هل سيرجح اليمنيون لغة الحوار على الاقتتال ¿!!

¶زعزعة الاستقرار السياسي  لليمن يهدد أمن العالم نظراٍ لموقعها الاستراتيجي 

لم يكن  المشهد اليمني بمعزل عن المشهد السياسي العربي وخاصة فيما يدور في ليبيا وسوريا من أحداث دامية باغتت أحلام ربيع العرب غير أن  اليمن كانت  هي الأسبق والأوفر حظا  في امتطاء مسار النهج السلمي المتمثل بالحوار الوطني الشامل الذي باركته كل القوي الإقليمية والدولية وجنب اليمن ويلات الصراع المسلح ليبقى السؤال هنا بعد أن تفاقمت الأزمة السياسية من جديد .. هل ستعود الأطراف المتصارعة للحوار ولاستفادة من تجارب وأخطاء دول الربيع العربي الذي رفضته  أم أنها ستسلك نفس المسار¿ إجابة هذا السؤال من وجهة نظر مختصين تجدونها في هذا الاستطلاع :
بدأنا جولتنا الاستطلاعية مع السياسي الدكتور عبد الحافظ نعمان والذي أفاد بأن أحداث أي قطر عربي لا تنفصل بتداعياتها على جيرانها إذ أن استقرار وأمن   المنطقة تربطه القومية العربية المشتركة  ولهذا فإن إسقاط المشهد السياسي العربي على ما سيؤول إليه الوضع في  اليمن ستكون أكثر حرصا وجدية في التعامل مع مختلف الأحداث والقضايا المحورية الشائكة في تجنيب اليمن مواطن الاختلاف والصراع الدموي كما هو حادث في سوريا وليبيا على وجه الخصوص, وما يبثه إلينا المشهد السياسي يجعلنا ندرك أننا بحاجة إلى إصلاحات أكثر من ثورات.
 
