مدينة تعز .. إذ يهلل أهلها لعودة السلام..العدوان وحلقة أخرى من الانتقام

 
* أغلب المستشفيات خارج الخدمة..والنظام الصحي على وشك الانهيار
* قصف الطائرات يتسبب بمجازر جماعية في أوساط المدنيين
* جبل صبر تحول إلى مسرح يومي لعربدة قصف العدوان         

 قبل أن تخطف طائرات العدوان روحه الطاهرة.. قبل أن تحول جسمه إلى أشلاء تناثرت على مربعات الحي الذي يقطنه كان اللواء قاسم الروحاني يستعد للرحيل إلى العاصمة صنعاء طالبا الأمان بعد فقدانه في مدينة السلام “تعز ” غير أن طائرات العدوان لم تمهله ولو دقائق معدودة ليحقق ما عزم عليه إذ قامت بشن غارة جوية استهدفت منزله الذي تحول إلى ركام تطاير إلى أماكن متفرقة من الحي وتطايرت معه أشلاء اللواء ونفر غير قليل ممن كانوا معه وفي مقدمتهم إحدى بناته وحفيدته وابن أخيه كما سقط عشرات الشهداء والجرحى بغارات أخرى ..
في السطور التالية ننقل لكم مشاهد ضحايا العدوان السعودي من تعز..

تعز / تحقيق /هشام المحيا
قبل أن يحل القدر المكتوب بحبر العدوان السعودي على أسرة اللواء قاسم الروحاني الذي يقطن في حي ثعبات بمدينة تعز. كانت زوجته قد أحست بمشاعر الأمومة أن خطرا ما يحدق بالعائلة وقدراٍ مخيفاٍ تسوقه طائرات السعودية فقررت اللجوء إلى الحل الإجباري وهو الرحيل إلى العاصمة صنعاء لعلها تجد لنفسها ولأسرتها الأمان هناك وبالفعل رحلت العائلة باستثناء ربها اللواء الروحاني الذي قرر التأخر لإنجاز بعض المهام ومن ثم اللحاق  إحدى بناته قررت هي الأخرى التأخر ومعها ابنتها  تضامنا مع والدها بعد أنُ حز في نفسها أن تترك أباها من غير رعاية سائقه ابن أخيه  أيضا أعلن الوفاء ببقائه إلى جانب اللواء ولم يكن يعلم أحد أن الموت سيجمعهم في مربع واحد.

 رحيل وفاجعة
كان اللواء قاسم الروحاني ـ خلال فترة تأخره عن العائلة ـ يتوقع الموت في أي لحظة كغيره من اليمنيين جراء القصف المكثف من قبل طيران العدوان السعودي غير أنه لم يكن يتوقع رحيله بتلك الصورة فقد كان ينتظر موتا هادئا يسمح لمجاميع الأهل والأحبة والأصدقاء بالاصطفاف كل وراء الآخر خلف جثمانه في حفلة وداع أخير فيقبلون رأسه ويبكون على صدره ويضمون كلتا يديه على صدورهم غير أن شيئاٍ من تلك الأمنيات لم تتحقق فالغارة الجوية التي استهدفت منزله قبل أيام كانت كفيلة بتفتيت أغلب اعضائه وفصل باقي الأعضاء عن بعضها وتفريقها على أماكن مختلفة من ذات الحي الذي يسكن فيه فالرأس طار إلى خارج المنزل بينما الصدر وجد في مكان آخر ومما تبقى من جسد ابن أخيه صادق الروحاني كان خلفية رأسه وقد عرفها أحد الجيران هناك بعلامة كان يعرفها تماما وفي منزل أحد الجيران وبالتحديد في غرفة نومه وجد كتف ويد أحد من كانوا مع اللواء بداخل المنزل وفي منازل الجيران الأخرى وجدنا أشلاء كثيرة تعود لضحايا من داخل المنزل .

شهود عيان
كانت الشمس قد توسطت كبد السماء حينما كان المواطن عبدالله أحمد يقف حافي القدمين محتضنا لحفيدته واقفا أمام بوابة منزله ينتظر اكتمال وصول افراد العائلة لتناول وجبة الغداء وفي لحظة من لحظات الانتظار تلك كانت حفيدته قد شعرت بوجود طائرة تحلق فوق سماء المنطقة فأصبحت تسد أذنيها تارة وتسترق ثواني لتنزع يديها عن أذنيها وتخبر جدها بما شعرت قبل لحظات من وجود حدث ما سيحدث بالمنطقة غير أنه لم يهتم لشعور الطفلة واعتبره مجرد شعور عابر وأخذ يجامل طفلته بأن منحها ابتسامته المعهودة وطبع على وجنتها قبلة حانية مليئة بالحب المفعم بالحنان. لم يكن الرجل قد انتهى من أداء العرض الأبوي ذاك إلا وكانت المنطقة قد اهتزت بالكامل وغطى سماء المنطقة الغبار. أما هو فلم يدر إلا وقد طار في الهواء مبتعدا عن مكان وقوفه السابق بضعة أمتار حاول فهم ما يجري وتفاقم الوضع أكثر حينما وجد حفيدته قد أصيبت بشظية في قدمها اليمنى بينما الدم يجري من أماكن متفرقة من جسمه فأخذ يجري في الشارع حافي القدمين يبحث عمن ينقذه فلم يجد أحداٍ فسيارات الإسعاف  التي هرعت إلى المكان كانت تهتم بمن هو أكثر  ضرراٍ فأسعف نفسه إلى المستشفى العسكري وقبل ذلك كان قد اتضحت الصورة أمامه بعد أن ابتعد عن مكان الحادث وعلم أن غارة جوية استهدفت منزل اللواء الروحاني أقرب جيرانه إلى منزله وتأكد له أن جميع من في المنزل قد قضي عليهم والدليل تلك الأشلاء المتناثرة هنا وهناك في نفس المربع .

حكايا أخرى
 في جبل صبر كان للطيران السعودي ضحايا آخرون وهم كثر ففي منطقة دار النصر استهدف فندق جبل صبر المطل على مدينة تعز الغارة الأولى التي استهدفت المبنى والثانية على البوابة الرئيسية التي تحاذي الطريق الرئيس الذي يربط جبل صبر بمدينة تعز محدثا بذلك عدداٍ كبيراٍ من القتلى والجرحى ولم يكن ضحايا الغارات هم الوحيدون فهناك ضحايا جلهم من النساء والأطفال قضوا في داخل منزلهم بعد أن أحدثت الغارات هزة أرضية كبيرة تسببت بسقوط أجزاء كبيرة من أحد المنازل القريبة هناك .
  عدد من المارة هناك كان لهم نصيبهم من الحادثة فأصيبوا بشظايا في أنحاء متفرقة من أجسادهم فنقلوا مباشرة إلى مستشفيات المدينة. 

كارثة إنسانية
 ما من يوم يمر على مدينة تعز إلا وضحايا الغارات الجوية والاشتباكات المسلحة تزيد في ازدياد يأتي ذلك في ظل تردي الأوضاع الصحية إلى درجة قد تصل قريباٍ حد إعلان انهيار النظام الصحي في المحافظة  بعد أن توقفت أغلب مشافي المدينة عن العمل بينما يعمل ما تبقى منها على قلة من الأدوية والكادر الطبي المتخصص والأسرة والمستلزمات الطبية الأخرى .

قد يعجبك ايضا