تحالف ” الاخوان” و”القاعدة” في مشروع الفرع اليمني لــ “داعش”.. الخبايا والجذور “4-4”

> التداعيات الخطيرة في الحرب التي شنها هادي على قوات الأمن الخاصة واتهامها بالعمالة للرئيس السابق وجماعة الحوثيين قادت هادي مرة أخرى إلى الهرب من عدن إلى الرياض

يمكن تتبع مؤشرات كثيرة لفهم إصرار مطابخ صناعة الإرهاب والقيادة الرئيسية للتنظيم الدولي للإخوان على أن تكون حضرموت منطلقا لمشروع الدواعش أبرزها النفوذ الضارب لبقايا الذراع العسكرية لتنظيم الإخوان (حزب الإصلاح في هذه المحافظة والتي شهدت في عهد هؤلاء عمليات إرهابية كبيرة لمسلحي التنظيم وسيطرة وظهور علني للإرهابيين في بعض المدن كما حصل في العملية التي سيطر فيها المسلحون على مدينة غيل با وزير وعملية إعدام الــ 14 جنديا رميا بالرصاص وذبحا بالسكاكين وأخيراٍ عملية تسليم معسكرات الجيش في مدينة المكلا للدواعش التي صارت تسيطر على مساحة هائه وشريط ساحلي لا تملكه أكثر الدول الخليجية.
القرارات الرئاسية التي أفضت إلى تغيير قيادة المنطقة العسكرية الأولى ساهمت كثيراٍ في الحد من  الظهور العلني لمسلحي التنظيم الإرهابي الذين كانوا يظهرون ويسرحون ويمرحون في مناطق عدة في صورة إثارة انتباه كثير من المراقبين.
حافظ الإخوان على نفوذهم العسكري في محافظة حضرموت وبذلوا محاولات كثيرة بينها الاغتيال من اجل توسيعه واستمراره.
ومحاولات الاغتيال الفاشلة والكثيرة التي استهدفت قائد المنطقة العسكرية الأولى اللواء عبد الرحمن الحليلي في مدينة سيئون لا يمكن وضعها في خانة الهجمات الإرهابية الاعتيادية لـ “القاعدة” بل وراءها ما وراءها بعدما صار هذا القائد الوطني منذ منتصف العام 2013م الجدار الكابح لمشروع الدوحة القديم في تأسيس الفرع اليمني لتنظيم “داعش” .
واستمرت محاولات الاغتيال التي تستهدف اللواء الحليلي إلى العام 2015م والذي استقبله سكان حضرموت بعمليتي اغتيال فاشلتين استهدفت تصفية اللواء الحليلي الذي كبح كل مخططات تنظيم الإخوان في الاستحواذ على كامل ارض حضرموت طوال الثلاثة الأعوام الماضية.
كذلك استمرت محاولات التنظيم السيطرة على مدن في حضرموت كما حصل في مايو 2013م عندما سيطر مسلحو التنظيم على مدينتي غيل باوزير والشحر واعترفت وزارة الداخلية يومها بهذا المخطط وأقرت باستيلاء مسلحي التنظيم على المنطقتين لإعلانها إمارة إسلامية وتوعدت بأن تلاقي جماعة أنصار الشريعة المصير نفسه الذي لاقته في محافظة أبين.
لم تفعل حكومة باسندوه شيئا حيال هذا التهديد الخطير وشاء القدر أن يجهض هذا المشروع سريعا   بعد إعلان الرئيس الاميركي باراك اوباما إطاراٍ جديداٍ لضربات الطائرات الأميركية بدون طيار على أهداف القاعدة في اليمن.

هل أدى موقف واشنطن إلى كبح المشروع القطري ¿
قطعا لا .. فمحاولات التنظيم خمدت قليلا نتيجة التداعيات المتسارعة في اليمن والتي فاجأت العالم بعدما تمكنت حركة الاحتجاجات التي قادها الحوثيون إلى الإطاحة بحكومة باسندوه ثم التوقيع على اتفاق السلم والشراكة الذي صحح الكثير من اختلالات التسوية وأطاح بالوصاية الخارجية.
تناقص نفوذ الأخوان في الدولة والحكومة شكل تهديدا حقيقيا لمستقبل تنظيم القاعدة ومشروع داعش الذي ترعاه الدوحة وكذلك اسطنبول التي دخلت على خط الأزمة بعد انهيار نفوذ دولة الإخوان.
