دخلت الصناعة اليمنية الخفيفة في المواد الغذائية المعتمدة على دقيق الذرة أو مستخلصات البطاطس كالبفك والشبس بأنواعه ونكهاتها وبعض الحلويات والكيكات التي تباع بعشرة ريالات ومادون ذلك مرحلة متقدمة من الاحتضار وبدت تلفظ آخر أيامها مع تفاقم مشكلة انعدام المشتقات النفطية كالديزل وارتفاع تكلفة الإنتاج واختفاء المواد الخام اللازمة لصناعتها إثر شهور من المعاناة منذ بدأ العدوان في حصار اليمن اقتصاديا فيما بدت المنافسة مع الصناعات المستوردة الخارجية في قمتها ويخشى على نطاق واسع أن تتعرض لانتكاسة تؤدي بها للإفلاس والإغلاق قريبا فهي في صراع مع البقاء خصوصا في ظل هذه الظروف.
بدأت الصناعات الغذائية الخاصة بالأطفال بالظهور منذ بداية الثمانينات واتسمت برخص ثمنها وجودتها في نفس الوقت كالبفك والشبس بنكهات متعددة واستمر الحال إلى الآن حتى وصل سعرها لعشرة ريالات لكن مع ارتفاع تكلفة الإنتاج في الوقت الراهن خصوصا عقب العدوان والحصار باتت مسألة الاحتفاظ بهذا السعر صعبا الأمر الذي دفع المصانع نفسها للخسارة ودفع الزبائن للاعتراض على رفع الأسعار فما كان من تلك المصانع الا الاستسلام للخسارة حتى توقفت وأصبح العمال في الرصيف أما الأطفال في القرى والأرياف وأحياء الفقراء فيجدون صعوبة في الحصول على ضالتهم بالعشرة ريالات.
تنافس
أضحى التنافس على ما يحصل عليه الأطفال من هدية يومية من والديهم هي المقصد لهذه الصناعة لكن ما يميزها عن غيرها أنها من فئة عشرة ريال وخمسة ريال الأمر الذي يجعلها مثار شفقة في المنافسة مع بضائع أخرى قادمة من الخارج فالعشرة ريالات كما يقول عبدالله الرويحي وكيل مصنع للشبس بصنعاء لم تعد مجدية حيث أن تكلفة الإنتاج مرتفعة جدا الآن بعد أن أصبح الديزل بعشرة ألف ريال لدبة وهذا ما أدى لانهيار الإنتاج في أكثر من 25 مصنعا مشهورا بالسوق اليمني بالإضافة إلى التغليف والتسويق فالمصنع يبيع الشدة فئة 40 حبة بـ320 ريالا وتاجر الجملة يبيعها لتاجر التجزئة بـ330 ريالا وهكذا أصبحت الأرباح ضعيفة في ظل ارتفاع تكلفة النقل وأسعار المواد الخام.
أنواع
هناك نحو 30 صنفا من البفك والشبس فئة عشرة ريالات تتواجد في السوق لم يعد منها موجودا سوى خمسة وهذه الأصناف الخمسة كانت قد دخلت في منافسة بعضها البعض بقوة لكنها خلال الأشهر الأربعة الماضية استسلمت لحصص محددة كلا منها يحاول الوفاء بها لدرجة أن منتجا ما قد يستحوذ على السوق فترة من الشهر ويعود الآخر للمنافسة بعد بضعة أيام ومن اللافت للنظر أن بعض الأنواع تتوقف عن الإنتاج لفترة محددة فتدخل أخرى السوق لتغطيته من الاحتياج.
فئات اختفت
هناك فئة من الصناعات الغذائية تعرف بابو خمسة ريالات اختفت تماما ويجد التجار في بقالات التجزئة صعوبة في توفيره للأطفال خصوصا في القرى والحارات لذوي الدخل المحدود والفقراء ورغم ذلك لم يعد السوق مستجيبا لها إذ كانت مجموعة من الصناعات الوطنية تكافح للبقاء في السوق بأنواع منها لكنها اليوم اختفت تماما ولم يعد لها أي وجود خصوصا ذلك النوع الذي كان نكتهة بطعم منتجات بحرية ويسمى (الجمبري) فلم تستطع المصانع توفيره بخمسة ريالات وبات الآن بعشرة ريال يباع على مضض من المصنع حيث يقول صاحبه انه خاسر دون شك في ظل هذا الوضع وارتفاع التكلفة والعملة الصعبة أيضا.
الجودة
يشير الأخ عبدالرحمن الربادي صاحب مصنع مشهور في صناعة البفك والشبس إلى أن هناك أصناف يمنية عالية الجودة حيث يتم استخدام أجبان من ماركات عالمية انجليزية وهولندية وزيوت ماليزية عالية الجودة وتحظى الصناعة اليمنية بشهرة للدول التي تصدر إليها في دول الجوار ويضيف أن الأسعار الحالية نقدمها للسوق اليمنية ونحن لانطمح للربح فالباكت يباع للمستهلك بعشرة ريالات ومستوى الربح لدينا بسيط جدا في ضوء تكلفة الإنتاج المرتفعة .
ويوافقه الرأي رجل الأعمال عمار الانسي صاحب مصنع للأغذية الخفيفة بقوله لم يعد المنتجون ينتجون سوى للمحافظة على صنفهم وماركتهم فقط حيث أن تكلفة الإنتاج تزيد في الكثير من الأحيان على تكلفة البيع ويشير إلى أن المصانع الوطنية الرسمية ملتزمة بأنظمة الجودة والمواصفات والمقاييس المعتمدة وهؤلاء يتعرضون لمنافسة من قبل ضعاف النفوس الذين ينتجون في بدرونات بدون ترخيص ولا جودة ولا منتج حقيقي.
صناعة الشبس والبفك
توجد في اليمن رسميا 36 منشأة صناعية للبفك والشبس تعرف بأنها فئة قيمة عشرة ريالات وهذه المنشآت تقوم بتوفير مئات الأصناف من البفك والشبس حيث يجد الأطفال فيه ضالتهم لرخص ثمنه وقيمته الغذائية ويعد هذا البفك أهم منتجات الصناعات الغذائية اليمنية الخفيفة حيث استطاع البقاء محافظا على سعره رغم تراجع وزنه من 29 جراما إلى مادون 20 جرام خلال السنوات الثلاث الماضية اما الآن فقد تم زيادة الوزن ورفع السعر إلى 20 ريالا وبعد الحرب والعدوان على اليمن أصبح بـ25 ريالا ويقول المصنعون انهم لم يعودوا يكسبون وان تكلفة الإنتاج وصعوبات تواجهه كالوقود والنقل باتت هي المشكلة ويعتريها التوقف أشهرا.
قيمة الإنتاج
يعمل بمصانع البفك والشبس حوالي 500 عامل حققت إنتاجا بقيمة 3 مليارات و54 مليون ريال وحصل العاملون على تعويضات بقيمة 294 مليون ريال ونظرا لان مستلزمات الإنتاج في معظمها مستوردة فقد بلغت مستلزماتها السلعية 2 مليار و422 مليون ريال فيما بلغت المستلزمات الخدمية للإنتاج 71 مليون ريال وبرغم المنافسة فإن هذه الصناعة حققت قيمة مضافة تصل إلى 561 مليون ريال أي أن كل منشأة حققت ربحا بمقدار 35 مليون ريال تقريبا فيما بلغ فائض التشغيل للكل نحو 200 مليون ريال.