العدوان يرفع أسعار النقل بين المحافظات في العيد

معاذ العبسي مواطن من محافظة تعز  قادته الأقدار لأن يكون شاهد عيان على جرائم دولية ترتكب بحق الشعب اليمني .. كان يسكن في العاصمة صنعاء حيث مقر عمله في إحدى المؤسسات الحكومية وظل صابرا على صلف العدوان حتى نفد صبره ولم يجد له من سبيل أضف إلى ذلك أن أسرته التي يعولها والمكونة من زوجته  وثلاثة أبناء وبنت واحدة  لم تعد تعرف النوم المعهود بسبب كثافة القصف الليلي على العاصمة صنعاء ومع قدوم عيد الأضحى وجد عذراٍ يلزمه بالسفر فقرر أن يرحل إلى مسقط رأسه تعز لقضاء الإجازة وفي نفس الوقت ليزور أهله في القرية كان توجسه وخوفه من القصف لا يغيب عن باله فهو ـ كما يقول ــ يتوقع بين الفينة والأخرى أن يتم استهداف الطرقات والجسور الواصلة بين المحافظات إلا أنه لم يكن يهم هذا الجانب أبدا فالعائق الوحيد أمامه هو تكاليف السفر فهو يحتاج إلى أكثر من راتب شهر واحد لينتقل هو وأسرته إلى قريته في محافظة تعز  بسبب ارتفاع أجرة المواصلات بين المحافظات وبشكل جنوني نتيجة انعدام المشتقات النفطية وذلك كما هو معروف بسبب منع دول العدوان دخولها إلى ميناء الحديدة..

