أصوات القصف.. ومستقبل الطفولة

الشقيقة الباغية لم تضع حساباٍ للمستقبل وهي تشن هذا العدوان الغاشم على اليمن.. المدنيون كانوا أهدافاٍ رئيسة.. أطفالنا صغار شاهدوا أصدقاءهم جثثاٍ متفحمة أو أشلاء ممزقة.
آثار هذه المشاهدة ستكبر في نفوس الأطفال بلا شك.. وردة الفعل مستقبلية ستكون أعنف.. بغض وكراهية شديدة تتولد في نفوس الأطفال اليمنيين تجاه آل سعود وحلفاء العدوان ربما يتأثر بها الجوار نفسيات الأطفال أثناء وبعد القصف تتطلب مزيداٍ من الاهتمام والرعاية والعناية.. هذا ما تذهب إليه سطور التحقيق بين أيدينا.
خوف الأطفال من سماع دوى الانفجارات وحرمانهم من الذهاب للمدرسة واللعب مع أصدقائهم بصورة طبيعية أقلقهم وأثر عليهم نفسياٍ وصحياٍ كما أقلق آباءهم من تنامي حالة الخوف والهلع عند أطفالهم وعن ماهية الطريقة المناسبة لحل هذه المشكلة .

في ظل هذه الأيام التي تواجه بلادنا عدواناٍ سعودياٍ يستهدف المدنيين والتجمعات السكانية بوحشية مقيتة تركت آثاراٍ نفسية لدى الأسر المتضررة التي شاهدت العدوان مباشرة تقول أم  لمياء: “لم يغير العدوان الغادر حياتنا فحسب بل سرق حياة أطفالنا معه فابنتي دائمة الحزن والقلق  والخوف على الرغم من إني أخبرتها أن هذه مجرد لعبة سباق طائرات وسوف تنتهي ولكنها صدمتني بقولها لماذا لم ينته كل يوم لعب ونحن متى سوف نلعب أنا لا أحب اللعب هذا فانا أخاف من هذه الأصوات ولماذا نختبئ عندما يبدأون اللعب وتخافين علينا .
تغيرات نفسية
“أبو فهد” مواطن  يقول: طفلي من النوع الهادئ وليس من الأطفال الأشقياء ولكن بدأت ألاحظ انه يصرخ كثيرا خصوصا عند سماع أصوات القصف يبدأ الخوف ومن ثم البكاء الشديد وليس هذا فحسب لقد أصبح يتبول لا إردياٍ ويقول أن “الطائرة تبولت على فراشي” .
كسر الفرحة
أم رهف جهزت أولادها للنوم باكرا ليستيقظوا صباح الخميس لحفل تخرجهم التي تقيمه المدرسة بعد عناء تدريبهم في تقديم الفقرات التي سوف يقدمونها في الحفل  وتقول كانت المأساه الكبرى عندما استيقظ أولادي من النوم بسبب الانفجارات المرعبة وكسر فرحتهم وسماعهم المستمر لأصوات قصف الطائرات زاد الوضع سوءاٍ.
الحكمة يمانية
أما الطفل وائل عبدالله فقد تحدث ببلاغة وحكمه لم أجدها بطفل مسبقاٍ  حيث قال  : أنا أعلم أن السعودية تقصف اليمن  لقد توقفت دراستنا بسبب هذه الحرب التي قامت علينا ولكن استغرب أنها المملكة العربية السعودية وليست دولة أجنبية ألا تعلم أن الله أكرمنا بأن جعل في مكة المكرمة بيت الله الحرام الذي فيه الركن اليماني وهو جزء من أركان الحج فكيف هانت عليها اليمن ألا يعلمون أننا أرق وألين قلوباٍ وأفئدة هل هي غيرة منها أم حسد وحقد علينا بأن الحكمة يمانية¿!..
أما الطفلة ريماس احمد وتبلغ من العمر العاشرة تقول: أنا أحب المدرسة وصديقاتي اشتاق للذهاب إليها ولكن لسبب عدوان السعودية علينا توقفت الدراسة وأبي يقول سوف نرحل إلى القرية حتى تنتهي هذه الحرب يعني لن أذهب إلى مدرستي والتقي مع صديقاتي لأني سوف ارحل.. أنا لا أحب الحرب وأيضا لا أحب السعودية.
