التاكسي بالعملة الصعبة .. ومعظمها في طابور المحطات .. وقلتها يشعل العيد جشعاٍ واستغلالاٍ
وسائل النقل الخارجي .. ارتفاع الأجرة يعيق زيارة مسقط الرأس
منذ شهدت اليمن الأزمات والحروب والاختناقات الكبيرة في سوق المشتقات النفطية وخدمات التموين قبل خمس سنوات لم تبلغ تكلفة النقل الداخلي في أمانة العاصمة إلى الحد الذي يؤثر في ديناميكية الحركة التواصلية بين الناس وأعمالهم من جهة وبين الناس وأقاربهم وذويهم من ناحية أخرى.. إذ ظلت الحركة حتى أوج زحام الأعياد والمناسبات في مستواها المعهود وشكل ارتفاع التكلفة عبئاٍ غير مقدورُ على حمله لدى عالي ومتوسطي ومتدني الدخل في الأسرة اليمنية.
“هذا العيد غير”, لدى مئات الآلاف من اليمنيين في العاصمة أو المحافظات المختلفة وحتى على مستوى المهاجرين في الخارج فالأزمة ضربت النقل في مقتل المحروقات وصارت الحركة مرهونة بالانتظار لأيام على المحطات أو الورود صوب السوق السوداء وبورصتها المعلنة في الشوارع وفي الأزقة وحتى في الخطوط الطويلة وليس أمام مرتادي هذه السوق المشئومة من جهة أو طرفُ يحمل عبئ أسعارها الباهظة سوى المواطن (موظفاٍ وطالباٍ وعاملاٍ ومريضاٍ وفلاحاٍ), إنهم الغلابا الذي لا مفر أمامهم من تحسس دهاليز ما ادخروه أو ما بقى معهم, ليأتي العيد وعدادات ادخارهم قد صفرت وقائمة العيد لم يكتمل نصفها لدى أغلبهم فما بالهم من مخصص السفر أو الزيارات الذي لم يكن يوماٍ متأخرا في تراتبية هذه المخصصات بل في صداراتها, ولا حِل هنا سوى الحل في أماكن أعمالهم والإحجام عن معظم زيارات الأقارب سواء داخل أمانة العاصمة أو من العاصمة إلى المحافظات أو من دول الجوار إلى اليمن.
يقول أحمد الدمامي – من ذمار آنس – : هذا العيد لا مجال للسفر وللزيارات بسبب الغلاء الفاحش على المواصلات والنقل فما يقرب الـ2.5 مليون شخص سيقضون العيد في بيوتهم خصوصاٍ الموظفين الذين يعيشون على الرواتب فقط.. لقد استفسرت من قبل خمسة أيام الجيران في الحارة لأجد جميعهم سيعيدون في صنعاء فكلنا يشكو عدم القدرة على السفر بسبب النقل.
وأضاف الدمامي : حقيقة نحن أسرة مكونة من خمسة أفراد وأربعة أطفال, فمن الصعب أن نأخذ سيارة أجرة لمفردنا, فأجرتها إلى مدينة الشرق تتجاوز الـ (30) ألف ريال في أفضل الظروف أما في ليلة العيد مثلا فمن المستحيل إلى درجة أن الأجرة ارتفعت فجأة من (1500) ريال إلى ما يفوق الـ (7000) ريال على كل فرد كتكلفة للخروج من العاصمة آنس – ذمار التي لا تتجاوز المسافة إليها 190 كيلو متراٍ فما بالك بالسفر إلى تعز إلى إب إلى ريمة إلى الضالع وغيرها, فكم سيكلف السفر إليها.
هذا واقع النقل على مستوى قلب اليمن (العاصمة) والمحافظات الأخرى (أعضاء جسدها), واقع مْر وإيقاف إجبار لأغلب متوسطي الدخل وكل متدني الدخول المعيشية فحسن الوصابي – رب أسرة مكونة من أربعة أفراد وستة أطفال– الذي كان يتوق لزيارة أهله في وصابين مجبرَ –حسب تعبيره- على الإقامة في العاصمة وقضاء العيد فيها بل والرضاء بحاصل الواقع المرير, وليس هذا فحسب بل والإحجام عن زيارات الأقارب في العاصمة حتى ولو بباص النقل الذي يأخذ مئة ريال وحتى لمسافة 20 متراٍ أما استئجار التاكسي فليس في وارد جندي براتب بسيط مهما كانت ظروف الحاجة إليها, معتبراٍ أن الهواتف والجوالات قد اختصرت المسافة وأن الاتصال الهاتفي صار بديلاٍ للتنقل وصارت الزيارات محصورة على ذوي الدخل المرتفع أو من يملكون سيارات ويملكون محروقات.
وكيل أمانة العاصمة في حوار صحفي نشرته الثورة ذكر أن أمانة العاصمة وزعت تعميماٍ رسمياٍ في يوم 28 / 6 من العام الجاري يلزم الجميع بأن السعر الرسمي هو 50 ريالاٍ لباصات الأجرة بدلا عن الـ100 الريال مؤكداٍ أنه تم الاتفاق مع شركة النفط اليمنية لتخصيص محطات للباصات, وتم تحديد 8 محطات لباصات النقل الداخلي داخل الأمانة, وأن هناك تجاوباٍ كبيراٍ جداٍ, والمسؤولية في أي مخالفة في هذا الجانب تقع على مسئول المرور والنقل في الأمانة.. ويتخاطبون مع المناطق في المديريات عبر متعهديهم في الفرز, ولا ننسى هنا أن نشير إلى أن تجار الأزمات هم من يقف وراء هذه السوق بل ووراء الاختلالات السعرية التي تشهدها بعض السلع.
رغم هذا الطرح المؤكد إلا أني لاحظت قبيل العيد بيوم واحد أن باصات الجامعة الصافية وباصات التحرير عصر وباصات الحصبة الجامعة والحصبة هائل لا زالت تأخذ على الراكب (100) ريال ولا مجال للتنازل عن أي ريال.
هذه المسألة فتحت الباب على مشادات كلامية وكبيرة تحصل بين الركاب وأصحاب الباصات حيث يشير كثير من البسطاء أصحاب باصات الأجرة معروفون بتدني كبير في التعامل والألفاظ غير اللائقة.. والاقتتال مع الراكب حتى على 10 ريالات, وهو ما أكده المواطن عبدالله عبد الحميد – في أحد باصات الأجرة التحرير عصر- مؤكداٍ أن أمانة العاصمة بتعميمها لم تحل مشكلة, بل أشعلت مشكلة بين أصحاب الباصات والمواطنين وهو ما يعني أن هذا العيد سيكون أصعب وأتعس عيد يعيشه المواطن, فهل تضبط الأمانة الباصات وأصحاب الفرز والسوق السوداء أولاٍ ثم تنزل التعميم.
أصحاب سيارات الأجرة (التاكسي) أيضاٍ هم الأكثر حظاٍ في مسببين الإيقاف الجبري لبرنامج زيارات الأقارب في العيد خصوصاٍ عند محدودي الدخل أما مرتفعي الدخل الذين لا يملكون سيارات فعليهم دفع أضعاف ما كان يدفعونه كأجرة لصاحب التاكسي فسليم الموظف في شركة اتصالات يؤكد أن المشوار الذي كان يدفع عليه (500) ريال صار اليوم يدفع عليه (1500 – 2000) ريال وبسخط كبير من صاحب التاكسي الذي يتلون عشرين لوناٍ خلال مسافة المشوار.