الصحة المدرسية.. عيادات مهملة وأخصائيون غير مؤهلين..!!


تحقيق/ أمل الجندي –

تعاني غالبية مدارس الجمهورية من عدم توفر العيادة المدرسية وفي حالة توفرها في النادر فإنها لا ترتقي للمستوى الشافي لأي إصابة محتملة لأحد الطلاب مما يصعب علينا تسميتها بهذا المسمى.. أما فيما يخص القائمون عليها فإن الخبرة الطبية كأدنى مستوى لمن يقوم بتضميد الجراح غائبة عنهم وهذا ما ينذر بالخطر خاصة وأن احتمال تعرض أحد الطلاب للإصابة أو المرض واردة وما يثير القلق هو تجاهل الجهات المختصة عن هذا الموضوع وكأن الأمر لا يعنيهم.

طلاب يتعرضون لجروح وأمراض تحتاج إلى التدخل السريع من قبل متخصصين أطباء لمعرفة ما يعانون على الأقل كتشخيص أولي وهنا محمد البالغ من العمر 14 عاما في مرحلته الأساسية يقول: أثناء سقوطي من سلم المدرسة تعرضت لجرح عميق في رأسي حينها قامت الأخصائية الاجتماعية بمسح الجرح بالمسحات الطبية الموجودة داخل عيادة المدرسة وعمل قطنة أبودين على منطقة الجرح وربطها بالشاش الطبي ولكن محمد بعد يومين بدأ الألم يشتد في رأسه فقام والده بإسعافه إلى المستشفى ليكتشفوا هناك وجود زجاجة ملوثة داخل الجرح أدت إلى تقيح الجرح وذلك بسبب عدم خبرة الأخصائية داخل المدرسة.
ضحية
أما علي فقد حدث له مغص شديد بسبب الأكل الذي تناوله من بوفية المدرسة لتقوم الأخصائية بإعطائه حبوباٍ مهدئة ظنا منها أنه سيرتاح ولكن دون جدوى فقد اشتد الألم في بطنه وأعطته حبة مهدئة أخرى لكن اعتصاره للألم كان أقوى واستمر ساعتين ونصف على هذا الحال حتى بدأ لونه يتغير وعيونه تتقلب من شدة وجعه حينها تم إسعافه إلى المستشفى ليقرر الأطباء عمل غسيل معدة بسبب التسمم الغذائي الذي أصابه.
وهذا حال كثير من الطلاب والطالبات في بلادنا للأسف الشديد بسبب عدم وجود متخصص ولو طبيب عام في كل مدرسة حيث يشكو أولياء الأمور فيقولون إن الصحة المدرسية مهمة للغاية ليس كلاما أو مجرد سرير وصيدلية مدرسية تضم القليل من الشاش والبرمول وإنما هناك الكثير من الأمراض التي يتعرض لها أطفالنا قد يذهبون ضحية عدم معرفة ما يسمونهم بالأخصائيين الاجتماعيين داخل المدرسة الذين لا يملكون من الإسعافات الأولية ما يغطي عيوبها.
أداء هزيل
عبدالله المكرماني -مدير ثانوية الشهيد محمد إسماعيل أمانة العاصمة مديرية السبعين- قال: إننا في السلك التربوي نعاني معاناة شديدة جراء نقص الصحة المدرسية ليس كأدوات فقط بل في وجود متخصص طبي ونفسي داخل المدرسة حيث لا يوجد أي مرشد طبي ولا يوجد مرشد نفسي مقارنة بما وصل إليه التعليم في البلدان المجاورة ففي بدلنا اقتصر عمل الصحة المدرسية على تعميد واعتماد الإجازات لموظفي التربية فقط ولا يوجد أي تطوير لأداء الصحة المدرسية وتزداد المعاناة أكثر في المناطق الريفية أيضاٍ القائمون على الصحة المدرسية غير مؤهلين بنفس التخصص مما أصبح الأداء هزيلاٍ داخل إدارات الصحة المدرسية.
