يشكل الاقتصاد المنزلي الحل الأمثل لتنظيم سياسة دخل وصرفيات الأسرة ويكمن خلالها سبل التنظيم والتطوير والاتزان في الاستهلاك الرشيد بتحديد الاحتياجات الأساسية للأسرة من مواد غذائية وملبس ومصنوعات ومنسوجات يدوية وطرق الادارة المنزلية والتوجيه التربوي الاقتصادي للأبناء في مضمار الاستهلاك الرشيد .. وبين ظروف الواقع ومتطلبات الحياة أشجان وآمال يبينها الاستطلاع التالي :
ننطلق من أول الشهر
كانت وجهتنا الأولى إلى مركز سيتي مارت التجاري وتجولنا في المركز بكل أجنحته وأقسامه من المواد الغذائية والالكترونية والحلويات ومواد التنظيف والتجميل والمنسوجات اليدوية وكل المستلزمات المنزلية التقينا بعدد من ربات البيوت المقبلات على التسوق بالمركز وكانت أولاهن أم محمد السباعي حيث قالت : نأتي باستمرار في بداية كل شهر ومع نهايته لنشتري احتياجاتنا الدائمة للمواد المنزلية الأساسية والتي في مقدمتها المواد الغذائية كالأرز والدقيق والسمن والزيت والبقوليات وذلك عندما يستلم زوجي مرتبه الشهري الذي نقسمه ما بين المستلزمات وإيجار المنزل ومصاريف الأولاد وما إن يأتي منتصف الشهر إلا وقد أكملنا ما في جيوبنا ولم يتبق سوى ما تمكنا اليوم من شرائه !!
كل ما نحتاجه ..
وأما مريم الريمي – ربة منزل – فقد سحبت السوق خلفها لاقتنائها مختلف مصاريف واحتياجات البيت الضرورية والفرعية مبينة : طبعا نحن نتسوق في الشهر مرة نقتني من خلالها مختلف الاحتياجات المنزلية والخاصة لأن زوجي تاجر في المملكة العربية السعودية ولهذا فدخلنا لم يتأثر بالأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد – والحمد لله – بالإضافة إلى أنه كلما زدنا في الشراء حزنا على تخفيضات أكثر وهذا هو حال مختلف المراكز التجارية ومن تلك الاحتياجات الحبوب والدقيق والسكر والأرز ومن ثم نأخذ بالجملة مواد الغسيل والتنظيف وبعد ذلك نتوجه إلى ركن مكونات الحلوى مثل الكريمة بأنواعها والكاكاو وجوز الهند والمكسرات ومشتقات الألبان وبعد ذلك نتوجه إلى ركن بيع مواد التجميل حيث يتم الإقبال بشكل كبير على كريمات واقي الشمس بمختلف أنواعها وتركيباتها المتنوعة خاصة من قبل الفتيات وتأخذ التركيبة الفرنسية اهتمام الأغلب من النساء ولهذا إذا تأخرنا عن شرائها إلى منتصف الشهر فقد لا نجدها إلا بعد فترة وما يصحب ذلك من كريم الأساس والروج وفرشاة الخدود والمسكرة والكريمات المرطبة .
وأضافت مريم : وبما أن أبنائي يدرسون في الصفوف الأولى فأنا أعتني بتغذيتهم والاهتمام بصحتهم خاصة وأنهم في طور النمو فأشتري كراتين من العصائر والأجبان وأطباق البيض وأحرص على شراء بعض الألعاب المناسبة لعمرهم وميولهم بعيدا عن تلك الألعاب الخطيرة والمؤذية.
من أين يا حسرة !!
أما الحجة نجاة صفوان – 55 عاما ـ وجدناها وهي تقلب المعلبات ولكن لم تقتن منها شيئا فسألناها عن سبب ذلك فأجابت: ومن أين لي نقود يا حسرة فظروفي صعبة سواء في بداية الشهر أو نهاية الشهر لأنه لا يوجد لنا معيل بعد وفاة ابني العائل الوحيد لأسرتنا وليس معنا أحد موظفاٍ فخلفتي كلها بنات بعد فقدانه – رحمه الله – وأنا من أعتني بهن من خلال ما أخيطه وأحيكه من بعض المطرزات المنزلية كالسجاد وأحزمة الجنابي وبعض المنقوشات المزينة بمختلف النقوش الخاصة بالزينة في أماكن استقبال الضيوف.