بالمقابل أدى تصاعد نفوذ جماعة أنصار الله وحضورهم الكبير على المشهد السياسي إلى إشاعة مخاوف لدى واشنطن التي عاودت من جديد التنسيق مع وكلائها السعودية وقطر واسطنبول للبحث عن صيغة أكثر فعالية لوقف هذا الحضور خصوصا بعدما فكك اتفاق السلم والشراكة سلطة الوصاية الخارجية على القرار والتي كانت تفعل فعلها في أي تشكيل للحكومة.
لم تكن كل السيناريوهات التي قدمت لمواجهة ما سمي ” تمدد الحوثيين” ملائمة سوى سيناريو واحد تصدر المشهد وحظى بقبول من سائر الأطراف الإقليميين وهذا السيناريو كان العودة إلى إحياء مشروع الفرع اليمني لـ”داعش”.
التداعيات السياسية التي أفضت إلى هروب المخلوع هادي من صنعاء إلى عدن بعد تقديم استقالته وشروعه بنقل العاصمة إلى محافظة عدن مؤقتا وما آلت اليه تحركات الأطراف الإقليميين الواقعين تحت النفوذ الأميركي وكذلك بعض الإطراف الأوروبيين باقفال سفاراتهم في صنعاء ثم نقلها إلى عدن وإعلانهم رفض الإعلان الدستوري للحوثيين والتمسك بما سموه الشرعية كلها أدت إلى تعقيدات كبيرة وسريعة للأزمة اليمنية أحيت من جديد مشروع الفرع اليمني لـ “داعش”.
خضوع هادي المستمر للوصاية لخارجية تارة ونفوذ الإخوان طورا قاده إلى ارتكاب حماقات كبيرة مع الحوثيين انتهت بتقديم استقالته إلى مجلس النواب واعتكافه شهرا قبل أن ترتب له المخابرات الدولية خطة للهرب إلى عدن حيث ارتكب حماقات كبيرة بان طرد قوات الجيش النظامي من قوات الحماية الرئاسية وركن بإجراءات حمايته على اللجان الشعبية التي يقودها شقيقه اللواء ناصر منصور هادي وزاد منها عندما سلم معسكرات الجيش للجان الشعبية ودخل في صراع مع قيادة قوات الأمن الخاص بتهمة ولائها للرئيس  السابق علي عبدالله صالح.
فقد هادي بهذه الخطوات نفوذه العسكري بوصفه القائد الأعلى على قوات الجيش ليس في عدن وحدها بل في أكثر المحافظات وخصوصا بعد اتهامه بالتواطؤ في جريمة قتل 29 جنديا برصاص نفذها مسلحو الدواعش في محافظة  لحج بعد مهاجمة مواقع عسكرية هناك.
التداعيات الخطيرة في الحرب التي شنها هادي على قوات الأمن الخاصة واتهامها بالعمالة للرئيس السابق وجماعة الحوثيين قادت هادي مرة أخرى إلى الهرب من عدن إلى الرياض .. وانتقلت إلى طور خطير للغاية بدعوته عبر الأمم المتحدة وكذلك في قمة شرم الشيخ المصرية دول الخليج إلى التدخل لإعادة السلطة الشرعية ومواجهة تحالف الحوثيين وصالح لتغرق اليمن بعدها في دوامة الحرب وكان طرفيها قوات الجيش مسنودة باللجان الشعبية الجنوبية التي سلحها هادي من مستودعات الجيش قبل أن تضاف إليها قوات تحالف قادته السعودية مؤلف من 10 دول باشرت في شن مئات الغارات الجوية على معسكرات الجيش اليمني والأحياء السكنية والمدن وخلفت مئات القتلى والجرحى.
الفرع اليمني لـ “داعش”
في ظل الاضطرابات التي خلفتها حماقات هادي منذ فراره إلى عدن أعلن الفرع اليمني لـ” داعش” عن نفسه بسلسة هجمات وإعدامات طاولت الجنود في محافظة لحج وعدن لكن تدخل قوات ا لجيش مسنودة باللجان الشعبية عملت على انحسار حضوره في أكثر المحافظات الجنوبية سوى في محافظة حضرموت حيث أعلن عن نفسه من جديد بالسيطرة على مدينة المكلا بعدما حشد الآلاف من مسلحيه وشن هجمات محدودة على معسكرات الجيش وسيطر عليها بعتادها قبل أن يفرض سيطرة
لم يكن اختيار مصانع الإرهاب الدولي الذي اشتركت فيه الدوحة والرياض لمدينة المكلا منطلقا لمشروع دولة “داعش” القديم الجديد جزافيا.
