مدينة السلام تتحول إلى ورشة عمل كبرى في مختلف مجالات الحياة (الحلقة الأولى)

■ في صعدة.. الأمن والاستقرار والسكينة والخضرة عنوان بارز للمحافظة

محافظة صعدة التي دمرت ستة حروب فيها معظم بنيتها التحتية تنهض مجدداٍ من بين ركام الدمار والأنقاض لتعيد شيئاٍ ملموساٍ من تاريخها المجيد ومن حضارتها الإنسانية الضاربة في أعماق القدم بعد أن كانا (التاريخ والحضارة) على وشك الانقراض جراء عداء واستهداف البعض لكل إرث حضاري يجسد عظمة الإنسان اليمني ومقدرته على تطويع الشجر والحجر والرمال والتراب لإرادته الحرة ليشيد منها القلاع والحصون والجوامع والبيوت والطرقات والمدرجات الزراعية التي تسر الناظرين وتنقلهم – فكراٍ وروحاٍ – إلى مراحل عدة من مراحل التكوين البديع للحضارة اليمنية.

البداية 
 كانت  بداية انطلاق الوفد الصحفي والإعلامي الذي يضم نحو (250) صحفياٍ وإعلامياٍ يمثلون معظم الوسائل الإعلامية المحلية باتجاه مدينة السلام من أمام مبنى التلفزيون بالعاصمة صنعاء في تمام الساعة العاشرة من صباح الخميس الماضي. وبعد ما يقارب الست ساعات كان جميع أعضاء الوفد في حضرة صعدة المدينة التي تحولت إلى ورشة عمل كبير في مختلف مجالات الحياة وهناك أقام المنضمون للزيارة (اللجنة الإعلامية لحركة أنصار الله) مأدبة غداء باذخة للوفد الصحفي والإعلامي أعقبها زيارة إلى منطقة كتاف الحدودية مع المملكة العربية السعودية لحضور مناورات عسكرية أجرتها قوات من الجيش بمشاركة اللجان الشعبية بالذخيرة الحية لمختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة  إلا أنه ولسوء حظنا لم نلحق تلك المناورات فعوضنا عن ذلك بمشاهدة حجم القوة المادية والبشرية المشاركة في مناورة “الفجر الجديد” التي مرت من أمامنا على مقربة من حدود بلادنا مع السعودية فحييناها ورؤوسنا تكاد تبلغ عنان السماء فخراٍ واعتزازاٍ بأبطال القوات المسلحة واللجان الشعبية.
تميز
ونحن في محراب صعدة الحضارة والتاريخ والوسطية والاعتدال لفت انتباهنا تميز المحافظة عن كثير من محافظات الجمهورية في استتباب الأمن والاستقرار والسكينة وعدم انطفاء الكهرباء طيلة الفترة التي قضيناها فيها (12-14 مارس الجاري) وبتميزها في الترحيب والحفاوة بالضيوف القادمين إليها وبإيثارهم على أبناء محافظة صعدة.. كما لفت انتباهنا حجم الخسارة الباهضة التي تكبدتها صعدة جراء الحروب الستة التي اندلعت فيها خلال الفترة من 2004- 2010م ومن هذه الخسائر على سبيل المثال لا الحصر تقديم منطقة الحمزات القريبة من مدينة صعدة القديمة (124) شهيداٍ وشهيدة في حروب صعدة الستة وكذا تميزها بالخضرة وبتنوع محاصيلها الزراعية.
حروب بنتيجتين
إن المتأمل المنصف لما آلت إليه الأوضاع قبل عام 2011م في محافظة صعدة وأجزاء كبيرة من محافظات الجوف وحجة وعمران والحديدة جراء ما يطلق عليها “حروب صعدة ” يجد أن البنية التحتية قد دمرت بشكل شبه كلي في تلك المحافظة والمناطق بما فيها منازل الكثير من المواطنين والجوامع والمدارس وفي المقابل يجد أن ما جرى مؤخراٍ في عمران وصنعاء وذمار هي حرب خاطفة لم ينتج عنها أي دمار في البنية التحتية في تلك المحافظات وغيرها من المحافظات التي سيطرت عليها اللجان الشعبية التابعة لحركة “أنصار الله”.
أقول هذا ليس لأنني مع أو ضد حركة “أنصار الله” وإنما بناءٍ على الحقيقة التي شاهدتها بأم عيني حتى وإن كنت اختلف مع الحركة في كثير مما يقوم به بعض المنتمين لها كون الاختلاف لا يفسد للود قضية بين اليمنيين ولا بينهم وغيرهم من شعوب العالم, ولا يؤدي بالمطلق إلى الاستغلال الدنيء والفجور وإطلاق التهم جزافاٍ .. فالحقيقة (سلباٍ وإيجاباٍ) يجب أن تقال وإن كره المتطرفون ومن في نفوسهم مرض.
إحياء المذهب الزيدي
إن إحياء المذهب الزيدي المعروف باعتداله ووسطيته يعد ضرورة وطنية ودينية وإنسانية وواجباٍ مقدساٍ في سبيل الانتصار للفكر السوي والقويم,  والحق المبين ولعلماء الأمة اليمنية الذين نشروا الدين الإسلامي في أرجاء المعمورة وجعلوا أفئدة من الناس تأوي إليهم وإلى حيث يتواجدون وإلى المدن اليمنية التي كانت منارة للعلم والعلماء ومراكز رئيسية لمختلف العلوم الدينية والمجالات الإبداعية ينهل منها شعوب العالم  العربي والإسلامي وغيرهم من شعوب العالم الفكر والأدب والعلوم التي تهدي إلى الرشد وتدفع باتجاه تعزيز الروابط الإُنسانية بين الشعوب والأمم وإلى بلوغ المجد والعزة والتقدم والرفعة والشموخº ومن هذا المنطق نستطيع أن نقول بل ونؤكد بأن ما يجري في محافظة صعدة على وجه التحديد هو مجرد إحياء للمذهب الزيدي الذي يعد واحداٍ من أعرق المذاهب الإسلامية وليس تمرداٍ على النظام والقانون أو استهدافاٍ للنظام الجمهوري وللوحدة اليمنية المباركة أو ترويجاٍ للمذهب الاثنى عشري الشيعي كما يقول الأفاكون المغرضون والمروجون للمذهبية والمناطقية والعنصرية.
كما أن إحياء المذهب الزيدي يعد إحياءٍ للمذهب الشافعي كونهما يعدان رديفين ومكملين لبعضهما بعضاٍ وبهما يتكون جناحا اليمني لتنهض من سباتها الذي دام ردحاٍ من الزمن بسبب عوامل خارجية وأخرى داخلية تْسير من الخارج..
 تصوير/مازن رشاد

 

https://www.althawranews.net/pdf/2015/03/18/13.pdf

قد يعجبك ايضا