أثمان باهظة يدفعها الباحثون عن نعيم أوروبا

يدفع المهاجرون من أجل وصولهم إلى اماكن المهجر من الآسيويين خصوصاٍ سكان الشرق الاوسط والأفارقة ثمناٍ باهظاٍ قد يصل احياناٍ إلى دفع ارواحهم ثمناٍ لها, خاصة خلال السنوات 15 الاخيرة وبعد اندلاع الثورات والصراعات والحروب الأهلية أو التي تقودها مجموعة من المتطرفين على من دونهم ممن لا ينتمون اليهم او لا يؤيدونهم أو من يخالفونهم في الرأي والدين في أوطان تلك المناطق من العالم مما يستدعي الكثير من سكانها لمغادرة اوطانهم  إلا أن وسائل نقلهم غير الآمنة جعلت ذلك حاجزاٍ منيعاٍ في طريق بحثهم المرير والشاق عن ملاجئ تأويهم من عاصفة الانتهاكات والظلم والجور إلى زبد الموت الذي لم ينتظرهم في شطآن البلدان الباحثين عنها وصارت جثث الضحايا لأولئك المغامرين تملأ البحر القاتل ومقبرة البحار, حيث غرق أكثر من 20 ألف مهاجر إلى أوروبا كما ذكرت منظمة ” اطباء بلا حدود ” هذه الاحصائية التي لم يكن ليصدقها العالم في ظل الظروف الآمنة والتطور والتقدم في وسائل النقل البري والبحري والجوي على حد سواء مما دفع العديد من المنظمات الدولية والانسانية في البحث وراء ما يجري من كوارث انسانية تحدث في البحر الابيض المتوسط الطريق الذي يسلكه كل من يريدون الخروج من جور الظلم والحروب وضيق العيش في بلدانهم إلى مكان قد يحصلون منه على دفء قليل يساعدهم على البقاء أحياء ويحفظ ماء وجوههم لبقية حياتهم لهم ولأسرهم ولكن لسوء الحظ أصبحت تلك البواخر التي لم تعد آمنة بسبب أنها تحمل طاقة أكبر من استيعابها الحقيقي وعلى الرغم من ابتزاز ربانها للصاعدين عليها بدفع المبالغ الباهظة لهم .
وفي ظل هذا السياق يسعى المجتمع الدولي بعد ان ادرك جيداٍ ان هناك مشكلة حقيقية تحدث في مياه البحر المتوسط وكوارث انسانية للمهاجرين إلى ايجاد الحلول لها وإن لم تكن هذه الحلول جذرية, حيث توصل القادة الأوروبيون الاسبوع الماضي إلى اتفاق بهذا الشأن يتمثل في مضاعفة  المساعدات من الموارد المخصصة لإنقاذ المهاجرين غير الشرعيين في البحر المتوسط والسعي في اصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يحمي المهاجرين ويجيز التحرك عسكريا ضد المهربين في ليبيا.
وفي القمة التي تم عقدها في بروكسل اجتمع قادة الاتحاد الاوروبي من أجل بحث قضية  المهاجرين إلى أوروبا وكيفية معالجتها ولكن الاجتماع لم يتكمن من الاتفاق على موضوع استضافة المهاجرين لدى وصولهم إلى أوروبا وكيفية التعامل معهم وأرجأوا قراراتهم في هذا الشأن إلى وقت لاحق مما اطلق المجتمع الدولي اللوم على الاتحاد الاوروبي بعدم ايجاد الحلول لهذه المعضلة .
وصرح  رئيس مجلس أوروبا دونالد توسك قبل بدء القمة حول عدم التوقع الكثير من الحلول من أجل ذلك قائلاٍ : “يجب ألا يكون لدى أحد أية أوهام. المشاكل لن تحل اليوم”.
كما تم التطرق في القمة إلى استخدام القوة العسكرية في تدمير جميع مراكب نقل المهاجرين التي يمتلكها المهربون قبل انطلاقها إلا أنها لم تطرح حلاٍ آخر يكون بديلاٍ عنه مما قد تكون هناك مشكلة جديدة تواجه المهاجرين انفسهم.
وفي هذا الإطار اتفق القادة الأوروبيون على وجوب استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يجيز هذا التدخل العسكري. وتعهدت فرنسا وبريطانيا العضوان الدائمان في المجلس بتقديم مشروع قرار بهذا الخصوص .
من جهته قال هولاند : إن “فرنسا ستتحمل قسطها” أي أنها ستستضيف “ما بين 500 إلى 700 لاجئ سوري”.
وأبدى يونكر أسفه لهذا الواقع وقال : “كنت آمل لو كان هناك طموح أكبر” علما أن رئيس المفوضية الأوروبية كان يدفع باتجاه أن يشمل البرنامج استضافة 10 آلاف لاجئ على الأقل.
ويدعو اقتراح الدول الأعضاء في الاتحاد إلى مساعدة إيطاليا واليونان ومالطا الدول الثلاث الرئيسية التي تستقبل مهاجرين ينطلقون من السواحل الليبية على تسجيل الوافدين وفرز من بإمكانه من بينهم الاستفادة من حق اللجوء ومن سيعاد إلى بلاده. لكن هذا الأمر دونه اتفاق دبلن 2 الذي يوكل هذه المهمة إلى الدولة التي يصلها المهاجرون.
من ناحيتها دعت السلطات الليبية المعترف بها دوليا وتلك غير المعترف بها الاتحاد الأوروبي إلى تقديم الدعم للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية في وقت بحث فيه الأوروبيون خلال قمتهم الطارئة الخميس الماضي احتمال القيام بعملية عسكرية ضد المهربين في ليبيا.
ورحبت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بتعبئة الاتحاد الأوروبي الموارد للاستجابة لأزمة المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط وحثت أيضا على زيادة الجهود الرامية إلى إنقاذ الأرواح ودمج طالبي اللجوء وفقا لحقوق الإنسان.
وفي تصريحات للصحفيين في جنيف دعا أدريان إدواردز المتحدث باسم مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين الاتحاد الأوروبي إلى مضاعفة التمويل إلى ثلاثة أمثال لدعم عمليات الإنقاذ البحري المشترك في أعقاب المأساة البحرية التي راح ضحيتها المئات من المهاجرين في الأسبوع الماضي.
وأضاف إدواردز : “نحن نقدر الضمانات التي تم الإعلان عنها في مؤتمر صحفي لقمة بروكسل وهذا يعني أنها عملية بقدرة وموارد مماثلة لعملية بحرنا” .
كما أشاد  إلى عملية الإنقاذ البحري الإيطالية التي بدأت في عام 2013م وانتهت في العام الماضي.
وتابع قائلاٍ  : “نحن نتطلع إلى العمل بشكل وثيق مع الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء من أجل البناء على بعض التدابير التي تم الإعلان عنها.”

