فرحة العيد.. الابتسامة المسروقة

عيد الأضحى المبارك لهذا العام لم ولن يكون حتما كما كان الحال في الأعوام الماضية والأيام الخوالي في حياة اليمنيين.
وعلى الرغم من إباء وأنفة أبناء الشعب اليمني وحرصهم الدائم على القيام بطقوسهم وعيش حياتهم الطبيعية عموما وفي المناسبات الاجتماعية والدينية العظيمة مهما كانت الصعوبات والمحن إلا أن حجم الكارثة التي خلفها العدوان السعودي المتواصل حتى في الأشهر الحرم والأيام المباركات كالتي نعيشها حاليا كانت مهولة وألقت بظلالها السوداء على مختلف مرافق الحياة وعلى جميع فئات المجتمع اليمني صغارا وكبارا.

الأطفال الصغار دائما هم الفئة الاجتماعية الأكثر فرحا وسعادة بمناسبة العيد وعلى الرغم من حرص الآباء على إسعاد أطفالهم في هذه المناسبة العظيمة إلا أن الحزن ظل كامنا خلف الوجوه التي تحاول تصنع الابتسامة وتتلاشى تلك البسمة  خلف مشهد العبث اليومي الذي تنفذه طائرات العدوان في العاصمة صنعاء ومختلف محافظات البلاد وقصفها المتواصل في الليل والنهار واستهداف المنازل السكنية والمناطق المأهولة بالسكان المدنيين وما يخلفه ذلك في كل ساعة من ضحايا في أوساط الأبرياء من الأطفال وذويهم ناهيك عن إضافة المزيد من النازحين عن ديارهم وقراهم ومدنهم بحثا عن الأمان المفقود.
وبحسب المنظمات الإنسانية الدولية والمحلية فان هناك قرابة مليوني يمني اضطروا الى ترك منازلهم بسبب القصف الجوي لطائرات العدوان وبسبب الحرب الداخلية بين أطراف الصراع السياسي والعسكري.
ويحل عيد الأضحى المبارك هذه السنة في هذه الظروف الاستثنائية شديدة التعقيد والصعوبة وبالغة السوء لذلك فقد سرقت هذه الأوضاع الابتسامة والفرحة من وجوه الأطفال وآبائهم أما من فقدوا آباءهم وأمهاتهم وأقاربهم في هذا العدوان فان العيد لم يعد يعني لهم كما أكد عدد منهم لـ”الأسرة”سوى محطة معاناة أخرى ومناسبة لذرف المزيد من الدموع والافصاح عن الآلام المتفاقمة التي لا تكاد تخبو قليلا في نفوس الناس حتى تنتعش مجددا كل يوم وكل ساعة مع استمرار العدوان وتنوع المصائب والكوارث التي يخلفها في كل غارة في حياة اليمنيين ..وتقول غادة يعقوب وهي إعلامية تقيم في صنعاء: إن العيد لم يعد مناسبة للفرح والابتهاج في ظل العدوان ومآسيه وإنما مناسبة حزينة ومصدرا آخر للأحزان وخاصة لأولئك الذين فقدوا آباءهم وأقاربهم في هذه الحرب الوحشية التي تجاوزت كل الحدود والأعراف والتقاليد الإنسانية المتعارف عليها بين الشعوب ..وتضيف: إن العدوان سرق الفرحة بالعيد من قلوب ونفوس اليمنيين كبارا وصغارا بعد أن خطف أرواح وحياة عشرات الآلاف من الأبرياء.
الحنين إلى الماضي
ويقول الأطفال بأنهم يدركون المصاعب التي تعترض فرحتهم بهذا العيد وعلى رأسها القصف العشوائي الذي تقوم به الطائرات للأحياء السكنية والمرافق العامة والتي لم تستثنى حتى الحدائق والمنتزهات العامة التي صارت هدفا مشروعا للعدوان شأنها في ذلك شأن بقية المؤسسات الخدمية والحيوية التي طالها العدوان وأحالها إلى خرابات وأطلال. وتقول الطفلة أشواق عبد الرقيب ”وهي في الثالثة عشرة من عمرها: نحن خائفون  فالعدوان  يقصف المدارس والحدائق ولم يعد يفرق في شيء “وتضيف أشواق وهي في الصف السابع بمجمع الثورة التربوي بمديرية ازال وهي تعيد بذاكرتها إلى الأعوام الماضية كم نتمنى أن نخرج إلى الحدائق والمتنزهات كما كنا في السنين الماضية: لكن الآن لا نستطيع إن نفرح ونتفسح كما كنا في الماضي حيث لم نكن نخشى من الصواريخ أو من الانفجارات أو من إي شيء آخر من شأنه أن يعكر الفرحة بالعيد.
المجازفة
وأصبح الخروج بالأطفال إلى الحدائق والمطاعم والأماكن العامة في هذا العيد بمثابة المجازفة غير مأمونة العواقب  خاصة وان العدوان أصبح في الآونة الأخيرة يقصف الأحياء السكنية بصورة هستيرية وجنونية.. ويقول عبد الخالق الضاوي الذي يسكن بمنزله في حي نقم شرقي العاصمة صنعاء مع بناته الأربع اللائي يتراوح أعمارهن بين الثالثة عشرة والثلاثة أعوام: إن اصطحاب الأطفال في فسح العيد في هذه الأيام بات بمثابة المغامرة خاصة وان الاستهداف اليومي من قبل طائرات العدوان أصبح أمرا ضروريا. ويضيف الضاوي رأينا ما حل بأولئك النسوة اللاتي اصطحبن صغارهن إلى مطعم مجاور لحديقة السبعين في عيد الفطر الماضي عندما قصفت الطائرات مبنى الأمن المركزي المجاور للمطعم وكيف أغمي على هؤلاء الأمهات اللاتي فقدن الوعي من هول الصدمة والخوف على أطفالهن .
ويرى الضاوي أن الظروف الحالية تحتم على الجميع اختصار مساحة الفرح إلى ادنى الحدود وتأجيل موضوع إسعاد الصغار إلى أن تنتهي هذه المهزلة التي تجاوزت شهرها السادس بصورة وحشية وعبثية غير مسبوقة في التاريخ.

قد يعجبك ايضا