الدولة الوطنية وسحر(المهاتير)!!

علي ربيع


علي ربيع –

علي ربيع
*تنطلق الصيحات والصرخات المطالبة بالدولة المدنية في اليمن بعضها يردد المصطلح و لا يدري ما معناه ولا متطلباته وبعضهم يتأوله بطريقته فيرى فيه رجسا من عمل الشيطان وبعضهم ينادي به وينتهكه بممارساته في اليوم ألف مرة وهذا كله يعني أننا بصدد ابتكار خلطة عجيبة من الدولة المدنية للاستهلاك المحلي ومن غير المستبعد أن نفكر بتصديرها في عبوات وأحجام مختلفة للعالم اللامدني.
*هل يمكن قيام دولة مدنية في ظل مراكز قوى بعينها تهتف بشعار الدولة المدنية وتمشي في الشارع بفيلق من المسلحين في مقدورهم بإشارة واحدة أن يقتحموا رئاسة الجمهورية أو أي مرفق مدني أوعسكري¿ هل يمكن أن تقوم دولة مدنية في ظل ثقافة الاستقواء على الدولة وعدم الانصياع لقوة القانون¿
*لا يزال المسلحون يجوبون شوارع صنعاء ويتدللون في أسواقها وحاراتها لا يزال الخوف يتربص بأحلامنا في أفواه البنادق ولا يزال الموت يتفنن في صنع أحزمته الناسفة وعبواته المتفجرة ولا يزال الأوصياء على السماء ينفثون سمومهم المقدسة لاغتيال مشروع اليمن الجديد.
*الدولة المدنية ليست ضد الدين ولا ضد العقل ولا ضد القبيلة الدولة المدنية دولة عدالة ومساواة وحرية دولة قانون غير قابل للاختراق ولا للاستثناءات دولة حقوق وواجبات ومواطنة متساوية دولة تأخذ الحق من القوي للضعيف دولة علم ومعرفة وتخطيط وكفاءات دولة تولي عنايتها بالإنسان وليس بمن يتسلط على الإنسان.
*ماذا بوسع الساحر (مهاتير محمد) أن يصنع لليمنيين إذا كان اليمنيون أنفسهم لا يريدون أن يصنعوا لأنفسهم شيئا بهذا المعنى قالها لهم (المهاتير) ومضى لا يمكن أن تحدث تنمية بدون أمن لا يمكن أن تقوم دولة بدون مؤسسات حقيقية لا يمكن أن يزهر اقتصاد بدون قوة تطبيقية للقانون لا يمكن أن تقوم دولة مدنية بالمواكب المسلحة والمشاريع التفتيتية المذهبية والطائفية.
*في اليمن كفاءات وقدرات وخبرات متنوعة ولن يكون (مهاتير) ولا (أردوغان) أدرى من اليمنيين بواقعهم وظروفهم فما الذي سيصنعه مهاتير بالمتهربين ضريبيا وجمركيا ما الذي سيفعله بناهبي الأراضي وكيف سيتصرف إزاء سطوة الهيلمان والمتاريس المتنقلة والإتاوات التي تدفعها الدولة بأكثر من طريقة لأرباب الجاه والبنادق وأبناء الذوات!
*في اعتقادي أننا يجب أن نحلم بالدولة أولا قبل أن نحلم بالمدنية فاليمن كانت ولا تزال ظلا باهتا لمشروع الدولة كل شيء بالبركة إن اتفقت مراكز القوى استقر الوضع وإن اختلفت اختلط الطين بالعجين وهو ما يحتم اليوم بلورة مشروع للدولة الوطنية وفقا لعقيدة وطنية فبدون ذلك لا المدنية ستجيء ولا نصائح (مهاتير) وعظاته قادرة على اختراع المستحيل.
*مشروع الدولة الوطنية لليمن رهن الآن بمؤتمر الحوار الوطني والخوف كل الخوف أن يفصل هذا المشروع على مقاسات لا وطنية شخصية وحزبية و مناطقية ومذهبية فتعيد اليمن إنتاج ماضيها السقيم في ثوب الحاضر وبشهادة الشهود قادة السفارات الخمس وتزكية (المجعوث الأممي) جمال بن عمر.
*مشروع الدولة الوطنية في اليمن هو الحلم الكبير الذي ينتظر تحقيقه اليمنيون وهو الكابوس المفزع الذي يؤرق مراكز القوى المتصارعة وأرباب المشاريع الضيقة لذلك فهم على استعداد لنسفه والإطاحة به إذا ما وجدوا أنفسهم غير حاضرين في تكييفه وتقسيمه وتفصيله ليكون على ما تشتهيه أنفسهم وتقر به أعين طموحاتهم وأمجادهم الدنيئة.
*الأخطر من كل ذلك هو استحالة تحقق مشروع الدولة الوطنية القوية في ظل استمرار تدفق قذارة المال السياسي الخارجي بمصادره المختلفة لأن ذلك يعني استمرار تنمر مراكز القوى العميلة سواء أكانت جهات أو أشخاصا واستمرار استقوائها على الدولة وارتهانها لخدمة من يدفع لها ويحرص على تسييرها هذا المال هو الوحل الحقيقي الذي حول اليمن وسيحوله إن استمر إلى ملعب إقليمي يتنافس فيه أقطابه على استباحة دم اليمنيين وكرامتهم والمقامرة بأحلامهم.

قد يعجبك ايضا