يومان أو ثلاثة فقط من شهر شعبان تفصل نحو 3.5 مليون أسرة يمنية في الريف والحضر عن استقبال شهر رمضان المبارك وهو شهر يقول خبراء الاقتصاد إنه يستأثر بـنفقات ثلاثة أشهر من موازنة الأسر كل عام لكنه في هذا العام على غير العادة نتيجة لظروف العدوان والقصف والحرب السعودية على اليمن وحصارها الاقتصادي لموانئه وشواطئه ومنافذه البحرية والبرية والجوية سيكون صعبا وستتراجع النفقات والتسوق فيه لأدنى مستوى.
ورغم المحاولات الحثيثة في الأسواق لاستقبال الشهر الفضيل اقتصاديا من قبل التجار وعرض المستلزمات الرمضانية بكثافة فإن غالبية الأسر من ذوي الدخل المحدود لاتزال بعيدة المنال عن التسوق الكامل إذ من المؤكد أن قلة ذات اليد تحبط مساعيها في اقتناء المستلزمات الرمضانية سريعا وتجعلها في حالة قلق خوفا من عدم تمكنها من شراء المستلزمات لكن أمل الكثير ممن هم موظفون في الحكومة أو القطاع الخاص يتعلق باستلام راتب شهر يونيو مقدما ليؤمنوا ولوجزء بين جاحتهم تزامنا مع أول يوم في الشهر الكريم.
قلة الدخل
تعترف الأسر اليمنية بحاجتها للمستلزمات الرمضانية دون شك لكنها تواجه في الأيام الحالية ونتيجة للعدوان والقصف السعودي والحصار الاقتصادي مشكلة حقيقية في الاقتناء من جهة وقلقا من ارتفاع الأسعار من جهة أخرى كما تمثل قلة ذات اليد حسب تعبير المئات من الأسر المعضلة الحقيقية أمام اليمنيين في هذه المناسبة بالذات فبعد أن فقد الآلاف من العمال وظائفهم في القطاع الخاص نتيجة الحرب على اليمن هاهم موظفو الدولة في غاية البؤس نظرا لمحدودية الدخل مما يجعل الكثير من الأسر كما يقول الخبير الاقتصادي عادل الطيري غير مهتمة بتوفير مستلزمات رمضان بقدر اهتمامها بتوفير لقمة العيش الضرورية مقارنة بالأعوام الماضية .
تقديم الراتب
الكثير من الموظفين وبنسبة 90% يعتمدون في دخلهم على الراتب الذي يأتي آخر الشهر وبما أن الراتب لم يعد يكفي لمدة تتجاوز عشرة أيام نظرا للصرفيات المتعددة للموظف فإن قدوم رمضان منتصف الشهر يجعله في حيرة من أمره الأمر الذي دفع العديد من الموظفين للمطالبة بتقديم راتب الشهر ولو نصفه كما يقول محمد الحسام موظف بوزراة الإدارة المحلية ويشير إلى ان هذه أمنية يشاطره فيها الكثير من الموظفين الحكوميين حسب رأيه.
مستلزمات
بدى التسوق لشراء مستلزمات رمضان هذا العام ضعيفا والسبب كما يقول التجار الظروف التي تمر بها البلاد الواقعة تحت القصف والحصار لدول التحالف ويؤكدون من جهتهم أنهم بذلوا كل ما بوسعهم لتوفير المستلزمات الرمضانية وفقا لأسعار السوق ويرى علي بامطرف تاجر الجملة في سوق شعوب أن المشكلة ليست في عدم توفر السلع في السوق فالمشكلة حسب رأيه تكمن في التسوق الضعيف من الأسر وهذا هو الموضوع المثير بالنسبة للتجار حاليا .
تسوق
يصف خبراء وضع الميدان في السوق على ثلاثة مسارات الأولى ارتفاع في الأسعار بمقدار يصل إلى 30 % والثاني انعدام سلع معينة وندرة توفرها والثالث ضعف في الإقبال على الشراء ويقول الخبير نجيب الشرعبي مدير تنفيذي بمركز صنعاء مول إن الأسعار مرتفعة بنسبة تفوق 30 % في أنواع محددة كالزيوت والألبان هناك زيادة 50 % في القمح واستقرار السكر فيما الأرز مرتفع 30-20 % .
ويصف الشرعبي الوضع في السوق بأنه مثير للقلق فهناك تجار يحتكرون سلعهم المتخصصون فيها ويقومون بإنزالها ويرفعون بنسبة معينة كل يوم وهذا مايجعل الأسعار ترتفع بين الحين والآخر أما المتسوقون فيقولون ان الأسعار مرتفعة وانهم يرفضون هذه الزيادة التي بلغت في أدناها 30 % ويشعرون بالقلق والحزن من تفاقم ارتفاع الاسعار .
ارتفاع الأسعار
الحديث عن ارتفاع الأسعار مستمر ومؤكد فالسلع جميعها ارتفت بنسبةمابين 40-20 % أما الزبادي فقد كان المقياس على الارتفاع الصارخ اذ ارتفع من 80 ريالا الى 120 ريالا بنسبة 50 % دفعة واحدة ويعتقد ان البيوت التجارية الكبرى في اليمن قدر فعت اسعار منتجاتها المحلية بنفس النسبة متذرعين بانعدام المشتقات النفطية كالديزل والزيادة في اسعار النقل .