بين استغلال الأزمات الماضية والأزمة الحالية  تعمقت أزمة المشتقات النفطية بدرجة كبيرة وهو ما أراده العدوان السعوامريكي على اليمن لكن هذا الوضع تفاقم وازداد ضرره مع استغلال سائقي البيجوهات والحافلات بذات الدرجة لهذه الأزمة الخانقة إذ ضاعفوا سعر الراكب الواحد المتنقل بين المدن اليمنية إلى أضعاف كثيرة تصل عند غالبيتهم إلى أكثر من 500 % ويظهر مدى هذا الاستغلال بمجرد حسبة تكلفة شراء مادة البنزين أو الديزل المتفاقم في الانعدام يوما تلو الآخر بسبب الحرب التي شنتها السعودية على اليمن ونسبة أرباح السائقين حينها سنجد أن القيمة الشرائية لمشتقات النفط  ليست سوى نسبة بسيطة من إجمالي التحصيل فأجور نقل الراكب الواحد على سبيل المثال من صنعاء إلى الجوف  تجاوزت  9500 ريال بينما عند آخرين تتذبذب بين الزيادة والنقصان على هذا المبلغ وبناء على عملية حسابية أجريت فإن نقل أي “بيجو”  لـ 10 ركاب  وهي سعتها الطبيعية من صنعاء إلى الجوف تساوي مبلغ 95 ألف ريال  في الوقت الذي ستكون القيمة الشرائية لثلاثين لتراٍ من البنزين ـ من السوق السوداء وهي الكمية المستهلكة في الغالب لذات الطريق ـ لن تتجاوز 22 ألف ريال ويظهر هنا مبلغ الربح الذي يجنيه أصحاب سيارات النقل فهم في أيام توفر المشتقات النفطية وثبات الأسعار لا يتحصلون إلا على خمس هذا المبلغ كصافي ربح وخط صنعاء الجوف ليس الوحيد في هذه الاستغلالية فكل الطرق التي تربط المدن اليمنية يتعامل سائقوها بذات الطريقة وبنفس الأسلوب .
أسعار جنونية
  حاولنا جاهدين رصد أي وجود للرقابة التي من المفترض أن تقوم بها مكاتب النقل وهيئات تنظيم النقل بالمحافظات على الأسعار المفروضة على المواطنين المتنقلين في ما بين المحافظات غير أنه على ما يبدو أن الرقابة في سبات عميق ولا تملك أي خطط لإدارة الأزمات وكأن طبيعة عملهم التواجد في أيام السلم بينما أيام الحروب على المواطن أن يتدبر أموره  ونتاجاٍ لذلك أضحت أجور النقل بين المدن تحدد بحسب مزاج السائقين وأهوائهم لا غير .
  فايز البهلولي رب أسرة مكونة من طفلين وزوجة كان يعمل في مدينة المخا كموظف حكومي براتب لا يتجاوز 45 ألف ريال   النصف منه ينفقه على إيجار المنزل والباقي يتدبر به القوت الضروري للأسرة  وقد ضل  في عمله مرابطا أكثر من ثلاثة اشهر من بدء العدوان على اليمن وبعد اشتداد الضربات الجوية على مديرية المخا قرر أن ينجو بأسرته حتى لا يصيبهم أي مكروه لكن أجور النقل الخيالية التي فرضها سائقوا الأجرة كبلت حيلته ولم يعد يقوِ حتى على التفكير بالسفر حيث إن المبلغ المطلوب توفيره للوصول إلى محافظة الحديدة ومن ثم صنعاء يتجاوز بكثير ما يحوزه في جعبته وبعد يومين من الانتظار ــ للفرج لم يكن ينتظره رغم الأمل  ــ اضطر لبيع أشياء من أثاث وحاجيات المنزل وكما يقول فإنه دفع 50 ألفاٍ للانتقال.
 استغلال أيام العيد
 استغلال  ارتفاع أسعار المشتقات النفطية بسبب شح تواجده في السوق لم يقتصر على حركة تنقل المواطنين بين المدن بل إن تنقل الكثير من الأسر بين المحافظات قبل وبعد العيد جعل أطماع ملاك سيارات النقل تزداد شراهة وهو الأمر الذي يعني حصول سائقي المركبات الأجرة ممن يملكون المشتقات النفطية على فرص أكبر للربح وذلك من خلال استغلال حاجة الناس لحاجاتهم الأساسية فيما سائقوا سيارات أجرة كان لهم نظرتهم الخاصة حول الموضوع حيث يقول أمجد محمد  أحد سائقي السيارات الأجرة النشطين في خط صنعاء الحديدة ” الجميع يعلم أن البنزين والديزل شبه منعدم وأن الحصول عليه أمر في غاية الصعوبة “فدبة” البنزين 20 لتراٍ وصلت إلى 16 ألف ريال هذا وبالتالي نحن غير قادرين على نقل الناس بنفس الأجور السابقة أو حتى بأعلى منها بقليل فالأمر فيه إجحاف كبير في حقنا
احمد الخياطي مندوب فرزة صنعاء -عمران اتهم عدة جهات بالوقوف وراء الأسباب التي أدت إلى ارتفاع أسعار النقل بين المحافظات وأول تلك الجهات مكاتب النقل والمرور  حيث لم تتخذ هذه الجهات أية اجراءات رادعة للسائقين الذين بدورهم استغلوا هذا التخاذل الرسمي وقاموا بتقنين أسعار النقل حسب مزاجهم غير مكترثين للحالة المادية الصعبة التي يعاني منها المواطنون وآثار العدوان السعو أمريكي واختتم المندوب حديثه بالقول ” ما يحدث هو بالطبع ناتج عن ظروف العدوان على بلادنا.
أما إبراهيم الحيمي سائق عربة نقل دينه  فاختلق لنفسه من الأعذار ما ينفي عنه التهمة حيث قال: إن ارتفاع سعر  النقل  يعود لسببين الأول أن هناك انعداماٍ للمشتقات النفطية وتواجده بأسعار مرتفعة في السوق السوداء والثاني هو مخاطرة السائقين فمن حقهم رفع تكلفة الأجرة أو النقل كون طائرات العدوان السعودي تستهدف خطوط النقل والجسور.
كاهل الأسرة
وهيب الجمل أستاذ في الاقتصاد يقول: إن استمرار زيادة أسعار التنقل بين المحافظات مع استمرار انعدام المشتقات النفطية واستهداف الجسور والطرقات من قبل العدوان له عواقب كبيرة أبرزها أنه سيثقل كاهل ميزانية الأسر الأمر وسيعمل على زيادة المشاكل الأسرية التي تظهر الدراسات أن 80% من أسبابها يعود إلى ضعف الجوانب المادية كما أن استمرار الوضع على ما هو عليه  سيكون له انعكاساته السلبية على مستوى الزيارات الأسرية فقد يعزف الكثير عن زيارة أقاربهم حتى في أيام العيد ووضع كالذي نحن فيه من حصار واعتداء غاشم يستدعي إيجاد الحلول السريعة ولايجب أن يعاني المواطنون الأمرين.
 الرقابة والأزمة
 غياب الرقابة على جميع الخطوط عمق المشكلة بدرجة لا يمكن تصورها إذ أجحف سائقوا الأجرة بحق المواطنين مستغلين  مشكلة انعدام المشتقات النفطية لذا فإنه من غير المعقول استمرار صمت الجهات الرسمية عن هذا الوضع.

قد يعجبك ايضا