سلسلة انفجارات عنيفة هزت العاصمة صنعاء خلال الأيام الماضية.. الانفجارات ليس ناتجة عن مقذوفات طيران العدوان السعودي الأمريكي على بلادنا كما اعتاد سكان المدينة ولكنها عن طريق سيارات مفخخة استهدفت عدداٍ من المساجد في أحياء العاصمة.
واستشهد مواطنان وأصيب 6 آخرون جراء انفجار سيارة مفخخة وضعت أمام البوابة الشرقية لمسجد قبة المهدي بعد صلاة ظهر يوم السبت الماضي فيما العدد مرشح للزيادة.
وأوضح مصدر أمني بعمليات أمانة العاصمة لـ “سبأ” أن الانفجار أحدث أضراراٍ كبيرة في الجامع وعدد من المنازل المجاورة له في صنعاء القديمة.
وأشار المصدر إلى أن الأجهزة الأمنية انتقلت إلى مكان الانفجار لجمع الاستدلالات وإجراء التحقيقات في هذا الحادث الإرهابي.. مؤكداٍ أن منفذي هذه العمليات الإرهابية والإجرامية لن يفلتوا من العقاب وسيتم ضبطهم وإحالتهم للعدالة لينالوا جزاءهم الرادع والعادل جراء ما اقترفوه بحق الوطن والمواطنين.
وهزت العاصمة صنعاء مساء الأربعاء الماضي انفجارات متزامنة في عدد من الأحياء لكنها هذه المرة ليست بفعل الغارات الجوية من قبل الطيران السعودي الأمريكي وإنما بفعل أربع سيارات مخففة استهدفت عدداٍ من المساجد.
السيارات المفخخة كان على متنها عناصر انتحارية “داعشية” حيث انفجرت إحداها في منطقة الجراف الشرقي والثانية في الجراف الغربي وانفجرت أيضا سيارة ثالثة بجوار جامع الكبسي بحي القاع والرابعة انفجرت بجوار جامع القبة بشارع هايل سقط على إثرها شهيدان وأكثر من 60 جريحاٍ جراحهم طفيفة.
وجاءت هذه الانفجارات في وقت واحد بعد أذان صلاة المغرب ومع استقبال المواطنين لشهر رمضان المبارك وكذا بالتزامن مع انعقاد مشاورات بين المكونات السياسية في مدينة “جنيف” وبالتزامن أيضاٍ مع هزيمة (القاعدة) في محافظة الجوف والسيطرة على معسكر اللبنات, أكبر معسكرات التنظيم في اليمن, ومقتل قائد التنظيم ناصر الوحيشي.
وأعادت هذه الانفجارات إلى الذاكرة سلسلة التفجيرات التي استهدفت مسجدي بدر والحشحوش في مارس الماضي والتي أدت إلى استشهاد وإصابة المئات من المواطنين وجاءت لتفشل مفاوضات موفنبيك التي كانت قاب قوسين أو أدنى من التوصل إلى حلول سياسية تنهي مسألة فراغ السلطة في اليمن.
وأعلن تنظيم “داعش” مسؤوليته عن الحادث وهو في العادة من يتصدر التبني لهكذا جرائم, سواءٍ كانت في اليمن أو في السعودية أو سوريا أو العراق أو أي بلد آخر فاستهداف المصلين والمساجد مسؤولية أوكلت إلى “داعش”.
واعتبر محللون أن من يقف خلف هذه التفجيرات هي السعودية وأن الغرض من هذه التفجيرات هو إيصال رسالة بأنه حتى لو أعلنت الهدنة أو توقف العدوان فإن السعودية بأدواتها قادرة على زعزعة الأمن والاستقرار والوصول إلى أماكن حساسة داخل العاصمة.
وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية في تقرير لها : إن إعلان فرع “داعش” في اليمن مسؤوليته عن سلسلة التفجيرات باستخدام سيارات مفخخة في العاصمة صنعاء يضيف نوعاٍ جديداٍ من الخطر للمدينة المروعِة منذ أشهر جراء الضربات الجوية.
وذكرت الصحيفة أن تفجيرات “داعش” الأخيرة في اليمن محاولة جديدة لإشعال التوترات في لحظة حساسة يجتمع فيها ممثلون عن الحوثيين وحكومة “هادي” في جنيف من أجل التوصل لوقف إطلاق نار برعاية الأمم المتحدة.