فالقيادة القطرية للتنظيم الدولي للإخوان كانت تخطط منذ سنوات لأن تكون حضرموت مقرا للفرع اليمني لـ”داعش” وبذلت لذلك محاولات عدة خلال العامين الأخيرين مستخدمة نفوذها الواسع على كثير من الجماعات المتشددة التي تتصدرها جماعة أنصار الشريعة وتنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب وكذلك نفوذها الكبير على جماعة الإخوان المسلمين في اليمنغير أن مخططها فشل فحصرت هذه المرة مشروعها في مدينة المكلا.
الكثير من المؤشرات تؤكد أن مشروع الجماعات المتشددة  التي حشدت لها مطابخ صناعة الإرهاب من اليمن ودول عربية وأجنبية عدة والأذرع الجهادية والعسكرية التابعة لجماعة الإخوان في المكلا في إطار دولة ” داعش” لن يكون مثل السيناريوهات التي شهدها اليمن في سنوات سابقة فدول الجوار الإقليمي ومن ورائها دول الاستكبار العالمي تريد هذه المرة أن تجر اليمن إلى حرب طويلة الأمد مع الإرهاب تحاكي إلى حد كبير السيناريو السوري والعراقي بديلا للوصاية التي كانت تفرضها علي اليمن بل أن المواقف والاحدات الأخيرة كشفت نيات هذه القوى في تحول اليمن إلى جغرافيا تعصف بها الحروب.
لماذا مدينة المكلا ¿
تم اختيار هذه المدينة بعناية شديدة خصوصا وهي تتميز بمساحة كبيرة تعادل مساحة أربع دول خليجية كما أنها تعتبر كل ساحل حضرموت وتمتاز بشريط بحري بطول 450 كيلو مترا وهذا الشريط يعتبر من أهم المنافذ الاستراتيجية البحرية لليمن ومن أغنى مناطق اليمن بالثروة السمكية .
مسلحي ” داعش” في المكلا يسيطرون اليوم على كل هذه المساحة وكل هذا الساحل ويتحركون بحرية على عمق جغرافي بري يصل إلى حدود السعودية وعْمان.
ما ينبغي الإشارة إليه أن سيطرة الدواعش على المكلا بين عشية وضحاها لم تكن مجرد عملية إرهابية بل سيناريو مخابراتي تجيده فقط المخابرات الصهيونية والأميركية وهو يْقدم كنموذج للدور المخابراتي الإقليمي الذي يْعربد في بلادنا بلا هوادة معتمدا على نفوذه في الداخل من قوى العمالة التي تمارس السياسة فقط لاختلاق الأزمات وتعقيدها تماما كما حصل في مسيرة الحوار الوطني ومحطات التسوية وصولا إلى الحرب العدوانية الغاشمة على بلادنا.
هذا السيناريو صار معروفا في كثير من دول العالم التي تعاني من الإرهاب الذي تصدره عصابة الإخوان في الدوحة ومملكة الإرهاب السعودية فشبكة صغيرة من العملاء في السلطة المحلية وبقايا مراكز نفوذ دولة الإخوان وجيش هائل من اللاجئين الصوماليين يتجاوز عددهم الــ 150 ألف نسمه وشريحة من التجار المقيمين في السعودية حولت هذه المدينة الاستراتيجية في لمح البصر مدينة المكلا إلى قلعة جديدة لتنظيم “داعش”.
هؤلاء هم من سلموا للدواعش المواقع العسكرية المرابطة في المكلا والمكلفة بحماية المدينة ومنشآت النفط فسيطروا في ساعات على كل المرافق الحكومية والمعسكرات بعتادها المتوسط بما في ذلك مقر قيادة المنطقة العسكرية الثالثة وميناء المكلا وكذلك قاعدة الدفاع الساحلي ومراكز الإسناد المعلوماتي والاستخباراتي التابعة للجيش والأمن ومقر الأمن القومي.
ولدى تنظيم “داعش” بنسخته اليمنية اليوم مساحة شاسعة وشريط ساحلي طويل ومدن متداخلة ومنبسطة تسهل الدعم البحري والجوي ولديهم كذلك ميناء المكلا ومطار الريان وأكثر من ذلك منفذ بري يجري حاليا الإعداد للسيطرة عليه من جانب سلطات العدوان الغاشم ليكون الطريق السهلة لهروب وتنقل الإرهابيين وإرسال التعزيزات والمقاتلين من الأراضي السعودية.

قد يعجبك ايضا