كانت تغني دائما أغنيتها المفضلة والتي تصف أركان الحج.. هذه الطفلة نسرين مجاهد تقول “كان حلمي أن أسافر إلى السعودية وأرى الكعبة المشرفة لكن بعد ما قتلت السعودية أخي فأنا اكرهها جداٍ”.
كرب الصدمة
كان لقائي مع الأستاذ الدكتور/محمد يحيى الأشول استشاري أمراض نفسية حدثنا قائلا: تختلف تفاعلات الأطفال مع الأحداث التي تمر بها البلاد فالأطفال هم الأكثر تأثراٍ من البالغين وكبار السن ولا يدركون طبيعة ما يحدث  وسماعهم لأصوات الانفجارات المستمرة  يترك بصمة كبيرة في نفسية الطفل ونموه وبالتالي  تظهر هناك اضطرابات تعمل على تغيرات في طبيعته فمثلا الخوف من الجلوس وحيدا من دون مرافق والكوابيس التي تأتي في المنام وليس هذا فحسب بل فقدان الشهية للأكل وحب العزلة والخوف من الخروج .
ونوه الاشول محمد بأنها إذا استمرت هذه الحرب يدخل الطفل في صدمات تسمى كرب ما بعد الصدمة وهو مرض معروف من الأمراض النفسية وفي حالة استمرار الأعراض عند الطفل يظهر عنده تبول لا إرادي والخوف وفقدان للشهية .
كما أفاد الأشول قائلاٍ :يخضع الطفل للعلاج ومحاولة إعادة رجوعه إلى الأسرة …والأطفال إلى عمر أربع و خمس سنوات لا يدركون شيئاٍ ولكن يحاولون تقليد أهاليهم إذا شاهدوهم في حالة اضطراب.. أما الأطفال في الخامسة من العمر فهم الأكثر تأثراٍ بالأحداث وليس لديهم القدرة على فهم الوضع ومنها يعاني الطفل في تكوينه وتكوين شخصيته وأيضا صحته أما الأطفال من سن الثانية عشر إلى الرابعة عشر فقد يعانون من هذه الأحداث سلوكيا ويتم تعديله بأسلوب علمي بمساعدة الأب والأم.
وختم الدكتور/ محمد الأشول حديثه بنصح أفراد الأسرة على كيفية التعامل مع مثل هذه الظروف وقال: يجب على الأسرة التعامل مع هذه الأوضاع بشكل طبيعي أمام الأطفال حتى لا يدخلون في مشاكل نفسية تؤثر عليهم وتستوجب العلاج بالإضافة إلى  تطمين الطفل ومنحه الدفء والأمان قدر المستطاع .
عملية نمذجة
أما من وجهة نظر نفسيه يرى  الأستاذ الدكتور/ علي الطارق  أستاذ علم النفس “جامعة صنعاء” بأن ما تمر به البلاد من عدوان وجرم يشمل جميع طوائف المجتمع ويترك في الأطفال آثاراٍ نفسية خطيرة جدا تصيبهم بالهلع والخوف وينعكس عليهم مستقبلاٍ .
ويضيف : إن الآثار النفسية  تختلف إذا كانت عبارة عن  سماع بالأحداث من قبل الطفل  فهو لا يؤثر كثيرا على نفسيته  أما  إذا عايش الأحداث  مثل ما حصل في القصف على فج عطان ونزوح الأهالي ومغادرة منازلهم مع أبنائهم هنا تكبر المشكلة وتنعكس على نفسية الطفل بالسلب  وتعمل على عملية تصوير نمذجة ذهنية كما إنها  تؤثر عليه في المستقبل وتولد الحقد والخوف والرعب وتستمر معه وقد يصاب الطفل بما يسمى الإحباط وفي حالة خوف الطفل  من الصوت المرتفع  والقنابل فإن التأثير يزيد .
وختم حديثه بالتأكيد  بأن الأهل لهم الدور الكبير في الحفاظ على نفسية أبنائهم  لأنه من المعروف عنهم حب تقليد الكبار وإذا شعر الطفل بالأمان في الأسرة وتعامل الأسرة مع الحدث بصورة طبيعية فالطفل لا يشعر بالتغيير فإذا زرعنا داخل نفوس أطفالنا الأمان وعدم الخوف والثقة بالنفس بأننا أقوى من هذه الأحداث الغادرة علينا وعلى بلادنا الحبيبة فهنا لا تكون مشكلة  .

https://www.althawranews.net/pdf/2015/05/01/09.pdf

قد يعجبك ايضا