تأخر “حكومة المرتزقة” 15 ساعة يفضح الفساد والغياب المطلق للدفاع المدني
فاجعة العرقوب بأبين.. 17 قتيلاً في لهيب الإهمال المتعمد
اهتزت محافظة أبين ومختلف محافظات اليمن المفجوع على وقع كارثة إنسانية مروعة، تمثلت في احتراق حافلة ركاب في منطقة العرقوب بمديرية شقرة، أودت بحياة 17 شخصاً وإصابة 7 آخرين، لم تكن هذه الفاجعة مجرد حادث، بل أصبحت رمزاً صارخاً لـعمق اللامبالاة والفساد المستشري في أجهزة المليشيات وسلطات المرتزقة الخاضعة لسيطرة الاحتلال السعودي الإماراتي، وقد تضاعف حجم المأساة جراء التأخر غير المبرر والمشين لسلطات المرتزقة التي وصلت إلى موقع الحادث بعد مرور ما يزيد عن 15 ساعة كاملة.
الثورة/ مصطفى المنتصر
كانت الحافلة المنكوبة قادمة من المملكة العربية السعودية باتجاه عدن، وعلى متنها قرابة 24 راكباً غالبيتهم من العمال المغتربين العائدين إلى ذويهم بعد سنوات قضوها في الغربة، يعملون بجهد وعناء لتأمين لقمة العيش لهم وأسرهم على أرض الوطن هذه القصص الإنسانية المروعة هي التي كشفت عن البعد الحقيقي للحادث المؤلم.
أحلام تحترق ..ومآسٍ يندى لها الجبين
تتصدر قصة الشاب سالم أحمد بن أحمد الشبحي المشهد المأساوي. سالم، الذي أمضى خمس سنوات في الغربة يعمل ويدخر المال، كان على موعد مع الاحتفال بزفافه الذي كان مقرراً بعد أيام قليلة من وصوله. كانت عائلته تستعد لاستقباله بالفرح، ليتحول هذا الاستقبال إلى فاجعة وصول جثة متفحمة بدلاً من العريس. هذه القصة بالتحديد عكست قسوة المصير الذي يلاحق اليمنيين في أصعب مراحل حياتهم.
الاحتجاز المميت: صراع يائس مع النيران
كشفت شهادات الناجين القلائل عن تفاصيل مرعبة داخل المركبة، أدت شدة الاصطدام إلى إغلاق الباب الرئيسي للحافلة بشكل محكم، مما حولها إلى مصيدة نيران، لم يتمكن من النجاة سوى خمسة ركاب بأعجوبة، بعد أن خاطروا بحياتهم وقاموا بتحطيم زجاج النوافذ والقفز قبل أن تلتهم النيران الجميع. هذه التفاصيل أكدت أن غالبية الوفيات كانت نتيجة الاحتجاز والاختناق داخل المركبة المغلقة، الأمر الذي كان يمكن تداركه لو توفرت فرق إنقاذ سريعة.
الجثث المجهولة: انتظار مميت للأهالي
نظراً للتفحم الشديد، تم انتشال عدد من الجثث التي لم يتم التعرف على هويتها بشكل فوري، مما دفع الأهالي إلى الدخول في دائرة انتظار قاسية . كما أن المصابين والضحايا ينتمون إلى محافظات يمنية متعددة كـ تعز، يافع، والحديدة، مما يؤكد أن المأساة هي وجع وطني عابر للمناطق.
الفشل الحكومي.. فساد الجبايات وسبات المرتزقة
في مواجهة هذه الكارثة، لم يكن غياب أي دور لحكومة المرتزقة سوى دليل إدانة إضافي حيث كشف التأخير المشين لمدة 15 ساعة من اللامبالاة كارثة مفزعة ضاعفت من وطأت الكارثة التي لحقت بأهالي الضحايا الذين فجعوا بهذا المصاب وحزنوا على مرارة وجحيم ذويهم الذين احرق قلوبهم قبل أجساد أبنائهم المحروقة.
ظل موقع الحادث منكوباً لساعات طويلة دون أي حضور رسمي أو إغاثي يذكر ، تأخر وصول الدفاع المدني وأمن المنطقة التابع لحكومة المرتزقة” إلى 15 ساعة بعد وقوع الحادث، وهو ما أثار سخطاً شعبياً واسعاً، ووصفه المواطنون بأنه “إهمال مشين” و”موقف غير إنساني” يثبت أن أرواح المواطنين لا تمثل أولوية لهذه السلطة الفاسدة .
الغياب التام للدفاع المدني.. الطرقات بلا حماية
أثبتت الفاجعة أن محافظة أبين تفتقر بشكل مطلق لأي وسائل دفاع مدني فعالة أو سيارات إطفاء أو إسعاف مجهزة، هذا الغياب الكارثي ترك المواطنين يواجهون النيران بأنفسهم، وأكد أن هذه المليشيات لم تستفد من المآسي السابقة التي شهدتها طرقات المحافظة وتسببت في حوادث مشابهة لحافلات النقل.
الأمر الذي أثار موجة من الغضب والسخط الشعبي الذي ارتفعت بموجبه الأصوات متسائلة بمرارة عن مصير الجبايات والإتاوات غير القانونية التي يتم تحصيلها بانتظام عبر النقاط غير القانونية من قبل المليشيات الأمنية والعسكرية المنتشرة على الطرق، بما في ذلك مداخل ومخارج المحافظة، الأموال الطائلة التي تجمع يومياً لا يُخصص منها أي جزء لتأمين الطرق، أو شراء معدات إنقاذ، مما يؤكد أن الهدف من هذه النقاط هو الجباية والفساد على حساب أمن وسلامة المواطن.
طريق الموت في ظل سلطة فاشلة
وبحسب شهود عيان تعود الأسباب الأولية للحادث إلى ضغط السائق المفاجئ على الفرامل بعد اصطدامه بباص من نوع فوكسي أثناء النزول الحاد في منطقة العرقوب، مما أدى إلى انقلاب المركبة واشتعالها ، لكن هذه الأسباب التقنية لا تعفي سلطة المرتزقة من مسؤوليتها الجنائية عن تأمين الطرق وتوفير الاستجابة السريعة لاسيما بعد امتناع المليشيات عن فتح الطرقات بعدما قامت حكومة صنعاء بتنفيذ مبادرة أحادية الجانب وفتح الطرقات من جانبها ، إن فاجعة العرقوب هي خير دليل على أن حياة المواطنين في مناطق سيطرة حكومة المرتزقة تركت للقدر والإهمال، بينما تواصل سلطة المرتزقة جني الأموال والعيش في سبات عميق، وكأن أبين تحولت إلى “مقبرة” للمسافرين العائدين من محاولة تأمين لقمة العيش.
