كان شهر رمضان المبارك ولا يزال مبعثا لكوامن الشعور النبيل والأفكار النيرة والأوصاف الحسنة والمواعظ الطيبة من قبل العلماء والأدباء والمفكرين والشعراء التي تعكس فضل هذا الشهر الفضيل ومنزلته في النفوس والقلوب.
لقد جعل الله رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه لطاعته إلى مرضاته فسبق قوم ففازوا وتخلف آخرون فخابوا.
فإذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع أذى الجار وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء.
كما يجب للصائم الزيادة في الجود في شهر رمضان اقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم ولتشاغل كثير منهم فيه بالعبادة عن مكاسبهم.
فالصيام زكاة النفس ورياضة للجسم فهو للإنسان وقاية وللجماعة صيانة وفي جوع الجسم صفاء القلب وإيقاد القريحة وانفاذ للبصيرة لأن الشبع يورث البلادة ويعمي القلب.
فالمقصود بالصيام هو حبس النفس عن الشهوات وفطامها عن المألوف.
كما أن صيام شهر رمضان مضاعفا على سائر الصيام لشرف زمانه وكونه هو الصوم الذي فرضه الله على عباده.
وجعل صيامه أحد أركان الإسلام التي بني عليها الإسلام.
إن رمضان يعتبر آية معجزة إصلاحية أعجب عن هذه المعجزة الإسلامية التي تقضي أن يحذف من الإنسانية كلها تاريخ البطن ثلاثين يوما في كل سنة ليحل في محله تاريخ النفس.
وكأنه الشهر الصحي الذي يفرضه الطب في كل سنة للراحة والاستجمام وتغيير المعيشة لاحداث الترميم العصبي في الجسم.
ولقد وردت في تسمية شهر رمضان أقوالا كثيرة وتكاد تجمع إلى أن اطلاق اسم رمضان نتج عن مجيئه في أيام الحر الشديد ولكونه يرفض الذنوب أي يحرقها.
وقيل قديما أن الناس عندما نفلوا أسماء الشهور صادف شهر رمضان أيام رمض وحرارة شديدة ولذا سمي شهر رمضان.
وشهر رمضان هو الشهر الوحيد الذي ذكر اسمه صريحا في القرآن المجيد قال تعالى “شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه”.
وكان المسلمون يقولون عند مقدم رمضان استقبالا له “اللهم قد أظلنا شهر رمضان وحضر فسلمه لنا وسلمنا له وارزقنا صيامه وقيامه وأرزقنا فيه الجد والاجتهاد والقوة والنشاط وأعذنا فيه من الفتن.
وقد خص الله تعالى شهر رمضان بخصائص كثيرة منها: أنه سبحانه وتعالى جعله شهرا مباركا وجعل فيه ليلة خير من ألف شهر وجعل صيامه فريضة وقيام ليلة تطوعا وجعل من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كمن أدى فريضة فيما سواه وجعله شهر الصبر .
والصبر فيه ثوابه الجنة وهو شهر المواساة وشهر يزاد فيه الرزق للمؤمن وشهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.
إن لشهر رمضان المبارك في الإسلام أسماء كثيرة منها: شهر القرآن وشهر الغفران وشهر الرحمة وشهر العتق من النار وشهر الله وشهر الآلاء وشهر النجاة وشهر الصبر وشهر المواساة وشهر الخير وشهر الكرم وشهر البركات والخيرات وشهر إجابة الدعوات وشهر الإحسان وشهر إقالة العثرات وشهر العودة إلى الله.
وقيل في شهر رمضان: مثل الشهور الأثني عشر كمثل أولاد يعقوب عليه السلام وكما أن يوسف عليه السلام أحب أولاد يعقوب إليه كذلك شهر رمضان أحب الشهور إلى الله تعالى.
لقد حفل شهر رمضان بأحداث مهمة في التاريخ كلها تدل على أن رمضان كان على مدى التاريخ شهر عمل وانتصارات وجهاد وأن أهم الأحداث الرمضانية قاطبة هي نزول القرآن الكريم على النبي صلى الله عليه وأله وسلم وهو في غار حراء.