مستقبل البلاد
ويتفق معه رئيس المركز العربي السوري الدكتور بسام عاقلة : أن أمن واستقرار سوريا وتونس وليبيا هو استقرار المنطقة برمتها وفي حال تم اعتداء خارجي على أي من تلك البلدان  فإن القومية العربية ستنهار وسنصبح أمام شرق أوسط غير عربي الأمر الذي سيؤثر بشكل كبير على مستقبل اليمن واستقرارها وستصبح أمام تحديات وضغوطات داخلية وخارجية  تمزق وحدتها وتعيق مسار تنميتها وتنتهك فيها السيادة الوطنية .
استنساخ الأحداث
بينما يدعو الدكتور محمد بن موسى العامري رئيس حزب الرشاد اليمني وعضو الحوار الوطني الشامل  إلى عدم استنساخ أحداث الشارع العربي المتأزم الذي افتقد إلى مبادئ حوار قواه السياسية والشعبية وخلد إلى القوة والعنف والتخريب  مقدما مصالحه الحزبية والطائفية على مصالح الوطن العليا.
بطريقة توافقية
ويرى الدكتور نجيب غلاب, رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات, أن الوضع  اليمني متحكم فيه إقليميا ودوليا و أيا كانت التحولات في دول الربيع فإن الحالة اليمنية مرتهنة لوضعها الداخلي ورؤية الشركاء الخارجيين لها .
مبينا أن  الصراع الخارجي على اليمن تأثيره سيكون أقل كلما تمكن الداخل من بناء خياراته بطريقة توافقية وهذا الأمر في ظل التناقضات الداخلية سيجعل تأثير الخارج أقوى مما يفتح الصراع على احتمالات سلبية ونتائج وخيمة.
الاحتقان السياسي
رئيس المؤتمرات الدولية بوزارة الأوقاف فؤاد الصيادي يقول :   إن واقع ذلك المشهد الذي تعيشه كل من سوريا  وليبيا مؤلم ويحز في النفس ونجد أن الوضع في الداخل قد أصيب بحالة  من الاحتقان السياسي الشديد وبات هو الأمر السائد بين كل الكتل وأطراف العمل السياسي ولم يعد ذلك غائباٍ حتى على الأنظار وهو ما يهدد أمن ومستقبل تلك البلدان في شتى نواحي الحياة منها الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والسبب في ذلك أن تلك النخب السياسية لتلك الدول قد خانتهم الفكرة في اتخاذ الخطوة الأهم والأجدى بعد الثورة بتجاهل وإغفال الدعوة الى تحقيق المصالحة الوطنية وعقد حوار جاد يمثل بدوره كل مكونات المجتمع لحل كل القضايا والمشكلات العالقة, موضحاٍ أن ذلك النهج  كان غائباٍ في فترة من الزمن على المشهد السوري المصري في الوقت الذي أدركه أصحاب القرار والساسة في اليمن منذ البداية يقيناٍ منهم بأهمية الحوار في تلك المرحلة الهامة والحساسة ولأنه السبيل الوحيد والأساس السليم لتجاوز كل ما يهدد كيان هذه الدولة والمجتمع من مخاطر الانزلاق نحو الهاوية وغلق كل الأبواب على الأبواق المتسلطة والمخربة والمندسة لدواع داخلية وخارجية وبالعودة لكل ما يجري حالياٍ من أحداث خطيرة لتلك الدول الشقيقة  تنعكس على اليمن  بصورة مباشرة وبنظرة بالغة الدقة من حيث أنه صار يشكل  دافعاٍ قوياٍ لاعتبار الساسة من تلك الأحداث وإنجاح حوارهم واتفاقاتهم الآن في موفمبيك, الحوار الذي ارتضيناه وأنه بالفعل كان الطريق الأمثل من أجل حماية وصيانة مقدرات هذا الوطن وشعبه وعدم الزج به نحو مصير مجهول.
مبادرة وحوار
ومن جهته يقول باسم الحكيمي  – ناشط حقوقي وعضو مؤتمر الحوار الوطني :  عندما نرى مسارات التغيير في سوريا ومصر وتونس واليمن يتضح لنا ان النموذج اليمني كان أفضل النماذج الثورية فقد كانت خارطة الطريق وفق للمبادرة الخليجية مخرج لليمن للتحول إلى النظام الديمقراطي وعكست المبادرة الخليجية أهداف الثورة الشبابية وكانت كلفة إسقاط النظام غير كبيرة,  صحيح أن التغيير وفق المبادرة يتم ببطء لكنه في النهاية سوف يؤسس لدولة مدنية حديثة وصولاٍ إلى مخرجات حوارية ارتضت بها كل الأطراف ووصولاٍ إلى اتفاق السلم والشراكة من دون إقصاء ولا تهميش.
وقال : إن التغيير في المشهد السياسي العربي في سوريا  وتونس وليبيا سوف يعطي دفعة معنوية للقوى السياسية في اليمن لانجاز التغيير والاتفاق عن طريق الحوار فهو قيمة أخلاقية وإنسانية وجسر للتواصل بين الناس ومما ساعد على وقوف المجتمع الدولي مع ثورة الشباب هو موقع اليمن الاستراتجي للعالم كله وبالتالي مهما تغير المشهد السياسي في سوريا ومصر وتونس فإن ذلك لن يؤثر على مجريات الواقع السياسي في اليمن لأن الاستقرار السياسي لليمن يعني استقرار للعالم كله وعدم الاستقرار السياسي لليمن يعني تهديد للسلم الاجتماعي الدولي وهو مالا يرضاه المجتمع الدولي والإقليمي .
الشطرنج العربي
ويوضح جمال الحمادي, إعلامي ومحلل سياسي, أنه لمن نافلة القول أن الأوضاع العربية والإقليمية لا تتبادل الأدوار في التأثر والتأثير بعضها البعض , وأشير هنا إلى ما حدث في الربيع العربي الذي اجتاح المنطقة العربية وكاد يمد نفسه ليخرج عن هذه الدائرة ليصل إلى مساحات أكثر اتساعاٍ  وان كان ما حدث في عقب خروج الشباب إلى الساحات معلنين تدشين الربيع اليمني هنا قد أخذ مساراٍ متناغماٍ مع ما حدث في ساحات مصر وتونس وليبيا من حيث الشكل ومغاير تماماٍ في النتائج, والذي صنع ذلك تغيراٍ في الظرف اليمني وتركيبته السياسية والاجتماعية عن الأوضاع في الدول الأخرى بالإضافة إلى الرعاية الإقليمية والدولية التي حرصت على عدم ترك الأوضاع بأن تصل في هذه البقعة من العالم إلى مسارات مفتوحة, مبيناٍ أن تلك  الدول رأت أن انعكاسات الوضع على اليمن  قد تكون له نتائج لا ترغبها أو تشكل خطراٍ على حساباتها في مجال الأمن القومي أو المصالح الاستراتيجية فكان من الطبيعي أن الأحداث والنتائج في الدول الأخرى من دول الربيع العربي وتبعاتها وتفاعلاتها تبعد اليمن من التأثر المباشر القوي لتلك التي تتفاعل في على الأرض والواقع السياسي في الساحات الأخرى  ويبرز ذلك واضحاٍ في ما تبع من تداعيات الوضع المصري الذي انعكس وكاد يعصف بالأوضاع في دول الربيع العربي في تونس وليبيا أثناء الأيام الأولى من أحداث مصر الذي غيرت من التركيبة السياسية هناك .لكننا في المقابل لا نستطيع أن ننكر التفاعل الذي أحدثته تداعيات الموقف المصري مؤخراٍ لان أغلبية القوى المحركة والفاعلة في حركة الأحداث الأخيرة في مصر لها بشكل أو بآخر ما يناظرها في الواقع السياسي اليمني.
وأضاف : وبالتالي فإن القوى السياسية  في اليمن تظل تحبس أنفاسها وتتقدم في التعامل مع المواضيع المطروحة على طاولة الاتفاق وهي ترقب القوى الأخرى وما تحرزه هناك من نقاط تقدم وتأخر على الواقع السياسي وفي تغيير حركة الأحجار على رقعة الشطرنج المتحركة .ومن الطبيعي فان تلك لأمور الحادثة في تلك الدول سيكون لها أثرها في الممانعة أو القبول بالأوراق الرئيسية التي يتطلب تقديم بعض التنازلات في التعامل معها أو أنها ليست بحاجة إلى تقديمها, مشيراٍ إلى أن هذه الأوضاع ستظل مؤثرة في حدودها المذكورة وحتى اللحظات الأخيرة من الانتهاء من رسم الملامح النهائية لاتفاق القوى السياسية .
استجابة نسبية
ويوضح الدكتور عبدالملك الضرعي, جامعة صنعاء, أن   لكل دولة من دول الوطن العربي المشمولة فيما عرف بالربيع العربي خصوصياتها السياسية والاجتماعية والثقافية ولكل دولة علاقاتها السياسية الخاصة على المستوى الإقليمي والدولي وبالتالي ستكون هناك تأثيرات بين دول الربيع العربي ولكنها محدودة وبالنسبة للمشهد اليمني لن يكون التأثير كبير لأن تصميم آليات الخروج منه تم منذ المبادرة الخليجية والتوقيع عليها ومؤتمر الحوار الوطني  ومخرجاته ومن ثم اتفاق السلم والشراكة وإلى الآن مازالت تجرى اتفاقات وحوارات لتجنيب البلاد من مخاطر الاقتتال والزج بها إلى المجهول.

قد يعجبك ايضا