراراٍ على تحصينات ضد شلل الأطفال في الحملات إلى جانب كامل جرعات التحصين الروتيني مع معاودة تحصينه في هذه الحملة الجديدة التي نحن بصددها في الفترة من «11-31 يونيو 2102م». لتشكل حافزاٍ داعماٍ لمناعة الجسم فيزداد قوة وكفاءة دفاعية صادة وقاهرة لفيروس شلل الأطفال.
وبلا استثناءات التطعيم واجب وضروري فيها لجميع الأطفال دون سن الخامسة وحتى المولودين حديثاٍ في سائر مديريات ومحافظات هذا البلد الغالي على قلوبنا جميعاٍ.
وليعلموا أنهم بتفاعلهم البناء في حملات التحصين السابقة ضد المرض قد قدموا نموذجا حضاريا حيا أنجح تلك الحملات وأوصل اليمن – عن جدارة – إلى مصاف البلدان الخالية من فيروس شلل الأطفال وعليهم أن يحافظوا على هذا الرصيد.
فهذا ما حققوه لبلدهم ونال اليمن على إثره إعجاب المجتمع الدولي وبالمثابرة على تحصين أطفالهم المستهدفين خلال الحملة سيزيحون كل خطر محتمل لمرض شلل الأطفال ويدكون كل معقل له ولا يتركون له فرصة ليتسلل مجدداٍ إلى بلدنا الحبيب.
> المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان

قد يعجبك ايضا