المستوردة
جل المنتجات الغذائية المسوردة يرافقها ارتفاع في الاسعار بنسبة 30 % ويقول التجار ان هناك فوراق في اجور النقل اثر العدوان والحصار الاقتصادي لليمن حيث يتم احتساب اجور نقل مضاعفة بسبب نقل البضائع الى جيبوتي لتفتيشها وهذا يكلف التجار مبالغ جديدة اضافية تصل إلى 100 دولار في الحاوية الواحدة.
مستلزمات لن يكون لها حاجة
هناك متغير جديد طرأ على اقتناء المستلزمات الرمضانية ألا وهو عدم توفر الكهرباء وهذا بدوره جعل مسألة التسوق وشراء أنواع الحلويات التي كانت الأسر تشتريها في رمضان في غاية الصعوبة فالجيلي والمهلبية وغيرها التي تحتاج إلى التبريد في الثلاجة لن يكون لها أي أهمية في هذا الشهر نظرا لعدم التمكن من تشغيل الثلاجات نظرا لإنطفاء الكهرباء كما أن تخزين الوجبات هو الآخر محفوف بالمخاطر مما أدى لتراجع التسوق في كثير من المستلزمات التي كانت تزيد الموائد الرمضانية سابقا.
ويشير خبراء إلى أن تصدر عدة سلع غذائية قائمة الاحتياجات الرمضانية للمائدة اليمنية كالتمر والزيوت والحليب والألبان والشاي والبن واللحوم لم يعد كذلك في الوقت الراهن نظرا لتغير خارطة الوضع الاقتصادي للاسر إذ اثر غياب الكهرباء عن المنازل في سير عمل المأكولات الرمضانية بشكل كبير لكن اللافت للنظر هو الاحتياج للماء والمشروبات التي تقي من العطش فهذه من الاهمية بمكان وتضعها الاسر على رأس اولوياتها بسبب ارتفاع درجة الحرارة ليس في المناطق الساحلية وحسب بل في المرتفعات والسهول الزراعية نظرا للجفاف الواسع الذي يضرب المناطق الشمالية بالكامل ونسبة من المناطق الوسطى وهذا يدعو الأسر لتحمل تكلفة المياه للشرب من جهة ومن جهة أخرى للصائمين بشكل خاص وهذا بحد ذاته يحتاج نفقات كبيرة قد تزيد عن ثلاثين الف ريال على الأقل.
الاحتياجات
من خلال الرصد وجدنا من المستلزمات الرمضان التي تحرص الأسر على اقتنائها ما يطلق عليها مستلزمات غير ضرورية أي التي تدخل كمكملات غذائية كالعدس والحمص والفاصوليا والبازاليا وبهارات منوعة كالكمون فلفل هيل زر هرد قرفة والمكسرات كحب العزيز والزبيب ودقيق السنبوسة والبسبوسة وبهارات الأرز وهذه تكلف حسب ما يقول التاجر نجيب الشرعبي نحو 40 الف ريال على الأقل وبكميات ليست كبيرة .
أنين
مصاريف شراء مستلزمات رمضان من ناحية عملية تعتبر مقلقة وتثير الخوف لدى محدودي الدخل فعندما تكون بحاجة لراتبي شهرين هنا المشكلة ويقول ابراهيم محمد الريمي انه يشعر بالقلق من قدوم رمضان قبل شهر لأنه يعرف انه يحتاج مبلغا كبيرا لشراء احتياجاته فيما هو موظف محدود الدخل يستلم راتبه ليصرفه سريعا على الاحتياجات اليومية لأسرته فهم لا يتمكن من ادخار أي مبلغ نقدي ليواجه مصرفات رمضان.
معاناة
من يعيش حياة الفقراء ومحدودي الدخل سيستشعر فعلا معاناتهم وخير دليل على ذلك الموائمة بين دخل هؤلاء الفقراء ومحدودي الدخل وما وصلت إليه مستويات الأسعار في السوق للكثير من السلع ليس من هذا العام بل من اعوام سابقة ويقول محمد طه (موظف بسيط ) أن الأسعار الحالية مرتفعة بكل المقاييس مقارنة بالدخل فعلبة الحليب البودرة زنة (2.5 كيلوجرام)بـ4700 ريال والسمن النصف بـ 5800 ريال أما البهارات والمكسرات والتمور فقيمتها مرتفعة 40 % .
الرقابة
لم يعد للرقابة أي وجود على الارض وهذا ربما يعود لظروف البلد نفسها ووضعها السياسي والأمني والمخاوف من نقص المواد التموينية نفسها مما جعل جميع الاطراف تركن للقطاع الخاص ليقوم بدوره في توفير السلع والمهم ان يوفرها ولو بسعر مرتفع وهو ما يطرح تسأؤل عن المستقبل وكيف سيكون خصوصا وان هناك سلعاٍ باتت مرتفعة بأكثر من قيمته سابقا وينبغي التأكيد هنا على دور الجهات المسؤولة في الرقابة خصوصا على المحتكرين والذين باتوا في ازهى حلتهم وهم يرفعون الاسعار ويخفون السلع بلا ضمير في وقت حرج كما نحن فيه .
