قصص وحكايات لمعاناة النازحين جراء العدوان السعودي

نازحون من المحافظات الشمالية والجنوبية في ضيافة أبناء عتمة

خلف العدوان السعودي الهمجي الغاشم على اليمن مزيداٍ من الفقر والمعاناة التي طالت معظم الأسر اليمنية في مختلف محافظات الجمهورية..  ” الثورة ” رصدت بعض معاناة من نزحوا من منطقة حوض الأشراف بتعز ومدينة عتق بمحافظة شبوة وأمانة العاصمة إلى القرى والمناطق الريفية هناك من ينتظر وصول الخبز من فاعلي الخير وآخر لم يجد قوت يومه.
 اكتظت مدارس محمية عتمة بمئات النازحين الذين ضاقت بهم سبل العيش في مدنهم التي حولتها غارات العدوان السعودي الى مدن أشباح .
مدرسة النور للتعليم الأساسي بعزلة بني بحر بمحمية عتمة واحدة من الأماكن التي استضافت أعداداٍ من النازحين حيث تمتلىء حجرات المدرسة بالأطفال والنساء من محافظات تعز وصنعاء وعدن وشبوة كما تمتلئ أيضا بقصصهم ومعاناتهم.. فإلى التفاصيل:

من حوض الأشراف  بتعز إلى مدرسة النور بمحمية عتمة تصل أسرة فهمي السامعي بعد أن كانت الأسرة تتابع الحرب في مدن ومحافظات أخرى .
يقول الأخ فهمي السامعي37 سنة: نزحت مع والدتي وابني وكريمتي وأصبحنا من الأسر النازحة بعد أن مْلئ الحي بالمسلحين من يسمون أنفسهم “المقاومة المسلحة” التي جلبت الدمار على أبناء حارتنا خاصة وأبناء الحالمة عامة لم نصل إلى عتمة بسهولة فقد كلفنا ذلك مبالغ حتى خرجنا من الحي وغادرنا تعز كما حصل مع الكثير من الأسر التي نعرفها ومانزال في تواصل مستمر معها من خلال التلفونات .
ويضيف فهمي السامعي: تركت زوجتي بعد أن أصرت على البقاء مع والدتها واكتفيت بأخذ والدتي وشقيقتي وابني الوحيد “سامي- 4سنوات” : خروجي من تعز لم يكن باليسير فقد اشتريت 40 لتراٍ بترول بـ20 الف ريال وقررت السفر من الحي الذي عشت فيه منذ ولادتي خاصة بعد قصف مبنى القصر الجمهوري في غارات متعددة أدت أيضاٍ إلى تدمير عدد من المنازل وبعض المنازل التي بقيت دون تدمير لم تسلم نوافذها من التدمير وكذا الأبواب وتحولت الشوارع والأحياء المجاورة إلى مدن أشباح وحينها لم نتمكن من الحصول على خبز بعد أن أغلقت الأفران والمخابز أبوابها وأصبح الحصول على كيس خبز من المستحيلات وكذلك مياه الشرب حتى أن الخروج من المنزل أصبح مخاطرة حيث قتل الكثير من الجيران وعدد من الأصدقاء لذلك قررت أن أختار المنطقة الآمنة وكانت قرية والدتي التي تنتمي إلى “محمية عتمة” هي المنطقة التي هربت إليها وها أنا اليوم أسكن مع بعض النازحين من تعز وشبوة في مدرسة النور بعد أن كنا في ضيافة أحد المواطنين والذي استقبلنا في البداية وحين طالت فترة النزوح تزايد عدد النازحين من المدن اليمنية إلى المنطقة قررت أن أخفف ولو قليلا على من استقبلونا في بداية النزوح.

