قلبي بين جنبي:
انتبه انت تدخل ديوانا ملغما بالمختلف والمؤتلف!!
***
الديوان الشعري الأول للشاعر والباحث علي احمد بارجاء والذي يحمل عنوان “رواء” (102) صفحة صادر عن دار عبادي واتحاد الادباء عام 2004م يقدم الحياة على طبق متعرج ..في سؤال يتنطع بين الجنبات عن العلاقة بين التعرجات والشعر!
انتظروا:
فلقد نبهتكم في السابق بأنه –أي الديوان- المختلف والمؤتلف واللغم هنا رمزي أكثر منه دلالي…فهذه الكلمة التي تحمل دلالة الموت تحمل في الديوان دلالة الحياة..كعادة الشاعر في خلق النقيض من النقيض..اما كيف يحمله فهو ينتج الحياة من خلال الموت..يلغم العقل بكم من المعارف المقدمة على طبق شعري متعرج واقصد هنا بالمتعرج القصيدة النثرية والتفعيلة وغيرها والتي استولت على نصوص الديوان.
اصطدام بالصخور:
تضمن الديوان 28 قصيدة قارئها كما الراكب قاربا يمخر عباب الديوان في متعرجات ومطبات بحرية توحي له مرة بأنه سينتهي غارقا لكن لغة الامل والمسيطرة على نهايات كل قصيدة تعيده الى الشاطئ ..سفينة القارئ بحسب الرؤية التي اراد علي بارجاء إيصالها من خلال قصائده ستصل للشاطئ رغم كل التعرجات من ان تصطدم بالصخور.
حديث الماء:
قصيدة “حديث الماء” احدي قصائد الديوان ..انبهار ..دهشة ..أنا عليا..أنا سفلى..تداخل ..متاهة ذاتية..جنوح نحو التصوف..خروج من كل هذا وذاك الى الاعلان عن عدم الاستطاعة عن الامتناع ..الأنا بارزة ..”انا الماء..اهبط..اهبط..لا اعشق الارتقاء صـ14″
ولكن تلك الأنا تنسحب لصالح الحقيقة التي تطغى على كل(أنا) بقوة “وتمسخني الشمس..تحملني ..لا هوية املكها صـ15”
تلك الأنا التي ترجلت درجة تحت سطوة (قوة الخارج) ترجلت مرة اخرى درجة ثانية في ادانة للقارئ ذاته بان أناه انما هي مجرد دلالة الى شيء يعجز القارئ نفسه عن تحمله!
صبح جميل:
الصبح جميل..عنوان كلاسيكي لكن المضمون يخالف الكلاسيكي..”ابني /نم الان/واحلم بصبح جميل/الفراشة التي كنت ترسمها/قد اوى للفراش/والأغاني التي كنت اسمعها منك عند الغروب شربتها الثقوب/والطيور التي غردت حين داعبتها /ستزورك هذا المساء/فنما الان /واحلم بصبح جميل/ لم تزل طاهر يا بني كالفراش الذي كنت ترسمه صـ50″
وفي نهاية القصيدة يفاجئك بلغة الامل التي تبرز رغم كل مرارات البداية “لا أغني لا أحب هديل الحمام/أنت لم تزل طاهرا يا بني /فنم الان وأحلم بصبح جميل 51”
المنكور سلفا:
الشاعر لم يرهن شعره لدى القضايا الاجتماعية فقط بل اتك برصيد لغوي قوي وانطلق لاجتراح السياسي والسياسي في خطاب بارجاء الشعري رجل يجلس خلف مكتب يقرر في جرة قلم مصير أمة ..”المنكور سلفا/ رجل لا يفقه شيئا/ لكنه يرغب ان يكون/ برفق خطابي هذا/ابعثه اليكم /ستعرفونه بالنظر الى ادعائه /فهو لن ينحني عند القاء التحية /بالنظر الى ما سيكون /المنكور سلفا/لا يضع في جيبه قلما/لا ادري سببا لذلك/ولا يلطخ شفتيه بشيء…..الى ان يقول (تناول الخطاب من يدي / واغلق باب مكتبي / وكل ما اتي خطابي من قوة /في طريقه الى ما سيكون صـ99″
بارجاء لا يريد ايقاف القارئ عن بحثه الدائم عن سؤال الكون ..الوجود..الحياة..لكنه يخبره بالحقيقة القائلة بان عليه ان لا يعجز ..يسير ملغما بالمختلف والمؤتلف لبناء ذاته وإعادة تصحيح مسارها..اعتمادا على واقعه..ذلك الواقع الذي يحتاج لجهده كي يصححه من الداخل!
اخيرا:
منذ عشر سنوات مرت -أي منذ اصداره للديوان- وثمة دواوين شعرية لبارجاء موضوعة تحت الطبع منها اشرعة الروح والذين احبهم كما هو واضح في الغلاف الاخير للديوان..ولكن تلك الدواوين لم تطبع حتى اللحظة .
لقد توقف النبض الشعري لبارجاء لحساب الاشتغال الاكاديمي والصحفي لكن باب الشعر الذي لم يغلقه بارجاء بشكل كامل مازال مواربا فقط ثمة منفذ يكشف وبعلانية بان تلك الدواوين اما مخطوطة أو جاهزة للطبع ولا تتطلب سوى دفعها للمطبعة حتى تعود روح الشاعر الى بارجاء.
قد يعجبك ايضا