مبينة : فأنا أقدم إلى هنا لشراء خيوط الحياكة وشراء بعض المنسوجات المنزلية لأصنع كشاكلتها تماما وهذا يساعدني في عملي وتحسين أوضاعنا المعيشية !!
ومن جهته أوضح الأخ سامي محمد معياد – نائب مدير عام سوق شميلة التجاري: أنه مع بداية كل شهر تتدفق معظم الأسر اليمنية إلى الأسواق التجارية بشكل كبير لشراء احتياجاتها المعيشية للمواد الغذائية الأساسية على وجه التحديد والتي تتمثل بصورة أساسية في القمح والزيوت والأرز والسكر ومواد التنظيف على مدار السنة تأخذ هذه المواد أولويتها في المبيعات ولهذا تتنافس الأسواق التجارية في تقديم التخفيضات وإقامة المسابقات والجوائز العينية والمالية المغرية بصورة شهرية لتشجيع الأسر على التسوق وجذبها وتقديم دعاية مجانية مختلفة كمعونة وتقدير للثقة وأما المشتريات الأخرى من مواد عينية وملابس ومواد التزيين والتجميل فتأخذ درجاتها المختلفة بعد ضرورات العيش الأساسية !!
تعلموا منهم
وأما يحيى الحاج – المؤسسة الاقتصادية اليمنية فقد أفادنا بقوله: لعبت الأوضاع التي مرت بها اليمن دورا كبيرا في الاقتصاد المنزلي حيث إن الاوضاع التي مرت قد علمت الناس كيف يتحكمون بالاقتصاد في منازلهم وكيف يدبرون ويوفرون لمختلف الاستهلاكيات المعيشية وللاقتصاد المنزلي دور كبير في الارتقاء بمستوى الأسرة المعيشي فكلما استطاعت الأسرة أن توفر ما تستطيع توفيره للأيام المقبلة كان ذلك افضل لها وتقل نسبة الفقر لديها.
ومضى يقول: كما أن على الأسر أن تعي جيدا معنى الاقتصاد ويكمن ذلك عدم الإسراف بالمواد الغذائية هنا وهناك بل أخذ ما يلزم والاحتفاظ بالباقي وأيضا يجب التدبير فعند استلام الراتب توفر ما يلزم توفيره من المواد الغذائية المختلفة لأن الشراء اليومي يؤدي إلى نزيف مستمر للمال.
قياسات محددة
واسترسل في حديثه قائلا: ولا بد من وضع قياسات محددة داخل المواد مثلا وضع مقياس الملعقة داخل علبة الشاي وكأس داخل علبة السكر حتى يستطيع الشخص أن يأخذ الكمية المناسبة وعلينا أن نأخذ العبرة من إخواننا في الصين حيث يأكلون ولا يرمون شيئا عكس ما هو موجود عندنا حيث تصنع كميات كبيرة من الأغذية المتنوعة والتي لا يؤكل منها إلا القليل بينما يرمى بالكثير منها.
مشيرا إلى أن للاقتصاد في المنزل دوراٍ كبيراٍ في تحسين ظروف الأسرة المعيشية وتخليصها من الفقر وخاصة في ظل المرحلة الحرجة التي نعيشها والذي لا نعلم ما تخبئ لنا الأيام القادمة !!
حسب العادات يتسوقون !