تركنا الكثير من الأسر
ويقول سالم صالح حسن – 18 عاما وهو أحد النازحين من عتق محافظة شبوة : شدينا الرحال بعد أن ضاقت بنا سبل العيش في مدينة عتق بمحافظة شبوة خاصة بعد تدخل طيران آل سعود وضرب الأحياء والمنازل الخاصة بالمدنيين وخرجنا من شبوة على ظهر إحدى الناقلات “دينة” بمبلغ 70 الف ريال إلى محافظة ذمار ومن ثم انتقلنا إلى عتمة بمبلغ 40 الف ريال وتركنا خلفنا الكثير من الأسر التي ضاق بها الحال ولم تستطع الرحيل معنا .
ويرى الأخ حميد الجرادي 23 سنة نازح من شبوة : تركنا منازلنا ومحالنا التجارية مغلقة ونخشى عليها أن تتعرض للسرقة أو أن تكن عرضة للعدوان الذي لاتفرق غاراته بين الأهداف المدنية  والعسكرية.
موضحا أن الحياة بعيداٍ عن منزلك ومحالك التجارية صعبة جداٍ خاصة حين تتعطل تماماٍ عن العمل وتبقى عالة على المجتمع في انتظار ما سيجود به أهل الخير عليك ونحن في خير من الله لقد هربنا تاركين كل أملاكنا حتى الملابس التي ستبقى عرضة للسرقة ولم نتوقع حينها أن نبقى نازحين لأكثر من شهر ونحن اليوم نطوي الشهر الثالث على التوالي دون بارقة أمل .
وقال سالم: لقد تم استضافتنا في بداية النزوح لدى مواطنين وحين طالت فترة النزوح شعرنا بالحرج واخترنا الانتقال الى مدرسة النور القريبة من منازل المواطنين ونبقى في انتظار وصول الخبز من الأهالي رغم معرفتنا بضيق حالهم حيث عدد النازحين يتضاعف نتيجة استمرار العدوان على المدن اليمنية نسأل الله أن يفرجها علينا خاصة ونحن في شهر الرحمة والمغفرة وأن نعود الى ديارنا آمنين مطمئنين.
وتقول أمة الرحمن عامر حسين – أم لثلاثة أطفال : خرجنا هاربين مع جيراننا نتيجة للقصف ونفاذ المواد الأساسية مثل الدقيق وأسطوانات الغاز ونضطر اليوم الى شراء أسطوانة الغاز بـ 6000 ريال مع العلم أن تعبئة الأسطوانة لم يتجاوز 30% من التعبئة الحقيقية وصلاحيتها لم تتعد الخمسة الأيام فقط .
وتجد أمة الرحمن أن إقامتها  بمدرسة النور والالتقاء بالنازحين فرصة لمعرفة الآخرين ومعاناتهم حيث يوجد في المدرسة 8 أسر من منطقة حوض الأشرف بمحافظة تعز وتعج حجرات المدرسة بالأطفال .
نزوح جماعي
تركت  أمة  الرحمن عملها كمدرسة وفارقت أهلها بعد تعرض المنطقة للعديد من الغارات التي تصفها بالمجنونة حيث تعرض العديد من السكان للموت وبدأت عملية هدم المنازل واستمر النزوح الجماعي بعد تعرض مبنى القصر الجمهوري لغارات من قبل طائرات العدوان السعودي .
ومثل غيرها لم يكن وصول أمة الرحمن إلى عتمة بالأمر اليسير والسهل فقد كلفت عملية نقلها 45 الف ريال أجور نقلهم دون “عفش” لقد كان النزوح أمراٍ اضطرارياٍ فقد كانت تنتظر لأكثر من 3 ساعات للحصول على كيس خبز كما انعدمت على أحياء كثيرة من تعز مياه الشرب  وهي الآن تؤكد أنها أفضل حالاٍ من جيرانها كونها لم تفقد أحداٍ من أفراد أسرتها معتبرة أن ذلك مكسباٍ كون الكثير من الجيران فقدوا أبناءهم إما قتيل أو مصاب بأحد المستشفيات .

وجبة واحدة
وفي إحدى زوايا الحجرات الدراسية كانت نظرات الأخت أشواق السامعي ترمقنا بحذر وبحزن ولسان حالها يقول: هل هؤلاء هم الإغاثة التي نسمع عنها التي تعالج أوضاع النازحين أو مساعدات الأسر النازحة وبالفعل قدمت إلينا وفي يديها  3 أطفال قائلة: هؤلاء يكتفون بوجبة واحدة.. وهل سيتم نقلنا إلى منازل أخرى أفضل حال مما نحن فيه¿! حينها رديت عليها: نحن ننقل معاناتكم مثلكم مثل المئات بل الآلاف توقفت عن الحديث وقالت بصوت متقطع: بالفعل يوجد آلاف النازحين وهي تؤكد أنها تتواصل مع نازحين تعرفهم ولكنهم في مناطق أخرى مثل العدين بمحافظة إب وكلهم يعانون جراء العدوان ومن خلال حديثها تبين أنها مديرة مدرسة أهلية تؤكد أن العدوان السعودي فرق بين الأسر اليمنية وشتت شملها .
ويقول الأخ هيثم صالح – 27 سنة : اليمن كله موجوع ومجروح جراء هذا العدوان فقد قتلوا جيران لنا بمحافظة شبوة بغارة سوت منزلهم بالأرض كما قتل جيران لنا ينتمون إلى محافظة ذمار وهم 6 أفراد بقوا تحت الأنقاض لمدة يومين.. هذه أحوال وحكايات النازحين محزنة ومؤلمة وأملنا في الله كبير .
 ويرى الأخ محمد ناجي عامر 41 سنة والد لخمسة أطفال أنه حزين على تشريد أسرته وحرمان أطفاله من الدراسة فأولاده “سالم , محمد, عامر, وأشواق ودعاء” جميعهم مسجلون في مدرسة ولم يكملوا دراستهم بسبب العدوان السعودي واضطر إلى نقلهم إلى عتمة بعد أن تدخل الطيران السعودي وبدأ يقصف الأسواق والأحياء بمدينة عتق .
موضحا أن منزله ومحاله التجارية مغلقة ولم يتمكنوا من نقل بضائعهم وممتلكاتهم وفي ختام هذه اللقاءات يبين الجميع حزنهم الشديد على ما أصاب الوطن من عدوان همجي بربري يستهدف كل شيء جميل في اليمن من قبل آل سعود وحلفائهم من عبدة الأموال .
ومن جهته يؤكد الأخ نعمان قائد عامر – أمين مكتبات عزلة بني بحر أن عدد النازحين في تزايد وهناك تعاون من قبل الأهالي وبعض وجهاء القرى والعزلة تجاه إخواننا النازحين من الكثير من مدن وعواصم المحافظات التي يتم قصفها من قبل الأعداء حيث يتم تقديم العون لهم مثل المياه النقية إلى خزان المدرسة وكذلك يتم جمع الخبز من البيوت كمساعدة وضيفة للنازحين جميعهم حيث وغالبيتهم لم يستطيعوا تجهيز وجباتهم في حجرات المدرسة كما يتم إيصال بعض المساعدات مثل التمر وبعض الملابس الى الأسر النازحة.

قد يعجبك ايضا