أكاديميون: على القوى السياسية إدراك أن البلد لم يعد يحتمل سيناريو تتابع الأزمات


● كما هو واضح للعيان أن اليمن ما يبرح الخروج من أزمة سياسية حتى يدخل في أزمة جديدة, وكأنها أزمات تتوالد, وأن الحلول ليست إلا عبارة عن هدنة شبه قصيرة وتمهيد لأزمة سياسية جديدة.. فما هي الأسباب ونتائج وتأثيرات هذه الأزمات على حال وواقع البلد¿

في البداية تحدث المحلل السياسي الأكاديمي بجامعة صنعاء الدكتور علي إسماعيل الحاج قائلا: “أي بلد من البلدان يعاني أزمات سياسية متكررة هو بلد معلول مشلول الحركة يفتقد الصحة والحيوية والنشاط فتكرر الأزمات السياسية وخاصة في بلدان العالم الثالث ومنها بلادنا الذي يفتقد فيها المواطن الواعي والسياسي الإحساس بالمسئولية تجاه وطنه وشعبه فإن هذا سوف يؤثر على جميع جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بل إن توقف حركة البناء والتنمية وتعطل المشاريع هو توقف لنبض الحياة في ذلك البلد وهذا الأمر سوف ينعكس سلبا على الاقتصاد الوطني وتفشي البطالة في المجتمع وهذا بدوره سوف يضاعف من تفاقم أزمة البلد بل الأخطر من هذا وذاك أن الكثير من الشباب العاطل سوف يكون فريسة سهلة للجماعات الإرهابية المتطرفة”.
وأكد الدكتور الحاج أن الفوضى العارمة التي يعيشها اليمن اليوم من المواجهات المسلحة والاغتيالات والاختلالات الأمنية والأزمة الاقتصادية الخانقة ليست إلا نتاجا لارتفاع نسبة البطالة وزيادة الأسعار وانعدام الدخل للفرد والتدهور والتدني المستمر في الخدمات مما ولد انعكاسا طبيعيا للأزمات السياسية المتكررة والمستمرة التي أثرت على واقع الحال في الوطن.
خلف الكرسي
من جانبه يقول المحلل السياسي والكاتب الدكتور يوسف الحاضري: إن الاستقرار يعني الأمان, والأمان يعني الالتزام, والالتزام يعني العمل, والعمل يعني الإنتاج, والإنتاج يؤدي للتنمية, والتنمية تؤدي لاقتصاد وطني قوي ينعكس إيجابا على الأرض والإنسان على حد سواء وبالتالي يؤدي إلى استقرار سياسي .. فأكبر هم وهدف للتطلع والقتال على صناعة القرار السياسي ليس إلا لأجل المال والحياة الكريمة, فالجائع كافر والجوع كفر, ومصطلح الكفر هنا هو التغطية أي تغطية شاملة لبقية الالتزامات الأخلاقية والوطنية والبقاء باللهث خلف السياسة وصناعة القرار لأنه مصدر للرزق كهم أساسي لكل من يسعى خلفه, وسيؤدي أيضاٍ إلى استقرار على جميع الأصعدة, مجتمعيا, واقتصادياٍ وغيرها, والعكس تماما عند المشاكل السياسية والتي تؤدي إلى سقوط جميع مفاصل مقومات الدولة والمجتمع الداخلي فيها, فتتفكك أواصر المجتمع, ويتقلص معدل العمل التجاري والاقتصادي, لأن صاحب رأس المال كما يقال جبان, وعدم الاستقرار يرعبه من منطلق نفسي مبني على بطء نمو ماله وما يصاحبه من التزامات عوضاٍ عن وجود مناطق ودول أخرى ستكون لاستثمار ماله أنسب نفسيا وماديا, فينسحب وتنسحب درجة نمو الاقتصاد للأسفل مع انسحابه وينسحب معدل دخل الفرد للخلف, فيضاف صراع فوق صراعات سياسية, هو صراع الفرد مع مقومات حياته المادية, لتنتقل إلى اللهث خلف ما يعيد معدل دخله لما كان عليه ليغطي أدنى احتياجاته فتكثر الجريمة بشتى أنواعها وتتفتك أواصر تماسك الجهات الأمنية بسبب الجريمة وانسحاب معدل دخلهم ليسقطوا هم أيضاٍ في انسحاب أخلاقهم ويفسدوا, ليختل الأمن ويتخلخل وضع البلد .. كما نشاهده في وطننا الحبيب الذي لم يعرف فترة من الفترات أدنى استقرار سياسي فتراكمت أزماته ونتائجها أزمة فوق أزمة وانهيار يتبع انهيار على جميع الأصعدة .. وهذا يؤكد أن هناك جهات خارجية تسعى لبقائنا في حلقة الأزمات والاختلافات والاقتتال, وكأن اضطراب وضع اليمن فيه حياة لهم.
وحذر الدكتور الحاضري من أننا سنبقى في حال كبير من التدهور والترنح والانهيار على جميع المستويات مادمنا نسعى خلف الكرسي أو ندعم من يسعى خلفه, و”أن خروجنا من هذه الدوامة يتطلب السعي لهذا الوطن ودعم من يسعى لأجل هذا. فاستقرار الوطن استقرار لأبنائه, وخرابه انهيار لسكانه.
آثار كارثية
فيما أكد الأستاذ الدكتور أحمد عبد الملك حميد الدين –أستاذ القانون بجامعة صنعاء- أن الأزمات السياسية المتلاحقة كان وما يزال لها نتائج سلبية وآثاراٍ كارثية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية على البلد بالكامل..
وأكد الدكتور أحمد أن الأزمات السياسية التي شهدها الوطن كانت نتاجاٍ للمعالجة غير القانونية للأزمات المتلاحقة منذ (2011م) بسبب الأسلوب السياسي المقيت القائم على أساس اهتمام السياسيين بترتيب أوضاعهم الخاصة والاستئثار بالثروات والوظيفة العامة في ما بينهم. وأضاف أن هذه الأزمات هي مختلقة من خلال السياسيين أنفسهم حتى التصعيد الأخير من الاستقالات .. وأن الأزمات بحاجة لمعالجات قانونية ودستورية لكي لا يكون لها الأثر السلبي الكبير .. ولكن حينما يتخلى السياسيون عن واجباتهم القانونية فذلك يخلق أزمات ونتائجها غير مرضية في نهاية الأمر.. ويتطلب تدخلاٍ ثورياٍ.

قد يعجبك ايضا