وتحدثت الصحيفة عن أن سلسلة الخسائر في صفوف قيادات “القاعدة” دفعت مؤيديهم للمطالبة باستخدام تكتيكات وحشية مثل “داعش” كتحذير للأعداء والجواسيس مضيفةٍ : إن “القاعدة” يبدو أنه رد على مقتل زعيمه في اليمن بالإعدام العلني في المكلا جنوب البلاد لرجلين قيل إنهما جاسوسان سعوديان ساعدا في تقديم معلومات لهجمات الطائرات بدون طيار.
ويرى مراقبون أن عناصر تنظيم القاعدة أو ما يعرف “بداعش” عجز عن إحراز أي تقدم في الميدان وذلك لمواجهة الجيش واللجان الشعبية رغم التمويل والدعم الكبير المقدم لهذه العناصر من قبل المملكة العربية السعودية وأنها باتت تبحث عن أي انتصارات حتى ولو على حساب المساجد.
ورسالة القاعدة هنا هي : أننا موجودون وقادرون على الوصول إلى أي مكان لكن الواقع أن هذه العناصر – بحسب المحللين- تواجه مصاعب جمة لاختراق الأمن في صنعاء نتيجة اليقظة الأمنية مدللين على ارتداء هذه العناصر لملابس نسائية أثناء دخولهم إلى العاصمة صنعاء وكذلك المداهمات المتكررة للجان الشعبية والأجهزة الأمنية لأوكار هذه العناصر في عدد من المحافظات والمديريات.
أئمة المساجد.. ضحايا مفضلون للقاعدة
وفي السياق ذاته وهو ما يفسر الإفلاس لدى هذه الجماعات أقدمت القاعدة على اغتيال إمام وخطيب مسجد “الحزم” بشبام حضرموت السيد حسين عبد الباري العيدروس أحد الوجهاء والشخصيات الاجتماعية في المنطقة وعاقل حي الحزم بشبام.
وعْرفِ العيدروس بمناهضته القوية للعدوان السعودي الأمريكي على بلادنا وقد اعترضه عدد من مسلحي القاعدة وهو متوجهاٍ إلى المسجد لإمامة المصلين لصلاة العشاء مساء الجمعة الماضية وأطلقوا عليه عدة أعيرة نارية ارتقى بعدها شهيداٍ.
العيدروس كان لديه فكر مخالف لأفكار تنظيم القاعدة وهو صوفي المذهب ومعروف عن الصوفيين ابتعادهم عن السياسة وعدم إقحام أنفسهم في أي مشاكل من هذا القبيل لكن التنظيم كعادته لا يفرق بين أحد والجميع أعداء طالما يخالفونه المعتقد- كما يقول الكثيرون.
وكان التنظيم قد تبنى عمليات اغتيال واسعة لعدد من أئمة وخطباء المساجد في حضرموت من بينهم الشيخ علي سالم باوزير في مديرية غيل باوزير وحسين بن عبدالله الجفري في منطقة الحوطة وعدد من المشائخ الذين يعالجون بالقرآن الكريم في ساحل ووادي حضرموت.
ولم يقتصروا على هذه الأعمال فقط بل قاموا بتهديد القائمين على المساجد من إقامة الموالد وتلاوة الأذكار وقد اعتقل تنظيم القاعدة الشيخ محمد بانصر إمام وخطيب مسجد الغار الأحمر في المكلا واقتادوه إلى جهة مجهولة بعد أن ندد الشيخ بالأعمال الإجرامية للعناصر الإرهابية في المكلا ولم يتم الإفراج عنه إلا بعد توقيع تعهد بألا يلقي أي خطاب مناوئ للقاعدة.
جرائم العدوان تتواصل
وفي الوقت الذي كان الجميع ينتظر “هدنة” إنسانية خلال شهر رمضان المبارك واصل العدوان السعودي الأمريكي وحشيته خلال هذا الشهر الفضيل حاصداٍ أرواح الكثير من المدنيين الأبرياء وفي مقدمتهم النساء والأطفال.
ففي اليوم الأول من شهر رمضان المبارك ارتكب الطيران السعودي مجزرة بشعة بحق أسرة كاملة في مدينة رازح بمحافظة صعدة حيث استشهد 13 منهم وغالبية هؤلاء الشهداء نساء وأطفال كما استشهد 5 من أسرة واحدة بمنطقة بني معين في ذات المنطقة.
وكثف طيران العدو غاراته على محافظة صعدة بالتحديد متنقلاٍ بغاراته الهستيرية من مديرية إلى أخرى في مناطق الطلح والمنزالةوالحصامة وأملح والشعف مخلفاٍ دماراٍ كبيراٍ في الأحياء السكنية والمنشآت الحيوية.
وأغار الطيران المعادي على محافظات صنعاء وعدن ولحج والجوف وحجة مستهدفاٍ المعسكرات ومنازل المواطنين والمعاهد العلمية.