ويرى أن أمانة العاصمة لديها اهتمام بنسبة 30% لتأثيث بعض المدراس بغرف صحية لكنها ليست على المستوى العالي الذي نطمح إليه وعبر صحيفة الثورة نطالب قيادة أمانة العاصمة وقيادة وزارة التربية بتوفير غرف مجهزة بجميع الأدوات الصحية مع تدريب كادر متكامل للقيام بمهام الصحة المدرسية لأننا في الميدان نواجه كل يوم حوادث مختلفة بين أوساط الطلاب ونعاني كثيراٍ من شحة الإمكانيات داخل مدارسنا.
ونهيب بالجميع التعاون لتوفير ما يمكن توفيره سواء جهات حكومية أو خاصة فالميدان التربوي ينتظر الكثير لما فيه رقي وتطور العملية التعليمية وكل هذا هو مكمل أساسي للنهوض بالتعليم لخلق جيل صحيح قادر على الإبداع لخدمة الوطن.
50 غرفة ولكن!
خالد يوسف سالم الخضمي -مدير مدرسة 22 مايو مدير المركز التعليمي في القوات المسلحة والأمن بمحور تعز- يؤكد أن العيادات المدرسية بالغة الأهمية ولها دور كبير في توعية الطالب بجانب الدور الأساسي لها في تقديم الإسعاف لذلك يرى أنه يجب تكون مادة دارسية يوفر لها جميع المستلزمات الخاصة وبهذا ينتج مجتمعاٍ مثقفاٍ صحياٍ ويصبح سلوكاٍ ممارسة ويجب على المجتمع ككل المطالبة بهذه العيادات ولا يقتصر ذلك على المدارس فقط.
وقال إن وجود الوحدة الصحية داخل المدرسة لها أهمية كبيرة وذلك للإسعاف الأولي مثل الجروح وحالات الإغماء وغيرها المنتشرة بين أوساط الطلاب مثلاٍ في تعز عدد المديريات 23 مديرية وقام مدير الصحة المدرسية بمتابعة غرف صحية متكاملة قد تكون حكومية أو من منظمات وقد وصل العدد إلى 50 غرفة صحية متكاملة -سرير ودولاب وأدوات جراحة وبعض المعالجات- لكن لا يوجد مشرفون صحيون بالتدريب الكافي ومع ذلك فإنه لم يتم تغطية حتى نصف مدارس المدينة وهنا المشكلة مادية حتى أن توفير أدوات الإسعاف الأولية داخل المدارس أكثرها بصورة شخصية من إدارة المدرسة وحسب الإمكانيات لكل إدارة أو في حالة وجد الداعم من شخصية اجتماعية أو تاجر ونحوه.
وأتمنى من الوزارات أن تقرر حصة أسبوعية لكل فصل في هذا المجال كي تكون الفائدة للمنزل عبر تعليم الطلاب.
أسباب تفاقم المشكلة
وتقول بشرى مفضل – مديرة برنامج الصحة المدرسية بوزارة الصحة – إن المشكلة هي شحة الدعم الذي إن وجد فبإمكانه أن يوجه لإيجاد عيادات مدرسية في كل مدرسة وكذا عدم توفر المشرف الصحي الذي إن وجد فلا يتوفر لديه التدريب المناسب بالإضافة إلى عدم توجه للمانحين لدعم أنشطة الصحة المدرسية وإبعاد المشكلة أيضاٍ هو سبب في إهمال الصحة المدرسية وازدواجيتها في الصحة والتربية.
وأوضحت أنه “في برنامج الصحة المدرسية بإمكانياتنا المتواضعة عملنا في هذا المجال وساعدنا بتدريب مشرفين صحيين للمدارس التي نفذت الملف الصحي وننسق مع المنظمات لدعم المدارس بالعيادات ولكن يظل العمل محدوداٍ في ظل عدم وجود استدامة للدعم وفي هذا العام نعمل من أجل دليل المشرف الصحي والذي سيكون المرجع التدريبي.
ونأمل من الحكومة الجديدة أن تولي اهتماماٍ بالصحة المدرسية لأنه موجه لطلبة المدارس الذين يمثلون ثلث السكان وهم جيل المستقبل أما البرنامج فهو يسعى جاهداٍ إلى تحسين الخدمات الصحية المقدمة للمدارس مثل الملف الصحي المدرسي ووزارة الصحة وبرنامج مكافحة الديدان وحملات التحصين والبلهارسيا التي تستهدف طلبة المدارس.

قد يعجبك ايضا