وقد شهد عام 2015م بالفعل عبور 40 ألف شخص إلى إيطاليا واليونان – أولى وثاني أكبر دول الوصول على التوالي. وأفادت المفوضية بأن أعدادا بدأت تتوافد مؤخرا في ضوء تحسن الأحوال الجوية في البحر المتوسط.
وأوضح السيد إدواردز إلى أن معالجة أزمة المهاجرين لم تتوقف بتعزيز عمليات الإنقاذ في البحر لأن ظاهرة عبور المتوسط لا تقتصر على المهاجرين فقط بل تشمل اللاجئين كذلك.
“وبالنسبة للاجئين الفارين من الحرب لا بد أن يكون هناك بديل لعبور البحر المتوسط في قوارب المهربين. نحن نعلم أنه من دون قنوات بديلة واقعية وملموسة للوصول إلى بر الأمان فإن تكثيف الجهود الدولية للقضاء على المهربين والمتاجرين قد لا تكون فعالة.”
وكانت المفوضية قد دعت منذ فترة طويلة إلى استجابة شاملة وعاجلة من الاتحاد الأوروبي وشاركت بمقترحات محددة بما في ذلك إنشاء مخطط محتمل لتعويض شركات النقل البحري المشاركة في عمليات الإنقاذ البحرية وزيادة البدائل القانونية ذات المصداقية للرحلات الخطيرة ووضع برنامج نموذجي لإعادة توطين اللاجئين السوريين الذين يصلون إلى إيطاليا واليونان.
وفي ظل هذه الخلفية أعربت ماريا غراتسيا جيامارينارو مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالاتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال وفرانسوا كريبو مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان للمهاجرين عن قلقهما من أن استجابة الاتحاد الأوروبي ركزت “بأغلبية ساحقة” على تأمين الحدود وزيادة “قمع هجرة الأشخاص الساعين إلى السلامة أجل البقاء على قيد الحياة.”
وقالا في بيان لهما اليوم “إن قرار تعزيز قدرة بلدان العبور لوقف الهجرة غير الشرعية على أراضيها دون تقديم حلول طويلة الأجل ودون توفير ضمانات كافية لحقوق الإنسان تفاقم الإساءة للمهاجرين”.

قد يعجبك ايضا