كان واقفاٍ أمام محله في شارع القيادة يتأمل الظلام والضجيج المحيط به منهمكاٍ في تفكير عميق في كيفية تدبير مصاريف اليوم التالي وتكاد تشعر بالأسى الشديد الذي يعتريه كما قال لنا بسبب الانطفاءات المتواصلة للكهرباء والخسائر الباهظة التي يتعرض لها جراء ذلك.
لا يستطيع أن يصف عامر الأسودي -عامل في مجال الخياطة حالته النفسية السيئة عند انطفاء الكهرباء لأنها حالة تفوق الوصف لأن البدائل الأخرى لم تعد متاحة بسبب أزمة المشتقات النفطية.
هذه هي الحالة السائدة في المجتمع اليمني الذي يتعرض لقصف واعتداءات ألحقت أضراراٍ متعددة بوضعه المعيشي وكذا جراء الانقطاعات المتواصلة للكهرباء واستمرار انقطاعها لأوقات طويلة لأغلب فترات اليوم مما جعل حياة المواطن اليمني في جحيم نفسي وعصبي دائم ألقى بآثار قاتمة على الوضعية العامة للناس اجتماعياٍ واقتصادياٍ ونفسياٍ وأصاب مختلف الأعمال بالشلل التام.
طبقاٍ لخبراء فإن الكهرباء وأغلب الخدمات مرتبطة بحياة الناس بشكل مباشر وخصوصاٍ الكهرباء التي عند انقطاعها المفاجئ ولأوقات طويلة تصيب بشكل مباشر الوضع المعيشي للمواطن وتلحق أضراراٍ بالغة بأنشطة الأعمال والمهن المتعددة التي تعتبر المصدر الرزق اليومي الوحيد لشريحة واسعة في المجتمع.
ويستعد عبدالكريم منصور صاحب محل نجارة كما يقول لـ الثورة” إلى غلق محله لأنه لم يعد باستطاعته الاستمرار لأن الكهرباء بالنسبة لهم مرتكز أساسي لعملهم واستمرارهم.
ويضيف بأن خسارته على مدى عشرين يوما فقط تتجاوز الـ 500 ألف ريال صرفها في ملاحقة البنزين والمشتقات النفطية وشرائها بأسعار خيالية في السوق السوداء لكنها لم تعد متاحة واستمرار هذه المعاناة والحصار الجائر الذي تتعرض له اليمن وأثره على معيشة المواطنين.
بدائل
تكتظ محلات الإلكترونيات بالمواطنين الباحثين عن الحلول البديلة للطاقة وأهمها الألواح الشمسية التي تشهد إقبالاٍ لافتاٍ على شرائها لانعدام أي خيارات أخرى وليس هناك من بديل غيرها لسهولة استخدامها وعدم الحاجة للمشتقات النفطية لتشغيلها.
ويقول أحد المواطنين والذي وجدناه في أحد هذه المحلات انه اضطر للاقتراض لشراء هذه الألواح الشمسية والتي كلفته ما يقرب من 100 ألف ريال .
ويشير إلى عدم القدرة على تحمل انقطاع الكهرباء المتواصل منذ قرابة شهر وليس هناك من خيار أمامه لاستمرار العمل في محله التجاري سوى اللجوء لهذه الألواح التي تفي بالغرض وتساعد مؤقتا المواطنين على الاستمرار في أعمالهم.
وتعد الكهرباء إحدى أهم الأزمات التي يعيشها المواطن اليمني خلال الفترة الراهنة وألحقت أضراراٍ بالغة بالحياة المعيشية للمواطنين مع توقف تام لحركة الأعمال وتوقف العديد من المشاريع والأنشطة المختلفة ويشكو المواطنون بمرارة من الفوضى التي تعيشها الأسواق والارتفاعات المتواصلة للأسعار واختفاء بعض المواد الغذائية والاستهلاكية الضرورية والمعاناة اليومية في البحث عن البترول والديزل وزيادة الإنفاق على العديد من المتطلبات الضرورية كتوفير المياه والأهم شراء وسائل الإضاءة البديلة ومن أهمها الشموع.
وتتجسد المعاناة بشكل أكبر في انطفاءات الكهرباء لساعات طويلة وما تخلفه من خسائر متعددة في الحياة المعيشية اليومية والممتلكات والأعمال والأشغال والمهن. وترزح العاصمة صنعاء ومختلف المدن الرئيسية منذ فترة تحت الظلام الأمر الذي أدى إلى زيادة الأعباء المعيشية على المواطنين جراء هذه الوضعية الصعبة.
ارتباط
بحسب أستاذ إدارة الأعمال بجامعة صنعاء الدكتور مطهر السماوي فإن الكهرباء مرتبطة بحياة الناس بشكل مباشر وانقطاعها لأوقات طويلة له العديد من الأضرار على المستوى الاقتصادي والمعيشي .
ويقول: إن 90% من الأعمال الصغيرة والأنشطة والمهن المتعددة تعتمد على الكهرباء فهي عصب الحياة بالنسبة لهذه الأعمال أو للحالة المعيشية للناس.
ويضيف: تخيل ردة فعل عامل في مشغل خدمي أو معمل خياطة مندمج في عمله ومطالب بالتزامات إنتاجية يومية مرتبطة بحياته المعيشة وبقوته اليومي أو طالب يراجع دروسه أو أعمالا منزلية طارئة تحتاج للكهرباء ولهذا حياة الناس مرتبطة بالكهرباء.
ويوضح أن هذه أمثلة بسيطة توضح ردة الأفعال التي تحدث ونتائجها وانعكاساتها المتعددة بأزمات داخلية تؤثر على صحة الناس وطريقة حياتهم ومعيشتهم وتعاملاتهم وإنتاجياتهم.
آثار
يشير الدكتور السماوي إلى أن الكهرباء مرتبطة بحياة الناس ولها آثار خطيرة مدمرة يجب التنبه لها والتعامل معها بجدية لأن استمرار هذا الوضع وانقطاعها لأوقات متواصلة لأغلب ساعات اليوم يخلق بيئة اجتماعية مشلولة وخاملة ومتوترة.
ويضيف: إن الكهرباء ألقت بظلال قاتمة على حياة المواطن اليمني وحدت من قدراته الإنتاجية والمعيشية وأثرت بشكل كبير على القدرات البشرية للناس من شتى النواحي.
وأصبحت الأعمال بحسب الدكتور السماوي مهددة بالتوقف وبعضها قد توقفت جراء توقف الكهرباء وأصبح المواطن اليمني في وضع لا يحسد عليه بسبب هذه المعضلة التي يعاني منها وشلت قدراته الحياتية والإنتاجية والاجتماعية والمعيشية وحتى الحلول البديلة أضافت أعباء واسعة معيشية ونفسية نتيجة الضجيج المستمر عند تشغيل المولدات الكهربائية التي لا يكاد يخلو منها منزل حيث أن ساعات الانقطاع الطويلة تسبب العديد من الأضرار والتلفيات تعود بانعكاسات سلبية على الصعيد النفسي والاجتماعي حيث أن التوتر والنزاعات أصبحت ظاهرة مصاحبة لانقطاع الكهرباء وانعدام المشتقات النفطية.