ومن مجمع الذيفاني يفيدنا صاحب المجمع الأخ مطهر الذيفاني: بالطبع نحن نحرص على توفير كل الاحتياجات اللازمة للأسرة اليمنية وتوفيرها بأسعار معقولة ومناسبة لذوي الدخل المحدود وغيرهم وحتى أننا نتابع مختلف الإعلانات التجارية التي تعرضها مختلف القنوات المحلية والعربية لمعرفة أي جديد تأتي به الأسواق لننال الأسبقية في اقتنائه وتوفيره ومع ذلك نجد أن الإقبال بشكل مكثف ورئيسي هي على المواد المندرجة تحت المأكولات الشعبية المتأصلة ضمن العادات والتقاليد وأما الوجبات الخفيفة والدخائل الجديدة لا يوجد إقبال عليها ولهذا قد تنتهي وتظل السنوات رهينة الأدراج والعرض!!
ظروف متفاوتة
وأما التاجر خير الله الدهيش – صاحب مجمع لبيع الحلويات والبهارات – فيقول من جهته: ظروف الأسر متفاوتة وهناك أسر لا تستطيع توفير حتى قوت يومها فقد يقبل علينا رب أسرة يشتري كل شيء بالجملة من البهارات بأنواعها والحلويات والمكسرات وبالمقابل تقبل علينا أسر بالكاد أن توفر حاجياتها بعشرات الريالات ولهذا فنحن نراعي هذا التفاوت ونقسم السلع حسب جودتها وكمياتها لتناسب مختلف الشرائح المجتمعية وخاصة محدودي الدخل أو الأسر الفقيرة ونحرص على التخفيضات الموسمية لتلك الاحتياجات الأساسية للطعام !!
مهربة ومغرية !!
وأما عبدالله غليس – مسئول محل لبيع مواد التجميل والأدوية فقد أوضح: هناك أسر تعجزها ظروفها المادية عن توفير ثمن دواء أو شراء بعض من مواد التجميل والزينة وتتهمنا بالاحتكار والابتزاز ولو نظرنا إلى السوق لوجدنا أن المشكلة تكمن في العراقيل التي يضعها لنا أرباب أسواق الجملة المحتكرين لها وتكون غالية الثمن وليست بالمقابل متوفرة من قبل شركات رسمية ولهذا يلجأون لتهريبها وخاصة أدوية أمراض الضغط والقلب والكوليسترول التي تعاني منها معظم الأسر اليمنية.
مبينا: أن ذلك قد يتم استغلاله للشروع في التجارة غير المشروعة مثل استيراد أدوية مهربة مزورة ومقلدة بأسعار مغرية تضر بالأسر اليمنية وهذه الحال أيضا مع مواد التجميل خاصة من قبل تلك محدودة الدخل والتي قد تستهويها الأسعار المغرية لمواد التجميل المختلفة المهربة والمقلدة والتي تباع على أرصفة الشارع من دون حسيب ولا رقيب !!
وأما عبدالله سنان – أحد العاملين في مركز سيتي مارت التجاري – فقد أوضح أن سياسة الأسعار والتخفيضات والمسابقات والجوائز المغرية والهدايا المجانية التي تعتمدها مختلف المراكز والأسواق التجارية زادت من إقبال الأسر اليمنية إلى عالم التسوق الرشيد والاستهلاك الصحيح.
الانفاق الأسري !
ومن جهتها حددت مرشدة الأسرة إيمان العيني نقاط وأسس الإرشاد الاقتصادي المنزلي ومن ذلك: مخطط ميزانية الأسرة إدارة ميزانية البيت والإنفاق السليم وذلك بكتابة وتدوين إيرادات ودخل رب الأسرة واحتياجاتها اليومية والأسبوعية والشهرية وتحديد أولويات المصروفات من مأكل ومشرب وملبس ودواء ومواصلات وخدمات تعليمية وصحية ومناسبات طارئة أو عارضة من غير تقتير ولا إسراف ومن ثم الاتفاق على توفير مبلغ من المال شهريا كاحتياط لظروف استثنائية أو كمرجع يعتمد لوقت الحاجة وهذا سيربي الأسرة على الترشيد الاستهلاكي والاستثمار الاقتصادي معا للمنزل وتحسين أوضاع المعيشة.
ونوهت العيني بأن سياسة الشراء بالجملة أكثر نفعا وفائدة عن التجزئة وذلك لما فيه من التوفير والتقنين والاتزان المعيشي .